بقلم: عبد الرزاق السلطاني
ان مقومات أي تجربة مجتمعية نوعية جديدة تنتظم من خلالها اعادة البنى التحتية لمنظومات التقنين والتنظيم للبنية الوطنية تتجسد في البناء المؤسسي الحقيقي النابع من مفاهيم المواطنة الصالحة، وهنا تأتي مفردة تأسيس تجارب المجتمع وتدعيمها التدريجي المتناسق مع الانظمة العامة للتجربة العراقية لوضع البوصلة باتجاه التطبيقات التحويلية لاعادة البنية الوطنية لمجتمعنا بما يعزز اجراء التغييرات المطلوبة، فاعادة صياغة منظومات بديلة ومغايرة للاستبداد والشمولية يتطلب وقفة جادة وتشخيص ادوار المجتمع لينهض بادواره الاساسية دفاعاً عن كيانه وحقوقه.
وفي هذا الاطار فقد كان ولازال المرجع الأعلى الامام السيستاني (دام ظله) الشخصية الوطنية الكبرى الذي جسد البناء الحقيقي، وهو صمام امان وركيزة اساسية في وحدة وتماسك ابناء الشعب العراقي، فضلا عن دوره الحيوي في انجاح المشروع السياسي الجديد، فقد حفظ النسيج العراقي بدعواته الاعتدالية وضبط النفس والانضباط في التعاطي مع التجاذبات الداخلية، اذ لازلنا في بداية الطريق للعبور الى بر الامان لتصفية الارث الثقيل بكل تداعياته الجديدة من عقلية وتركيبات المعادلة الظالمة السابقة وتصفية آثارها، وعزل نظريات العنف وحمل السلاح خارج اطار الدولة، لتوحيد المسارات الامنية للمؤسسة الحكومية لتضع اطراف المعادلة العراقية على اساس مستقر ومطمئن تحمل كل السمات الوطنية الدستورية، غير أن البقاء عند اطروحات وممارسات المرحلة السابقة لن يعني الا العطل والتوقف، اذ يجب التقدم لانجاز بقية المشوار، فهناك محاولات للالتفات على الدستور وتجاوزه بوسائل مختلفة، وتعطيله بالتفسير الخاطئ مرة أخرى، في حين أننا بحاجة الى تأكيد مبادئه واستكمال القوانين الاساسية لا سيما الاتحادية، فالمركزية والاستبداد السلطوي كان سياقا تأريخيا لازم العراق وكانت بداياته جنينية صغيرة واتسع ليشمل كل مفاصل الحياة العراقية ليتحول الى اخطبوط قاتل، فإننا اليوم نقف ضد الدولة المركزية ولن نعود اليها بشكل أو بآخر، والحديث يسري هنا بدقة في عقلية وادلجة النظام البائد التي لازالت تحكم البعض الذين يؤمنون بحكومة تسلطية مركزية تمسك كل الامكانات ولا يمكن تحريك أي ساكن دون الرجوع اليها، وهذه النظرة الاحادية المنفردة ترى بمركزة القرارات كافة في العاصمة لتأخذ الاداريات والبيروقراطيات والفساد والرشوة المستشرية لتتحرك ضمن اطارها الواسع.
ومن هنا فإن الفيدرالية ليست شعاراتية انما هي ضرورة تتطور بتطور الشعوب ونضجها بشكل تكاملي وهذا الاستحقاق اصبح واقع حال، فعلينا رفضها بشكل مطلق على اساس مذهبي او قومي وقبولها كما أكدت قوانا الدينية والوطنية بشكل الاداري وبما يتناسب مع تطلعات ابناء شعبنا وفق الآليات التي تتناغم مع الاجراءات الدستورية والقانونية، لترسيخ مبدأ المواطنة ضمن المعايير المعروفة، فالحرية مكسب عظيم اذا ما تعززت بالبناء الحقيقي للذات لتكوين نوات تحدد المسارات الصادقة للتخلص من الثقافات المنحرفة التي تتحرك بموجات مربكة نتيجة تنامي القدرات الحقيقية للمؤسسات العراقية واصرارها على التغيير والسير نحو مرافئ استعادة السيادة الكاملة والبناء والاعمار للعراق الفيدرالي الدستوري الآمن.
https://telegram.me/buratha