( بقلم : عواد عباس الموسوي )
لم يكن مفاجئا بالنسبة لي أن يصل الإجرام بالمجاميع الخارجة عن القانون إلى حد القيام بتفجيرات من النوع الذي يُبرّر بنظرية الترس التي أبتدعها المقبور الزرقاوي حيث حلل قتل الأبرياء بحجة ضرب الكفار و المرتدين و المحتلين و المتعاونين مع الاحتلال .. الخ . وقد سبق أن عرضنا في مقالة قبل حوالي شهر و طبقا لمعلومات حصلنا عليها بجهد شخصي تؤكد أن المرحلة القادمة لتلك المجاميع هي القيام بعمليات الاغتيال و التصفية للضباط و المراتب و بعض كوادر الأحزاب ، و خلفية الاستهداف تأتي من أن هؤلاء كان لهم دور في المعارك الأخيرة التي دارت رحاها في مدينة الصدر .
جاء تفجير الشاحنة المفخخة التي استهدفت منزل العميد ناظم تايه مدير الدوريات في نجدة بغداد لتؤكد على نمط جديد من أساليب الإجرام تسير بموجبه المليشيات الخارجة عن القانون على وفق ما سارت عليه القاعدة الملعونة لتوقع عشرات الضحايا الأبرياء و تهدم منازلهم و تدمر ممتلكاتهم لأجل تصفية شخص واحد ترى مشروعية اغتياله من وحي فكرها المنحرف و نزعة إجرامها المتأصلة في نفوس عناصرها و رغبتها المحمومة في الثأر الجاهلي كي تطفئ شيئا من نار الشعور القاتل بهزيمتها و تهاوي سطوتها بعد نجاح الأجهزة الأمنية في فرض سيطرتها على المناطق التي كانت خارج سيطرة القانون . إن كل المؤشرات تسير إلى تورط هذه المجاميع في حادثة منطقة الشعب و رغم أن المصادر العسكرية الأمريكية ادعت أن انفجار الشاحنة في ذات المنطقة التي انفجرت فيها كان قد وقع بسبب الخطأ و كان المستهدف هو مخفر أمني يبعد 700 ياردة عن مكان الانفجار مبررة ذلك بحجة قد لا تبدو مقنعة وهي حسب المقدم ستيف ستوفر إن رجال المليشيات لا يضحون بتلك الصواريخ التي فجروها عبثا ! فيما أشارت المصادر العراقية إلى أن الانفجار كان مقصودا و استهدف منزل الضابط المذكور ، و على أية حال فالجهتين الأمريكية و العراقية أجمعتا على أن مليشيات جيش المهدي و تحديدا المجاميع الخاصة من هذه المليشيا هي التي قامت بتفجير تلك الشاحنة التي أزهقت أرواح 18 بريئا و جرحت 58 آخرين و أدت إلى هدم عدد من المنازل و حرق الكثير من السيارات العائدة للمواطنين . اللافت انه في نفس هذا اليوم تم اغتيال الضابط ظافر غانم الذي يعمل في وزارة الداخلية برتبة عقيد في منطقة زيونة شرقي بغداد وهو ما يقع في سياق حملة مسعورة ضد الضباط و القادة و منتسبي الأجهزة الأمنية تنفذها خلايا الاغتيال التي خرجت من مدينة الصدر قبل دخول القوات العسكرية إليها . و ما يلفت أكثر إلى الأسلوب الجديد الذي تتبعه المليشيات الصدرية و المشابهة تماما لأساليب القاعدة الهمجية هو ما حدث في مدينة الناصرية جنوب العراق حيث تم في نفس اليوم تفجير سيارة مفخخة لأول مرد بعد الحادثة المشهورة ضد مقر القوات الايطالية نهاية عام 2003 ، و انفجرت السيارة بالقرب من مقر فوج المهمات الذي كان ولا يزال له الدور الأبرز في مواجهة المليشيات و اعتقال كبار المسئولين عن عمليات زعزعة الأمن و الاستقرار في المحافظة و هو ما جاء متزامنا مع حوادث منطقة الشعب و الانفجار المروّع فيها .
دون شك ستستمر هذه العمليات الإجرامية معيدة للذاكرة عمليات القاعدة المهزومة و يتوقع الكثير من الأبرياء من المواطنين الشيعة تحديدا و الذي يبدو أن قدرهم هو أن يدفعوا ضريبة حماقات و فظائع القاعدة تارة و جيش المهدي تارة أخرى ، الأمر الذي يوجب على المواطنين التعاون التام مع الأجهزة الأمنية و التبليغ عن العناصر المشبوهة كما أسهموا من قبل في محاربة القاعدة و عناصرها الإرهابية بتزويد الجهات المختصة بالمعلومات المتوفرة لديهم و إظهار أكبر قدر من الوحدة و رص الصفوف بوجه المجبولين على القتل و الجريمة و إراقة الدماء دون وازع من خلق أو ضمير أو خوف من الله ..
https://telegram.me/buratha