( بقلم : محمد الغالبي )
دفع شعبنا ومايزال يدفع ثمن التغيير دماءاً غالية من خيرة ابناءه، شعباً وقوات مسلحة ، لا يدنو عنه مرتبةً الدم الابيض الذي يتصبب من جبين الشرفاء الحريصون على الحفاظ على المكتسبات التي تحققت بفضل تلك الدماء الطاهرة. أراملُ ثكلى واطفالٌ يتامى وبنى مُدمرة وآلآمٌ تعصر كل لحظة قلوب امهات وآباء على ابناء مُهجرين.تلك الدماء وهذه الأحرار واليتامى وشيبات الآباء والامهات والعيون التي اختلطت مقلاتها بحمرة السهر ودمع الاسى ورفات اجساد الذين مزقتهم السيارات المفخخة هي الآن تحت اقدام دكتاتوريات تسللت الى بعض مؤسساتنا مستغلةً روح التسامح والديمقراطية والمساوات والمصالحة وتطبيق القوانين، بل احتلت مناصب والاحرى عادت لاحتلال مناصب قيادية في تلك المؤسسات لتضع اقدامها فوق رؤوس الذين دفعوا بعزيز ما لديهم لتحريرها من براثن الدكتاتورية الصدامية الفاشية البغيضة. والأمَرُ من ذلك ان أولئك المتسللين من بقايا الدكتاتورية البائدة استفادوا من قانون الخدمة المدنية ولم يكتفوا (بالعودة) الى وظائفهم بل أزاحوا المناضلين من مواقعهم القيادية و وضعوا فيها بعض فتات دكتاتوريتهم الميتة لعلها تنمو وتنتشرمن جديد انتشار السرطان في جسد الأمة العراقية. وبعد خمس سنين اما من السبات الحذر او العمل على اجهاض التجربة الحرة الجديدة في العراق، خرجوا علينا خروج آكلي لحوم البشروبدؤا ينهشون في لحوم الشرفاء.
فترى أحدهم ما ان يعود الى عمله واكتساب درجته (الصدامية) الوظيفية قبل التغيير ، حتى يطالب ويعمل على تولي منصب قيادي بحجة مدة خدمته السابقة، والتي كانت دون شك ليست لوطنه بل لخدمة آربابه المقبورين، فاذا تولى ظلم، وتغطرس واطبق على عقول المتحررين واتى بمن على شاكلته على أمرهم لعيثوا في المؤسسات الفساد ويتحكموا بمصير العباد.
الذين خدموا بلدهم لهم حق والقانون يكفل ويحفظ حقهم هذا، اما بالاستمرار باداء اعمالهم ومزاولتهم الخدمة العامة وقبض مرتابتهم وفق خدمتهم التي يحددها القانون او طلبهم الاحالة على التقاعد. والدولة قامت فعلاً ومنذ الايام الاولى للتغيير بصرف مرتباتهم واعطاء الخيار لبعضهم اما الاستمرار بمزاولة الخدمة او الاحالة على التقاعد وبرواتب اكثر من مجزية، فلعلهم لا ينكرون الفارق الكبير بين مستويات الرواتب التي كانوا يتقاضونها ايام الظلم والرواتب التي يتقاضونها اليوم.
ولكن الحيف بل هو الظلم بعينه ان يطمع بعض من (عادوا) بما سبق وما لحق، وان يحرموا المحرومين في زمن الدكتاتورية البائدة ويزيدونهم حرماناً، بل ينتزعوا منهم ما اكتسبوه بدماءهم وعرق جبينهم وتحديهم ونضالهم ودفعوا ثمنه سنين شبابهم. إلم يعلموا انهم انما عادوا وقد وجدوا مؤسسات ووجدوا مكاتب وكراس وانظمة ولوائح وقوانيينِ لم يكن ايجادها بالامر الهين بل كانت نتاج نضال وسهر وتحدِ ونقاشات ومحاورات وجدالات ومباحثات ودخول دورات تطويرية داخلية وخارجية كلفت الدولة الكثير والاستعانة بالخبراء والخبرات وتطوير المهارات واعداد القيادات.
ان الذين تولوا المهمة منذ اليوم الاول لسقوط صنم الطاغية، مهمة بناء مؤسسات بلدهم الجديد على اسس علمية وبالطرق التحررية الديمقراطية الشفافة وتعرضوا لما تعرضوا اليه من تهديد مباشر لحياتهم وحياة عوائلهم واصابهم من الجوع والخوف ونقص في الثمرات والانفس وتوكلوا على الله وكان دافعهم ونصب اعينهم العراق، هم الآن تحت رحمة الذين عادوا بعد اختباء طال في زمنه حتى زمن اختباء اربابهم في جحورهم ليتحكموا بمصائرهم وارزاقهم وارزاق عوائلهم وكانها (العودة) الى زمن الظلم والاستحواذ على مصائر الشعوب. ولكن هيهات لشعبِ قد ( شق الكفن ) كما يقول المثل العراقي، هيهات منه الذلة بعد اليوم، اليوم الذي يحكم فيه الشرفاء وتكون فيه العدالة اساس المعاملة والقانون هو مايخدم الناس وليس قانون الطغاة فنحن القانون ونحن من نصنعه ولتكن الكفاءة والمقدرة على التميز والانتاج ونصرة العراقيين هي المعيار في قيادة المؤسسات الحكومية وليست المعايير التي وضعها مصاصوا دماء الشعوب. والله ولي التوفيق.
محمد الغالبي
https://telegram.me/buratha