المقالات

السيدة ام البنين ومقام النفس المطمئنة


الشيخ محمد الربيعي ||

 

ام البنين ( رض ) ، كانت السيّدة مخلصةً في ولائها لأهل بيت النّبوّة عليهم السّلام؛ وعارفةً بحقّهم ومنزلتهم ومقامهم عند الله؛ كيف لا تكون كذلك وقد عايشت أمير المؤمنين عليه السّلام؟ ونهلت من علمه وأخلاقه ودينه؟ وربّت أولادها على التّضحية والوفاء؟

محل الشاهد :

«النفس المطمئنة»

و هي المرحلة التي توصل الإنسان بعد التصفية و التهذيب الكامل الى ان يسيطر على غرائزه و يروضها فلا تجد القدرة للمواجهة مع العقل و الايمان، لان العقل و الايمان بلغا درجة من القوة بحيث لا تقف امامهما الغرائز الحيوانية.

و هذه هي مرحلة الاطمئنان و السكينة، الاطمئنان الذي يحكم المحيطات و البحار حيث لا يظهر عليها الانهزام امام اشد الأعاصير.

و هذا هو مقام الأنبياء و الأولياء و اتباعهم الصادقين، أولئك الذين تدارسوا الايمان و التقوى في مدرسة رجال الله، و هذبوا أنفسهم سنين طوالا، و واصلوا الجهاد الأكبر الى آخر مرحلة.

و إليهم و الى أمثالهم يشير القرآن الكريم في سورة الفجر: «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي» .

وبعبارة أُخرى : (النفس المطمئنّة) هي التي تسكن إلى ربها وترضى بما رضي به ، فترى نفسها عبداً لا يملك لنفسه شيئاً من خير أو شر أو نفع أو ضر ، ويرى الدنيا دار مجاز ، وما يستقبله فيها من غنى أو فقر أو أي نفع وضر  ابتلاء وامتحاناً إلهياً ، فلا يدعوه تواتر النعم عليه إلى الطغيان ، وإكثار الفساد ، والعلو والاستكبار ، ولا يوقعه الفقر والفقدان في الكفر وترك الشكر ؛ بل هو في مستقر من العبودية لا ينحرف عن مستقيم صراطه بإفراط أو تفريط....

والحقّ إنّها أوصاف ثلاثة للنفس

- النفس الأمّارة  2- النفس اللوّامة 3- النفس المطمئنة ...

بحسب اختلاف أحوالها ، فإذا غلبت قوتها العاقلة على الثلاثة الأُخر ، وصارت منقادة لها مقهورة منها ، وزال اضطرابها الحاصل من مدافعتها سمّيت ( مطمئنة ) ؛ لسكونها حينئذٍ تحت الأوامر والنواهي ، وميلها إلى ملائماتها التي تقتضي جبلتها ، وإذا لم تتم غلبتها وكان بينها تنازع وتدافع ، وكلما صارت مغلوبة عنها بارتكاب المعاصي حصلت للنفس لوم وندامة سمّيت ( لوامة ) وإذا صارت مغلوبة منها مذعنة لها من دون دفاع سميت ( أمّارة بالسوء )؛  لأنّه لما اضمحلت قوتها العاقلة وأذعنت للقوى الشيطانية من دون مدافعة ، فكأنّما هي الآمرة بالسوء .

محل الشاهد :

نجد كل ذلك في شخصية تلك المرأة العظيمة المسماه ام البنين ( رض ) ، زوجة سيد الاوصياء وامام المتقين علي بن ابي طالب ( ع ) ..

فقد نالت أم البنين مقام النفس المطمئنة لأنها من أول يوم دخلت به بيت أمير المؤمنين علي عليه السلام كانت تعلم ما هو دورها وما هو تكليفها.

ومن الاختبارات التي وقعت بها سلام الله عليها واستحقت أن تنال هذا المقام حين أنجبت أبا الفضل العباس عليه السلام، جاء أمير المؤمنين عليه السلام وحمله وكان يُمعن النظر في كفّيه ويُقبّلهما كثيرا، فسألته أم البنين: سيدي أمير المؤمنين أراكَ تُمعن النظر في كفيه؟ أفيهما عيب خلقي؟ قال: لا ولكن أقبلهما لما سيجري على تلك الكفين. فسألته عما سيجري فقال لها: تُقطع هاتين الكفين نصرة لأبي عبد الله الحسين عليه السلام.

هنا سألت أم البنين: تُقطع كفّيه وفي سلامة للحسين؟! فقال لها: لا، هناك شهادة للحسين عليه السلام، هنا بكت أم البنين لما سيجري على الحسين ولم تبكِ عندما علمت بقطع كفّي العباس. فأيّ دورعظيم ومكانة عظيمة وصلت لها تلك المرأة الجليلة!

اللهم احفظ الاسلام واهله

اللهم احفظ العراق و شعبه

ـــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
غسان عذاب
2023-01-31
السلام عليك ياأم الكمر عباس
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
حيدر : انا لله وانا اليه راجعون يعني منين نبدي هو انتو سامعين بشي اسمه نقابة معلمين او فد ...
الموضوع :
السوداني يستقبل وفد نقابة المعلمين ويشيد بدور الملاكات التربوية وجهودها في العملية التعليمية
Hussain Hamza : سبحان الله انقل السحر على الساحر!! لماذا تدعمون إسرائيل ضد العرب؟ وضد غزة؟ هل لكم الحق في ...
الموضوع :
ردا الى تصريحات ترامب :: الناتو : الدول الأعضاء متمسكة بمبدأ الدفاع عن بعضها البعض
علي عباس مراد : اني احد منتسبي الشرطة الاتحادية المفسوخ عقدة من جراء الاصابة بعبوة ناسفة والمرض ولم استلم اي تعويض ...
الموضوع :
دائرة شؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء تستقبل شكاوى المواطنين عبر موقعها الإلكتروني
فيسبوك