المقالات

مسودة أميركا الأولى للاتفاقية الأمنية تُظْهِرْ حقيقة نواياها!

1399 14:02:00 2008-06-03

( بقلم : عماد الاخرس )

لم يهدأ بالى منذ اليوم الأول للاحتلال .. خمس سنوات من دوامة التفكير والتساؤل المستمر مع النفس.. لماذا جاءت أميركا إلى العراق وما هي الشروط التي ستفرضها لكي تُغادِرَه ؟ وبعد ساعات من الحيرة والتفكير أجد أجابه للشطر الأول من السؤال.. بان العراق بلد غنى تحتضن أرضه النفط والكثير من الموارد الأولية وأميركا بلد رأسمالي ساستها لاتهمهم سوى الاقتصاد والأرباح وهذا يعنى البحث عن ثروات الشعوب في كل بقاع الأرض ومحاولة استنزافها أو وضع اليد عليها .. وبصراحة كنت دوماً أجد نفسي مضطرا لإهمال إجابة الشطر الثاني من السؤال لأنها تُرْهِقُ تفكيري بلا جدوى.. أما الآن فلا مفر من الأجابه عليه بعد أن بدأت الحكومة العراقية صراعها المعلن من اجل إنهاء الاحتلال ومحاولة إخراج أميركا وقواتها.. ولغرض تحقيق ذلك تم البدء بالتفاوض لعقد اتفاقيه أمنيه بديله بين البلدين وهذا ما سيتناوله مقالي الجاري.

لقد تناقلت مؤخرا وسائل الإعلام المختلفة بنود المسودة الأولى للاتفاقية العراقية - الأميركية طويلة الأمد والتي تعتبر الخاتمة لمرحلة الاحتلال وبدء مرحلة جديدة .. وعذرا فلا استطيع تسميتها أكثر من مرحلة ما بعد الاحتلال وهذا يعتمد على قراءتنا للنسخة الأخيرة من الاتفاقية بعد المصادقة عليها .

ومن القراءة الأولى لنص المسودة يلاحظ مساس البعض من بنودها بالسيادة الوطنية وكرامة الإنسان العراقي ومنها.. إقامة 400 قاعدة عسكريه وإدخال معدات بدون رقابة الحكومة العراقية.. منح الجنود الأمريكان حصانه كاملة ومنع القضاء من ملاحقتهم .. حق محاكمة العراقيين متى شاءوا..الخ.لذا يمكن الحكم عليها بأنها.. أولا.. تضمن السيادة الأميركية على العراق كله وهذا يعنى إلغاء السيادة العراقية .. وثانيا .. إن هذه الاتفاقية لن تشابه اتفاقيات التعاون التي تعقد بين الدول وعلى كافة المستويات كأن تكون أمنيه أو اقتصاديه أو ثقافيه بل إن أهدافها تتعدى هذا الشكل من التعاون وتعطى الحق لأميركا بالتدخل في سياسة البلد وبالنتيجة فإنها لم تكن سوى وصاية أو استعمار حديث ليكون العراق ولاية تابعه لأميركا و تصبح هي شرطيا ومصدر تهديد للكثير من دول العالم!ولكي لا يساء فهمي أقولها بصراحة نحن بحاجه إلى هذا التحالف مع الدول المتقدمة وخصوصا دوله مثل أميركا على أن يضمن السيادة العراقية وان يتم بناءه بين دولتين ذات سيادة أي دولتي العراق وأميركا وليس بين دولة احتلال قويه وأخرى ضعيفة مُحْتَلَه لما في ذلك من تأثير سلبي على سير لغة التفاوض .إن قراءة المواطن العراقي للبنود تدفعه لتوجيه هذه الأسئلة إلى ساسة أميركا .. أبدأها .. أليس من المُضحِك أن تفرض دولتكم المعروفة بنموذجها الديمقراطي المتميز في السياسة العالمية مثل هذه الشروط بالتعامل مع الدول وخصوصا مع دوله ذات سيادة وكيان وبلد عريق أُنشأت على أرضه ستة حضارات ووُجِدَ وشُرِعَتْ قوانينه قبل أن تُخْلَقْ أميركا؟ الم يكن صياغة وفرض مثل هذه الشروط قمة الاستهتار بحقوق الشعوب ووسيلة لاستعبادها ومساسا فاضحا باستقلالها وكرامتها ؟ هل نسيتم إنكم تعيشون في القرن الواحد والعشرين والذي أصبحت فيه حقوق دستوريه حتى للحيوانات؟ ألا تُدَلِلْ المسودة الأولى للاتفاقية المطروحة من قبلكم على مساهمتكم بشكل غير مباشر في خلق حالة الاضطراب السياسي الذي عاشه العراق طيلة الخمس سنوات سابقه ولازال والنتائج المُرة التي حصدها شعبه من اجل فرض شروطكم ؟ و ألا تثير النوايا التي تفضحها هذه المسودة الشكوك بتعاقدكم مع مجرمي القاعدة لتنفيذ إجرامهم في العراق طيلة سني احتلالكم لتجبروا الحكومة العراقية على طلب الحماية منكم وإجبارها على الرضوخ لمطالبكم ؟ وبصيغه أدق .. هل كان الإجرام القاعدي وسيله لتحقيق أغراضكم بفرض الوصاية على العراق ضمن هذه الشروط؟ ألا تبرهن شروطكم هذه زيف ادعاءاتكم وذرفكم دموع التماسيح على الديمقراطية وإنها لم تكن سوى تطبيل وتهريج غايتها فرض الاستعمار الحديث ؟ الم تكن شروطكم لعقد الاتفاقية وكشف المستور من النوايا سببا في حشد أنصار المقاومة المسلحة لتواجد قواتكم في العراق مستقبلا؟ وأخيرا .. لماذا لم يُطْرَحْ في مسودتكم تغيير اسم العراق ليحمل اسما مشابها لتسميات الولايات الأميركية وليضاف رقما آخر إلى عدد ولاياتكم ؟!

حقا لقد ظهرت النوايا الخبيثة للتحرير الأميركي التي طالما حذرنا منها في مقالات كثيرة استناداً على طبيعة السلوك الأميركي بالتعامل مع كافة مستويات الدولة العراقية الجديدة.لذا فمن المؤكد بان الحكومة العراقية ستخوض معركة عسيرة مع ساسه آلاف الأخطاء والذين ابتدءا جولات النقاش بطرح أقذر ما لديهم من شروط .وأسئلتي التي أوجهها لهم أبدأها .. هل القوى السياسية التي وافقت على المشروع الأميركي لإسقاط صدام والمشاركة في حكومتكم الآن حَسبتْ حسابها لهذا اليوم وما هي استعداداتها لهذا الليث الذي كشر أنيابه بهذا الشكل الجنوني وبهذه النوايا التي أظهرتها بنود المسودة الأولى للاتفاقية؟ ما الفرق بين أحكام وقيود البند السابع من قرارات الأمم المتحدة وبنود المعاهدة الجديدة بما يتعلق بالسيادة ؟ ألا يمكن الاستنتاج من بنود الاتفاقية بوجود علاقة بين الإرهاب في الساحة العراقية ومحاولة أميركا من اجل إطالة أمد احتلالها لتسهيل مهمة فرض شروطها ؟ هل تُكافأ أميركا على تدميرها للعراق وإرغام العراقيين على دفع ثمن غال من الشهداء والجرحى والتهجير وتدمير البني التحتية وذلك بموافقتكم على شروطها؟ ألا يُضعِف التفاوض بوجود هذا العدد من القوات الأميركية على ارض العراق من موقفكم في المفاوضات وكيف يمكن تلافى هذا الضعف ؟ وأخيرا .. ألا يُفهَم من قراءة المسودة الأولى للاتفاقية نية أميركا في تكريس احتلالها ولكن بكلمات الديمقراطية الرنانة وأهازيج التحرير الجميلة ؟ إن موضوع هذه الاتفاقية هو مسؤولية تاريخيه تقع على عاتق الحكومة العراقية لذا فالمطلوب منها .. 1- دراسة كل حرف مكتوب بالاتفاقية دراسة مستفيضة ومن قبل خبراء متخصصين في كافة المجالات مشهود لهم بنزاهتهم.2- عرضها على استفتاء شعبي وبرلماني قبل المصادقة عليها من قبل الحكومة.3- إبعاد الأطراف التي يُشَكْ في ولائها للعراق من الاشتراك بالمفاوضات. 4- عدم المصادقة على أي بند فيه إضرارا للدول الجارة.5- التفاوض على جبهتين واحده سياسيه والأخرى ترفع شعار المقاومة والتهديد.6- عدم التوقيع على اتفاقيه ذو وجهين أولهما معلن والآخر خفي. 7- الاستفادة من خبرات الدول التي لديها اتفاقيات مع أميركا مثل اليابان وألمانيا وكوريا وتحديد الجوانب السلبية والايجابية من اتفاقياتهم مع مراعاة الظروف الزمنية لكل منها.8- تحديد عدد الجنود الذين سيتواجدون على الأرض العراقية وأماكن تحركهم والطرف المسئول الذي سيتحمل تكاليفهم والولاية القانونية التي ستتحمل تصرفاتهم ودرجة خضوعهم للقانون العراقي عند ارتكابهم أي جريمة تمس العراق و شعبه.9- عدم الإسراع بالمصادقة على أي بند والتصرف بدقه وحكمه في كل مراحل التفاوض.10- اطلاع الشعب العراقي على سير خطوط المفاوضات واستخدامهم كوسيلة ضغط ضد البنود المجحفة من الاتفاقية.على ساسة أميركا أن يفهموا بان الحصول على امتيازات قليله معقولة من هذه الاتفاقية وبرضا الشعب العراقي خيرا لهم من الاستمرار بفرض طلبات وشروط تمس السيادة وتفرض شكل جديد من الاستعمار الحديث وبالتالي سيرفضها الشعب ويجعلها تعيش في حرب استنزاف دائمة وصراع طويل مجهول المصير.أما إذا كانوا يفرضون شروطهم كثمن لإسقاطهم صدام فأمامهم خياران.. إما أن يلحقوا به أو يعيدوه إلى السلطة !! وهذا هو قرار الشعب العراقي .

أخيرا أتمنى أن تزيد هذه المحنه والهجمة الأميركية لفرض وصايتها على أرض العراق وشعبه من تلاحم كافة الأطراف السياسية العراقية المتصارعة وترك الخلافات جانبا والتركيز على كيفية التصدي لها مع الاستمرار بالتفاوض سلميا ولكن في نفس الوقت استخدام لغة التهديدات المبطنة التي توضح بان خيار إخراجها بالقوة خيار عراقي ممكن !

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ABO HADI
2008-06-05
والله العظيم من اول يوم دخل الغزاة عرفت انه لامناص من خروجهم لانهم محتلين ولكن القادة افهم من عندنا لانهم قووا الدولة العراقيه ثم بداوا التفاوض ليكونوا اقوياء ولكني احيي كاتب المقال عن جراته وشجاعته فوالله مطلوب منا الحزم والصبر فلموضوع ليس سهلا ونقولها للامريكان والاعراب انتم دمرتوا العراق وخربتموه بتعاونكم مع القاعده ومخابراتكم فلاتتباكوا على سنه العراق الاشرف منكم يارعاع الصحراء بل انتم عبيد سيدتكم امريكا فالاولى بكم اخراجها من الاراضي العربيه ثم تبكون عل العراق انتم تخافون على عروشكم المخزية
علي بكلوريوس اقتصاد وسياحة ودبلوم ادارة مدنية
2008-06-04
ارجوة الكتابة عن هذة المسودة من الجانب الامركي فنحن لا نعرف بالضبط ماذا يريدوا الامريكان لكن بناء السفارة المريكية وعدد العاملين فيها 3000 موضف هو الذي يترجم شروطهم في العراق على الرائ العام العراقي المشاركة الفعالة في هذا النقاش هذة مسالة مصيرية
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك