( بقلم : د.واثق الزبيدي )
ان من يدخل مدينة الصدر اليوم ستدهشه تلك المدينة التي جعل منها جيش المهدي ساحة لحربه مع الجميع فبعد ان ذهبت غربانهم السود دخلت افواج الخدمات الحكومية لتنظف ازبال الصدريين وترفع جثث المغدورين من شوارعها والسدة التي كانت مقبرة المغدورين صارت اليوم محل من محلات النزهة بعد تنظيفها وبعد ان فر قادة القتل منها بعد ان احالوها خرابا صارت المدينة اليوم مدينة اخرى وحاضرة من حواضر بغداد من جديد فسيارات البضائع التي كانت تخشى دخول مدينة الصدر حتى لايستلب عرقهم بالاتاوات وحتى لا تقطع لهم وصولات مكتب الصدرين اصبحت اليوم تمخر عباب هذه المدينة وتبعث فيها الروح والحياة وصارت التجارة التي تعتمد عليها محلات واهل هذه المدينة عامرة بفضل اصحاب المروءة الذين انتشلوا المدينة بصولة الفرسان الثانية ومناطق بغداد التي كانت تغذيها جميلة بالهاونات عادت لتستبدل لغة الهاونات بالبضائع لتقلل من صخب الاسعار التي ارتفعت اثناء اسر المدينة من قبل خفافيش الرذيلة فمن يدخل المدينة اليوم يشاهد مالم يشاهده منذ اكثر من اربعين عاما خمس وثلاثون منها قضاها اهالي المدينة معذبين مقطعين من قبل البعث الصدامي وخمس سنوات اخرى محبوسون بالقمع البعثي الصدري واعتقد ان الاوان قد حان لينعم اهالي هذه المدينة بكل ما هو حي لانها مدينة تعودت الحياة كلما خرجت من انقاض الموت الذي اجتاحها وحولها رمادا ولتنفض عن نفسها ادران الماضي البعيد القريب البعثي في شقيه .
اليوم المدينة صارت شيئا اخر فالناس يدخلون ويخرجون غير خائفين من القناصين الذين كانوا يتخذون من الاسطح العالية والخرائب اوكار لهم وصار الناس من حقهم ان يتكلموا وينقدوا ويختاروا الحزب الذي يريدون والحركة التي يشتاقون وحتى صار لهم الحق ان يكونوا مستقلين بعد ان كانوا مجبرين على ان يكونوا صدريين بالقوة واعطت قوات الامن للناس الامان ليتحركوا كما يريدون وان لازال هناك بعض المنغصات وان كانت القوات العسكرية تسيطر بشكل شبه كامل لكن الحياة بدأت تعود والخطوة الاخرى هي عودة المهجرين للمدينة بعد ان نزحوا بفعل القتل اليومي الذي كانوا يعيشونه ويذوقونه من اعداء الحياة وعندما اتذكر المهجرين اتذكر معهم اقربائي الذين هجروا المدينة خوفا من عصابات جيش المهدي عندما وضع الصدريون عبوة ناسفة كادت تؤدي بهم لولا حفظ الله الى مقابر النجف الاشرف او حتى قد لايحصلون على قبر ان ضاعوا تحت انقاض بيتهم كما فعل بجيرانهم وهذا لانهم لم يضعوا صورة زعيم الصدريين على بابهم ولانهم ذهبوا الى دوائرهم لخدمة العراق ولم ينصاعوا للعصيان الذي امرت به الوية جيش المهدي لمقاطعة الحكومة .
اليوم عاودت امانة العاصمة لتنظيف المدينة وتشجيرها كما بدأت وزارات تدخل المدينة لتصلح خرابها وبدأت مقاهي المينة وكازينوهاتها ومطاعمها تشم نسائم الناس وتتسامر مع احاديثهم وعادت اعمدة الكهرباء للانارة بعد ان استخدمها الصدريون حواجز يأسرون بها الناس واسلاكها مشانق شنق عليها الكثير من الابرياء او قيد بها الكثير من الاحرار لانهم رفضوا ان يكونوا بعثيون صدريون وصار للناس ان تنتقد بعدما كان النقد مسموحا لطرف واحد وصار للناس ان تختار بعد ان كان الاختيار محصور بقادة المليشيات وسلاحهم المقيت انها مدينة الثورة او الصدر عادت من جديد وبقي ان تصير مدينة الاحرار بعد ان كانت مدينة المعتقلين والخائفين والمقتولين
https://telegram.me/buratha