( بقلم : محمود الربيعي )
كيف يكون عذاب ابليس في النارمقدمةفي هذه الحلقة سنتناول مصير العصاة من الجن والانس، كما نتعرض الى عملية خلق الانسان، وكيف يمكن للنار ان تعذب الجن مع ان الجن قد خلق من النار بحسب ايات الذكر الحكيم.ولابد لنا ان نقول ان موت ابليس وعذابه وموت جنده من الشياطين سوف لن يقتصر على يد المهدي عليه السلام والصالحين وانما عذاب ينتظرهم في الاخرة حيث النار مثواهم في جهنم وبئس المصير.......................................................................................جهنم تتسع لعصاة الجن والانسلقد وعد الله سبحانه وتعالى ان ينتقم من كل جبار عنيد يرى الحق ويسمعه وله عقل يعمل لكنه عطل كل ماوهبه الله له ليهديه واختار ان يكون خصما لله ولانبياءه ورسله واولياءه الصالحين ، وكان حقا على الله ان يدخلهم مدخلهم، وليعذبهم العذاب الشديد على ارتكبواه من الجرائم وما اتكبوه من المعاصي والعصيان........................................................................................" ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم اذان لا يسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون " سورة الأعراف - سورة 7 - آية 179.في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام): في قوله: «لهم قلوب لا يفقهون بها» يقول: طبع الله عليها فلا تعقل «و لهم أعين» عليها غطاء عن الهدى «لا يبصرون بها - و لهم آذان لا يسمعون بها» أي جعل في آذانهم وقرا فلن يسمعوا الهدى.خلق الانسان وخلق الجن وكيف يعذب كل منهمالقد اوضح ائمة اهل البيت عليهم السلام وحسب الروايات المروية عنهم عليهم السلام بان التراب يؤذي التراب والنار تؤذي النار وقد ضربوا على ذلك مثلا حيث ان الانسان خلق من تراب وعند ضرب الانسان بالحجارة فانه يتالم وعلى نفس المبدا فالنار تعذب الجن الذي خلق من النار............................................................................" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ " سورة الحجر - سورة 15 - آية 26.قوله تعالى: «و لقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون» قال الراغب في المفردات: أصل الصلصال تردد الصوت من الشيء اليابس و منه قيل: صل المسمار و سمي الطين الجاف صلصالا، قال تعالى: «من صلصال كالفخار» «من صلصال من حمإ مسنون» و الصلصلة بقية ماء سميت بذلك لحكاية صوت تحركه في المزادة و قيل: الصلصال المنتن من الطين من قولهم: صل اللحم.و قال: و الحمأة و الحمأ طين أسود منتن، و قال: و قوله: من حمإ مسنون قيل: متغير و قوله: لم يتسنه معناه لم يتغير و الهاء للاستراحة.. انتهى.و قوله: «و لقد خلقنا الإنسان» إلخ المراد به بدء خلقة الإنسان بدليل قوله: «و بدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين»: الم السجدة: 8، فهو إخبار عن خلقة النوع و ظهوره في الأرض فإن خلق أول من خلق منهم و منه خلق الباقي خلق الجميع.قال في مجمع البيان: و أصل آدم كان من تراب و ذلك قوله: «خلقه من تراب» ثم جعل التراب طينا و ذلك قوله: «و خلقته من طين» ثم ترك ذلك الطين حتى تغير و استرخى و ذلك قوله: «من حمإ مسنون» ثم ترك حتى جف و ذلك قوله: «من صلصال» فهذه الأقوال لا تناقض فيها إذ هي إخبار عن حالاته المختلفة.. انتهى. " الميزان في تفسير القران " للعلامة الطباطبائي.النار تعذب الجنفالنار تعذب النار كما ان التراب يعذب التراب كما ذكرنا طبقا لروايات اهل البيت عليهم السلام حيث بينوا ان الحجر واصله التراب يؤذي الانسان الذي خلق من التراب ايضا.. فالانسان اصله من التراب ويعود الى التراب بعد الموت، وكذلك تفعل النار في النار حيث تعذب النار الجن المخلوقين من النار ايضا.............................................................................................." والجان خلقناه من قبل من نار السموم " سورة الحجر - سورة 15 - آية 27.قوله تعالى: «و الجان خلقناه من قبل من نار السموم» قال الراغب: السموم الريح الحارة تؤثر تأثير السم.. انتهى.و أصل الجن الستر و هو معنى سار في جميع ما اشتق منه كالجن و المجنة و الجنة و الجنين و الجنان بالفتح و جن عليه الليل و غير ذلك.و الجن طائفة من الموجودات مستورة بالطبع عن حواسنا ذات شعور و إرادة تكرر في القرآن الكريم ذكرهم و نسب إليهم أعمال عجيبة و حركات سريعة كما في قصص سليمان (عليه السلام) و هم مكلفون و يعيشون و يموتون و يحشرون تدل على ذلك كله آيات كثيرة متفرقة في كلامه تعالى.و أما الجان فهل هو الجن بعينه أو هو أبو الجن كما أن آدم (عليه السلام) أبو البشر كما عن ابن عباس أو هو إبليس نفسه كما عن الحسن أو الجان نسل إبليس من الجن أو هو نوع من الجن كما ذكره الراغب؟ أقوال مختلفة لا دليل على أكثرها.و الذي يهدي إليه التدبر في كلامه تعالى أنه قابل في هاتين الآيتين الإنسان بالجان فجعلهما نوعين اثنين لا يخلوان عن نوع من الارتباط في خلقتهما، و نظير ذلك قوله: «خلق الإنسان من صلصال كالفخار و خلق الجان من مارج من نار»: الرحمن: 15.و لا يخلو سياق ما نحن فيه من الآيات من دلالة على أن إبليس كان جانا و إلا لغا قوله: «و الجان خلقناه من قبل» إلخ، و قد قال تعالى في موضع آخر من كلامه في إبليس: «كان من الجن ففسق عن أمر ربه»: الكهف: 50، فأفاد أن هذا الجان المذكور هو الجن نفسه أو هو نوع من أنواع الجن ثم ترك سبحانه في سائر كلامه ذكر الجان من أصله و لم يذكر إلا الجن حتى في موارد يعم الكلام فيها إبليس و قبيله كقوله تعالى: «شياطين الإنس و الجن»: الأنعام: 112، و قوله: «و حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن و الإنس»: حم السجدة: 25، و قوله: «سنفرغ لكم أيها الثقلان - إلى أن قال - يا معشر الجن و الإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات و الأرض فانفذوا»: الرحمن: 33.و ظاهر هذه الآيات من جهة المقابلة الواقعة فيها بين الإنسان و الجان تارة و بين الإنس و الجن أخرى أن الجن و الجان واحد و إن اختلف التعبير.و ظاهر المقابلة بين قوله: «و لقد خلقنا الإنسان» إلخ، و قوله: «و الجان خلقناه من قبل» إلخ أن خلق الجان من نار السموم المراد به الخلق الابتدائي و بدء ظهور النوع كخلق الإنسان من صلصال، و هل كان استمرار الخلقة في أفراد الجان المستتبع لبقاء النوع على سنة الخلق الأول من نار السموم بخلاف الإنسان حيث بدىء خلقه من تراب ثم استمر بالنطفة كلامه سبحانه خال عن بيانه ظاهرا غير ما في بعض كلامه من نسبة الذرية إلى إبليس كما قال: «أ فتتخذونه و ذريته أولياء من دوني»: الكهف: 50، و نسبة الموت إليهم كما في قوله: «قد خلت من قبلهم من الجن و الإنس»: حم السجدة: 25، و المألوف من نوع فيه ذرية و موت هو التناسل و الكلام بعد في هذا التناسل هل هو بسفاد كسفاد نوع من الحيوان أو بغير ذلك؟.و قوله: «خلقناه من قبل» مقطوع الإضافة أي من قبل خلق الإنسان و القرينة هي المقابلة بين الخلقين.و عد مبدإ خلق الجان في الآية هو نار السموم لا ينافي ما في سورة الرحمن من عده مارجا من نار أي لهيبا مختلطا بدخان فإن الآيتين تلخصان أن مبدأ خلقه ريح سموم اشتعلت فكانت مارج نار.فمعنى الآيتين: أقسم لقد بدأنا خلق النوع الإنسان من طين قد جف بعد أن كان سائلا متغيرا منتنا و نوع الجان بدأنا خلقه من ريح حارة حادة اشتعلت فصارت نارا.. انتهى " الميزان في تفسير القران للعلامة محمد حسين الطباطبائي ".المصادر
الميزان في تفسير القران للعلامة محمد حسين الطباطبائي.
مجمع البيان في تفسير القران للطبرسي.
موقع السراج في الطريق الى الله لتدقيق الايات القرانية الكريمة
www.alseraj.net
https://telegram.me/buratha