المقالات

مقتدى الصدر و لعنة القادسية ..

98256 17:22:00 2008-05-26

( بقلم : عواد عباس الموسوي )

يبدو أن جريدة القادسية التي كان قد اصدرها النظام المقبور أثناء حربه على إيران و استمرت بالصدور لاحقا و كانت في البداية قد جرى حصر توزيعها على أفراد القوات المسلحة لجيش النظام المهزوم ، أقول يبدو انها أصبحت لعنة تطارد الكثيرين ممن ظنوا أن التاريخ قد انتهى عند سقوط الصنم و جُبّ ما قبله دون عودة ليختلقوا لهم تاريخا مزيفا حاشدا بالبطولات المختلقة و أساطير مقاومة السلطة البعثية بينما كانوا يسبحون بالتمجيد و التهليل لها . و لعل كشف ما كان يكتبه نديم الجابري في تلك الصحيفة ممجدا شخص النظام و مبررا أعماله و سياساته كان بداية اللعنة القدساوية و طالت هذه اللعنة قبل نديم الجابري و بعده شخصيات غير سياسية أو ليست لها ثقل سياسي و لم يجر الحديث و الوقوف كثيرا عندها ، المهم أنها كشفت زيف ادعاءاتهم بتاريخ لم يسطروا له حرفا واحدا بل كانوا تلامذة أوفياء في إعلام السلطة و تدبيج مقالات و قصائد المدح و التعظيم لشخصية الدكتاتور .

أخيرا حملت لنا بعض مواقع الانترنت صورة من صفحة محليات لجريدة القادسية و الصادرة بتاريخ الثاني من آذار 1999 م و فيها رسالة موجهة من مقتدى الصدر إلى صدام حسين يشكره على مواساته له باستشهاد والده حسب نص الرسالة و يدعو له بالحفظ و تسديد الخطى و تجنيبه كل مكروه و بالطبع كان الخطاب بتلك الأوصاف و الدعوات المعتادة أيام صدام . لا يهمنا مضمون الرسالة نفسها كثيرا قدر ما تحي به من حقائق و دلالات مهمة تأخذ ثقلها من معطيات ما بعد سقوط صدام و نظامه و ما أوجده مقتدى الصدر لنفسه و خلعه عليه أتباعه و ما أسسوا عليه لما يعرف بالتيار الصدري من إرث تأريخي يندك في المقاومة و رفض التسلط اندكاك الأنبياء في قيم و مبادئ السماء . إذ ربما يلتمس العذر لمقتدى الصدر كون الرجل كان خائفا على حياته و حياته أسرته و ليس بوسعه أكثر من تلبية طلب مدير أمن محافظة النجف بضرورة إرسال رسالة للسيد القائد المهيب الركن حفظه الله و رعاه ليؤكد للرأي العام على أن السلطات لم تقدم على اغتيال السيد محمد صادق الصدر و امتصاص حالة ما كانت سائدة غاصة بالتساؤلات المحرجة حتى لمن يطرحها . ..

 أقول لا سبيل إلا لتلمس العذر لمقتدى الصدر في ظروف كالتي كانت آنذاك و أن ليس بمقدوره و لا بمقدور أتباع مرجعية والده الاعتراض و إعلان ما يناوئ صدام و أركان نظامه فما كان إلا الركون لكل ما يطلب و يتم تنفيذه حلوا و مرا . و لكن ما يهمنا حقا من هذه الرسالة هو قيمتها التاريخية في فهم حاضر التيار الصدري و على وجه الخصوص زعيم هذا " التيار " ، و قبل المضي في مقاربة هذا الموضوع لا بد من تنبيه القارئ إلى حقيقة مهمة وهي إن ما تم كشفه كان على يد احد المواطنين الذي احتفظ بنسخة من تلك الصحيفة ليوم 231999 إذ قد يتساءل البعض هل كان هذا الشخص الوحيد الموجود في العراق في ذلك اليوم فاقتنى إصدار صحيفة القادسية دون غيره ؟ و هنا لا بد من تنبيه أصحاب هذا التساؤل المشروع إلى حقيقتين الأولى إن هذه الصحيفة كانت تهم العسكريين أكثر من غيرهم و توزع على الوحدات العسكرية أكثر من توزيعها في الأسواق و الثانية إنها صحيفة لم تكن تثير رغبة الكثير في شرائها و معلوم أن العراقيين أيام الحصار لم يكن يميل أكثرهم لاقتناء جرائد النظام البائسة لما سئموه من أكاذيب و لما ألفوه فيها من مجرد أخبار تافهة تخص النظام و تفرد أغلب مساحاتها لتمجيده و التسبيح ببطولاته الفارغة .

 و لهذا لم يكن انفراد احد المواطنين بإخراج تاريخ بعض ممن طالتهم لعنة جريدة القادسية ليختلف عما جرى بالنسبة لهذا الحدث الجديد من اللعنة التي طالت هذه المرة مقتدى الصدر نفسه . و لا ننسى أنه بعد مضي كل هذا الوقت فمن الصعوبة أن تجد إلا القلة ممن يحتفظ بالصحف التي اقتناها أيام حكم صدام . لهذا لم يخفِ نديم الجابري مثلا ذهوله و حيرته حول كيفية بقاء تلك الأعداد من القادسية في حوزة أحد المواطنين ليظهر كتاباته و مقالاته التي أثبتت أنه من أصحاب الهوى البعثي على أقل تقدير .

إن ما تحمله رسالة السيد القائد مقتدى للقائد المقبور صدام تطيح تماما بما ملأ الصدريون لأجله الدنيا صخبا و ضجيجا من كونهم كانوا ليس فقط من مقاومي النظام لا بل لهم الفضل في إسقاطه ، إذ لولا صلوات الجمعة في الكوفة و الزيارتان اللتان دعا إليهما السيد محمد صادق رحمه الله لما سقط النظام ! إن مراسلة صدام و التزلف إليه و إتحافه بعبارات التبجيل و التعظيم و إسداء الشكر و الامتنان هي على ما يبدو مما ينساق في فلسفة المقاومة وفقا للمفهوم الصدري لها .. فالرسالة تثبت الآتي :

أولا : أسطورة أن مقتدى الصدر و أتباعه كانوا على عداء لدود مع النظام و أنهم قاوموه بأسلوبهم الخاص و بالتالي تسببوا بشكل مباشر في الإطاحة به .

ثانيا : إن الرضوخ في ظروف كالتي كانت بعد تصفية السيد صادق الصدر و ولديه من قبل مقتدى تشير إلى استسلام كلي لإرادة النظام إذ كان من الممكن رفض توجيه تلك الرسالة أو على الأقل أن تكون من أسرة الصدر نفسه بشكل عام دون تخصيص شخصي ، و إذا كان الأمر على هذا الحال فهو يفتح مجالا واسعا للتساؤلات حول إمكانية وجود " طلبات " أخرى رضخ لها السيد مقتدى ..

ثالثا : حشد آخر من التساؤلات يمكن أن يثيره ذكر اسم مقتدى خاصة و هل فيما إذا كان مخططا له من قبل صدام لإبرازه كخليفة لوالده و تسليطه على شؤون الحوزة العلمية النجفية ؟ قد تكون تلك الرسالة هي مبتدأ بزوغ نجم مقتدى الذي لم يكن يلحظ له وجود أيام والده و كان أخواه اللذان قتلا مع أبيهما هما المرافقان للسيد الصدر ..

رابعا : حين يكون التاريخ الصدري على هذه الحقيقة فلماذا ترمى بيوت الآخرين ممن جاهدوا نظام البغي الصدامي و افنوا أعمارهم في أهوار العمارة و الناصرية مشردين عن عوائلهم و أهليهم الذين تم إعدام العديد منهم ؟! و لست هنا بصدد الدفاع عن أحد قدر تثبيت حقيقة تاريخية يحاول الصدريون طمسها و قتلها و الاستفراد بما ليس لهم حق فيه ..

خامسا : تؤكد هذه الوثيقة المهمة على مشروعية التساؤل و التشكيك بكامل الحقبة الصدرية و إرهاصاتها ، كيف بدأت و لماذا انطلقت في فترة معينة دون غيرها ؟ و هل أن ما ترتب عليها من تصدع و خلافات بين أبناء المذهب الواحد كانت نتائج عرضية لأسلوب مرجعي جديد أم أنها نتائج مقصودة و مخطط لها بعناية و بإشراف السلطات ؟؟

سادسا : تحيلنا قراءة الرسالة بشكل تلقائي إلى مقارنة بين موقفين لمقتدى الصدر يحمل كل منها نقيضه الجاهز . ففي الوقت الذي كان و لا يزال الصدريون يدعون أنهم جاهدوا صدام و لم يوالوه بحرف و يتمثلون زورا و بهتانا بمقولة الشهيد الكبير محمد باقر الصدر التي أطلقها بوجه الطاغية حيث قال لو بايعك إصبعي هذا لقطعته تجيء هذه الرسالة التي تدعو لصدام بالحفظ و تقدم له آيات الشكر و العرفان على مواساته ، و بالمناسبة نعرف تماما طبيعة مواساة النظام السابق و التي تتمثل بإسباغ الهدايا و العطايا و نقل مشاعر القبول و الرضا من قبل شخص النظام عن طريق أزلامه ، لتكذب كل تلك الدعوات و التخرصات الزائفة .. و هي تشبه أكذوبة مقتدائية أخرى من أنه لم يلتقِ بالأمريكان و لا يمكن أن يجلس معهم متهما الساسة العراقيين الآخرين بالعمالة و الخيانة و الخروج عن مقررات الشرع و .. إلى آخر التهم ، هذا مع أنه و بعظمة لسانه كما يقال اعترف في إحدى لقاءاته المسجلة بأن الأمريكان عرضوا عليه تقلد منصب كبير و لكنه رفض ذلك ، إذ قال : واحد من الأمريكان حبيبي هنا كالي اتصير رئيس ما عرف شنو .. بس رفضت ، حبيبي احنه ما ندور على مناصب .. شنو يعني السيد الصدر ما جان يكدر يصير وزير ... ألخ ( يراجع تسجيله و هو متوفر على موقع اليو تيوب ) ..

عواد عباس الموسوي .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
حسن الحويشي
2008-05-28
نعم وتعقيبا على كلام الاخ حميد النجفي وهو الظاهر يعرف عنه مثلما انا اعرف من حقائق لايمكن لنا ذكرها وكتابتها لانها فعلا خطيرة اهل النجف وخاصة الحنانة ومناطق سكن مقتداهم الكثير منا يعرف الحقائق عن مقتداهم!!!!!! الذي سب حتى اصحابه وقال لهم( جهلة جهلة زين) في خطبة الكوفة ووبخ احد معمميه لانه قال في خطبة الجمعة فقط (وعبد العزيز مشكورا) وقال له لاتقل مشكورا وكذب مقتدى عندما قال لصاحبه المعمم انا سمعتك تقول عبد العزيز سياسي محنك باليوتوب انظروا بانفسكم !!
حميد النجفي
2008-05-27
ههه هو مقتدى كان محد يشوفه ولايسمح له والده بالتحدث للناس لعدم معرفته التحدث بشكل سوي وكان والده دائم الشكوى منه الى درجة حتى الناس ضنوا به الضنون وماكتبه مقتدى هو بمحض ارادته ليرضي النظام بل كان خائفا من خياله ايام صدام ومعروفة قصته لدى مديرية امن النجف ومدير الذاتية رحيم الدليمي الذي كان يضحك عندما يذكر اسم مقتدى وكان يتحدث لصاحب محل لبيع الذهب في سوق الكبير ومعروفه قصته لدى نوري الشرع صاحب محل ذهب معروف بانتمائه للامن ولااريد ذكر التفصيل لانه خطير!!
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك