المقالات

المجلس الاعلى وحزب الدعوة .. تحالف وتكاتف ليس ضد احد

1171 18:19:00 2008-06-07

( بقلم : زهراء الحسيني )

لا شك ان الاختلاف بين القوى السياسية والاحزاب حالة طبيعية في سياق التنوع والتعدد البشري والا كيف نتصور الاتفاق والانسجام في كل الافكار والاراء والتصورات في احزاب وقوى متعددة والا لاصبحت هذه الاحزاب حزباً واحداً وحتى الحزب الواحد يستحيل ان يتفق اعضاؤه على كل التصورات والمواقف.

ومن هنا فان المشتركات التي تتفق عليها الاحزاب والقوى ذات المنهج او التوجه الاديولوجي الواحد قد تكون اكثر من نقاط الاختلاف والافتراق. ومهما بلغت درجات التنافس السياسي والاستقطاب الحزبي ذروتها فانها لا تلغي او تخفف من اهمية المشتركات ومواطن الاتفاق.  هناك اوهام مضللة موغلة بالجهل والبساطة تكرس الاختلاف والتباعد بين القوى ؤي والتصادم بين القوى الاسلامية تضر الجميع وتشحن القاعدة الجماهيرية بالاحقاد والكراهية والضغائن وتسهم في اضعاف وتساقط الكثير من عناصر الاحزاب المتناحرة.

تجربة افغانستان كانت الاوضح في تحول رفاق الجهاد والمواجهة ضد الاحتلال السوفياتي السابق الى اعداء متقاتلين اساءوا الى سمعة الجهاد والمقاومة وقادهم جنون السلطة الى شراذم متناحرة على السلطة والمغانم الامر الذي مهد المناخات المناسبة لدخول طالبان العاصمة الافغانية واسقاط المدن خلال ايام معدودة اطاحت بالقوى السياسية والوطنية التي جاهدت في خندق واحد واستطاعت قهر الاحتلال السوفياتي وهزيمته لكنها فشلت بالاحتفاظ بالنصر والتوحد والتفاهم بين قواها فانهارت امام تقدم حركة طالبان.

المجلس الاعلى وحزب الدعوة جناح المالكي وصلا الى قناعات مشتركة وتفاهمات مصيرية ادركا الفصيلين اهمية التفاهم والانسجام بدلاً من التقاطع والانفصام. هناك حقائق ومفارقات اثبتها الواقع العراقي الجديد وتطورات الاحداث نشير الى اهمها:

اولاً: رغم المنافسة الشديدة على رئاسة الوزراء داخل الائتلاف العراقي الموحد بين المجلس الاعلى وحزب الدعوة ومرشحيهما المهمين هما الدكتور عادل عبد المهدي والدكتور ابراهيم الجعفري ورغم اختلاف القوى والكيانات السياسية على مرشح الائتلاف العراقي الموحد الدكتور الجعفري الذي حشد بعض عناصر الائتلاف من الاخوة الصدريين عبر تهديداتهم لاعضاء الائتلاف من النساء وبعض الضعفاء من اجل منح اصواتهم للجعفري في عملية التصويت داخل الائتلاف الا ان تفهم المجلس الاعلى وحرصه على وحدة الائتلاف انجح عملية الترشيح بالطريقة التي تمت من خلال ترشيح شخص اخر هو السيد نوري المالكي كمرشح للائتلاف العراقي لرئاسة الوزراء.

ثانياً: استطاع المجلس الاعلى وحزب الدعوة من تجاوز عقبة رفض الدكتور ابراهيم الجعفري وانقاذ الحكومة والعملية السياسية من الاهتزاز والارباك من خلال وضع قواعد واسس للتفاهم وتشكيل الحكومة ضمن مقاسات وحسابات دقيقة عبر توزيع المناصب والحقائب الوزارية.

ثالثاً: لم يطرح المجلس الاعلى مرشحه الرئيسي الدكتور عادل عبد المهدي بعد تنحية الدكتور ابراهيم الجعفري ولم يصر عليه رغم كفاءته وقدرته وتمتعه باحترام واهتمام دولي ومحلي ونيابي، بل وافق على المرشح الثاني وهو السيد نوري المالكي وان لم يكن منافساً في عملية التصويت من جهة كذلك وان كانت السياقات القانونية الطبيعية تجيز ترشيح عبد المهدي بالضرورة ونتيجة طبيعية لرفض الجعفري.

رابعاً: حاولت قوى سياسية نيابية اضعاف الحكومة واسقاطها من الداخل لولا وقوف المجلس الاعلى بقوة مع المالكي ومحاولات اقناع التحالف الكردستاني بالوقوف في الصف المطالب بحجب الثقة بحكومة المالكي فاستطاع المجلس الاعلى تقويت فرصة اسقاط المالكي عبر تحالفاته القديمة الجديدة وتأثيراته على التحالف الكردستاني.

خامساً: السيد الحكيم دعم المالكي بقوة ووقف معه في صولة الفرسان ولن يتركه في مواجهة المزايدين والمرجفين بينما الدكتور الجعفري وقف ضد المالكي وحاول الاصطفاف مع اعدائه من العصابات الخارجة على القانون.

سادساً: كان المالكي وبتأثيرات مستشاريه ومقربيه من المتأثرين يتصور بان مواجهة العصابات الخارجة على القانون سيفتح المجال للمجلس الاعلى للتمدد والنفوذ من جهة وفقدانه اهم انصاره وحلفائه الصدريين من جهة ثانية وهذه الاوهام ضللت المالكي كثيراً فكان لم يتدخل في كل التجاوزات والانتهاكات التي ارتبكتها العصابات الخارجة على القانون الامر الذي ادى الى استحكام هذه العصابات وهيمنتها على كل مفاصل الحكومة وادوارها ولكن موقفه الاخير في صولة الفرسان وان كان لم يستهدف اساساً الصدريين بل لديه 200 هدف حاول اتمامها لكن جنون وحماقة العصابات الخارجة على القانون اعلنت حرباً على الاجهزة الامنية وانتهى الامر الى ان تؤدي هذه المواجهة الى نتائج ايجابية بخلاف ما كان يتوهمه مستشاروه ومقربوه. التحالف الجديد وان كان في بدايته لكنه سيغلق الطريق امام المزايدين والمرجفين الذي يحاولون اضعاف المجلس الاعلى وحزب الدعوة كالتيار الاصلاحي الجعفري الجديد الذي بدا مزايداً مزيفاً خادعاً البسطاء بالايحاء لهم بانه المنقذ.

سابعاً: قد يتوهم بعض المراقبين السياسيين او المحللين بان هذا التحالف الجديد هو جاء وفق قاعدة"عدو عدو صديقي" او انه جاء نتيجة وقوف التيار الصدري ضد هذين التشكيلين الكبيرين وقد التقيا ليس حباً لبعضهما بل بغضاً للتيار الصدري.

هذا الكلام غير صحيح وهو يستبطن التفكير بعقلية نظرية المؤامرة او العقول المشحونة بالاوهام والخرافات.لان المجلس الاعلى اساساً يفرق بشكل كبير بين التيار الصدري التيار الفاعل في العملية السياسية ولديه قيادات تؤمن بالعمل الديمقراطي وجزء من البرلمان وبين ميليشيا مسلحة تؤمن بالتهديد والقهر والابتزاز والخطف والاغتيال. كذلك حزب الدعوة يؤمن بنفس ما يؤمن به المجلس الاعلى والتفريق الواعي بين التيار الصدري وبين عصابات خارجة على القانون.

وهذا التقارب الجديد بين المجلس الاعلى والدعوة لم يأت بعد احداث البصرة ومدينة الصدر والموصل بل كان منذ زمن بعيد بل منذ تشكيل الائتلاف العراقي الموحد والاتفاق الرباعي بينهما وبين الحزبين الكبيرين في اقليم كردستان هو الدليل البارز على ما نريد تأكيده. والمجلس الاعلى وحزب الدعوة لم يستبعدا التيار الصدري من الائتلاف بل هو الذي اعلن انسحابه بطوع ارادته ورغبته.

ويمكن الاشارة العابرة الى قضية جديرة بالتذكير ان الشعب العراقي بدأ يعي بوضوح القوى المعتدلة التي تؤمن بالانسان والخيار الديمقراطي للوصول الى اهدافها والقوى التي تمتلك مصداقية وواقعية وتمتلك رصيداً كبيراً من التضحيات في العهد البائد ولها حضور واع في العراق الجديد وبين القوى السياسية التي تؤمن بالعنف والخطف والتطرف والاغتيال والاستحواذ على المقاولات وابتزاز التجار والمواطنين بالتهديد والقتل من اجل فرض ارادتهم وقناعاتهم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك