المقالات

هل يصلح التيار الصدري أن يكون شريكا سياسيا ؟

1402 21:55:00 2008-06-02

( بقلم : فالح غزوان الحمد )

من المعروف أن تشكل التيار الصدري كان أقرب إلى التشكل الاعتباطي الخالي من التنظيم و التخطيط و هو نتاج حالة اجتماعية و سياسية تمظهرت بعد سقوط الاحتلال بكيان جمع في داخله حشدا من المفلسين و من فقدوا وظائفهم في أجهزة النظام المقبور الأمنية و الحزبية و غيرهما و القاسم المشترك بين الجميع هو النقمة على التغيير و غلبة روح التمرد على النظام السياسي و من هؤلاء جملة من المراهقين و الصبية الذين فشلوا في إكمال دراستهم ليذهبوا متحلقين حول " السيد القائد الجديد " محاولين جبر شعورهم بالنقص و بعض من هؤلاء كانوا من مقلدي السيد محمد صادق الصدر " ره " و الذي شجع للأسف الطلبة الفاشلين على ترك مقاعد الدراسة على أمل الالتحاق بالحوزة العلمية .

 و في البداية رفع الصدريون شعار المقاومة بعد مدة قصيرة كان فيها الخطاب الصدري على غير ما هو عليه الآن إذ كان هادئا و مهادنا و رخيا بوجه القوات المتعددة الجنسيات حتى تم تشكيل ما يعرف بجيش المهدي و عندها أخذت اللهجة تتصاعد و أصبح الضيف كافرا محتلا . و دخل أنصار مقتدى الصدر في معركتين كانت الثانية قد تسببت في حرق مدينة النجف و إزهاق أرواح مئات الأبرياء دون طائل و بعد ذلك تحولت المقاومة لدى مقتدى و جيشه إلى المقاومة السلمية بدل المقاومة المسلحة مبررا ذلك بجزء كبير مما طرحته القوى السياسية الأخرى من قبل و كان الصدريون يرفضون رأيها و طرحها و يؤاخذونها بشتى المؤاخذات و التهم .

و على أية حال رحبت كافة الأوساط الشعبية و الرسمية بهذا التحوّل و دخول ما اصطلح عليه بالتيار الصدري رغم أنه لا يشمل كل الصدريين " أي المقلدين للسيد محمد صادق " بل يمثل جزء منهم فضلا عن أن جزء كبير من التيار الصدري هم أصلا ليسوا من مقلدي الصدر الأب . لم يكن احد ليعول كثيرا على مشاركة التيار الصدري في العملية السياسية إلا من جهة توحّد كل القوى و أتباعها لأجل ما يصب في مصلحة الشعب العراقي عامة و المكوّن الشيعي الذي يمثل الأغلبية خاصة . و بمرور الوقت بدا أن هذا التيار يفتقد إلى منهجية واضحة و رؤية سياسية بينة المعالم لأهداف و غايات محددة بل إن ما رصده الجميع هو محض من الاعتباطية و العشوائية و المراهقة السياسية المزمنة التي لن تخدم العملية السياسية بقدر ما تسيء إليها و تربك مسيرتها .

و أسهم احتفاظ الصدريين بمليشيات مسلحة في أن يكونوا مصدرا مستمرا لقلقة الأوضاع و إرباكها و مع هذا الواقع ازداد نفور الجماهير منه و تخلى البعض عن ولائه لمقتدى الصدر حتى شمل ذلك بعضا ممن كان مقربا من مقتدى نفسه و يمكن عدهم من الطبقة الأولى من أنصاره . إلا أن القوى السياسية لم تكن راغبة في التخلي عن التيار و الدخول معه في تحالفات خوفا من أن تكون مساوئ الصدريين خارج التحالف و الائتلاف معهم أكبر بكثير مما لو كانوا في داخله . إلا أن مشاكسات التيار و سياسته و مواقفه لم تكن محتملة و انتهى ذلك إلى خروجه من الائتلاف العراقي و لم تفلح أية جهة سياسية أخرى في تجاوز حالة القلق و الخوف من عقد أي تحالف مع التيار الصدري لما يتسم به من فقدان الرؤية السياسية و ما طبعه من تقلب المواقف و عشوائية التعامل مع مختلف القضايا المهمة إضافة إلى دور ذراعه المسلح جيش المهدي في زعزعة الأوضاع و تصعيدها جنبا إلى جنب مع ما تقوم به القاعدة و الجهتان يتستران في ذلك بشعار المقاومة .

ولقد أثبتت التجارب صعوبة أن يكون التيار شريكا سياسيا يستطيع حليفه السياسي المراهنة على مواقفه و التأكد من نواياه . كم مرة سمعنا من هذا الطرف أو ذاك أن التيار الصدري سيشكل تحالفا مع الجبهة الفلانية و التكتل العلاني و حزب كذا وإلى آخره و لكن لم نجد على الواقع أي رغبة أكيدة و تحرك فعلي للآخرين صوب الصدريين لأنهم يدركون حقيقة أن الشراكة معه لن تفضي إلا إلى جملة من المشاكل التي تستنفد الطاقات و الوقت دون طائل لأن العقلية السياسية للتيار لا تساعد على التعاطي معه و الخروج بصيغ عملانية و خطاب موحد يمكن أن يحقق مصلحة الطرفين . و تبدو إشارة مقتدى الصدر في إحدى بياناته إبان المواجهات الحاسمة الأخيرة في مدينة الصدر مما يدل المعنيين على حقيقة العقلية التي يفكر بها رئيس هذا التيار حين قال إن السياسة ليس لها قلب فهذه المقولة بقدر ما تحاول أن تبرر واقع الأحداث فهي تشير ضمن سيكولوجية الخطاب إلى ماهية العقل السياسي للصدر و أتباعه الذين يرون في السياسة لعبة بلا قوانين و لا شروط و ليس من المهم أن تفقد حليفك اليوم ففي الغد يمكن الظفر بحليف آخر .

سننتظر حقيقة ما سرّب عبر وسائل الأخبار عن تشكيل تيار يتكون من القائمة العراقية وهي قائمة أياد علاوي المتهم من قبل الصدر بكونه بعثيا و وقعت في أيام حكومته معركة النجف مع جيش المهدي و كذلك تيار الإصلاح الذي أعلن عنه قبل يومين بقيادة الجعفري بالإضافة إلى حزب الفضيلة . و هذا المزيج غير المتجانس يمكن أن يبرره الصدريون بتلك المقولة التي رددها مقتدى الصدر ... و لله في الصدريين شؤون ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك