( بقلم : علاء الموسوي )
ثمة فوارق ومشتركات لطبيعة الازمة السياسية في العراق ولبنان على حد سواء، ولعل من ابرز هذه المشتركات هو الدور العربي الفاعل في توريث الازمات والقدرة على حلها بفترات زمنية متباينة، وفق المخاوف والمصالح الاقليمية والدولية التي تحاول من خلالها ابراز بعض الزعامات الخاصة في قيادة الحوار العربي في السلم والحرب. ما حدث في الدوحة مؤخرا من حوار سياسي بناء للوصول الى حل الازمة اللبنانية، كشف عن اوراق اللعبة السياسية للشأن الاقليمي العربي في صراعه المتنامي الاطراف مع الجمهورية الاسلامية في ايران، وهو القاسم المشترك في خلق الازمات لكل من العراق ولبنان، مع الفارق في طبيعة الخطاب والعمل السياسي لكل منهما. فالطائفية السياسية التي عملت عليها الدبلوماسية العربية مع العراق ولبنان وسوريا، هي بسبب مخاوف عديدة ابرزها، الشبح الايراني الراسخ في اذهان الزعماء العرب بفعل التسريبات المعلوماتية التي تروج عنها الادارة الاميركية في المنطقة، ناهيك عن الضعف الاقتصادي والسياسي الذي تشعر به اغلب الدول العربية في قدرتها على بناء روابط ستراتيجية مع بعضها البعض.
الا ان الفارق الوحيد بين لبنان والعراق من زوايا الحلول العربية المقدمة للازمة، هي طبيعة التغيير السياسي للتجربة العراقية الحديثة، من خلال قلبه للمعادلة الطائفية المعمول بها في الانظمة العربية، والتي لم تستطع هضمها او استيعابها طيلة السنوات الخمس الماضية، على الرغم من وجود بوادر امل جديدة بدأت افاقها تظهر للعيان، لاسيما بعد الزيارات الرسمية لرجالات العملية السياسية في العراق الجديد. فضلا عن الصراع الاقليمي بين القوى الثلاث في المنطقة (ايران، السعودية ،مصر) والتي رمت بظلالها على الدول التي تستعد للنهوض باحتمالاتها الوطنية في البناء والاعمار ومواجهة التحديات والصعاب، والتي منها على سبيل المثال كل من سوريا ولبنان، مع بعض التحفظات على السياسة الخارجية لكل منهما.
ما نود الاشارة اليه من خلال هذا الطرح، هو الغياب العربي الواضح لتقديم الحلول للازمة العراقية المفتعلة في الكثير من جوانبها من قبل الاشقاء العرب، ولعل الاشارات والتلميحات بخصوص عدم اطفاء الديون العراقية، واعادة فتح السفارات، واضحة وصريحة المحتوى بالقول ( دعونا ننتظر ما يصبو اليه الحكم في العراق... فاذا كان لايران اليد الطولى في ذلك فالى الجحيم!)، وهذا ما نلمسه في تصرفات الكثيرين لدى الاحزاب والتيارات السياسية، ممن جعلوا انفسهم اجندة مكشوفة للعبة السياسية الاقليمية في العراق، لاسيما قاطني الفنادق الفارهة في دبي وابو ظبي والاردن ....، الا ان الشيء الغائب عن تلك التوقعات المغلوطة، وذات الاثر الواضح في السياسة الخارجية المتبعة مع القضية العراقية، هو ان العراق لايمكن عزله عن الدور العربي المتنامي الاطراف، ليس لانه بحاجة مطلقة لاثبات وجوده في ذلك الدور، وانما لايوجد دور عربي اصلا بمعزل عن الارادة العراقية في المنطقة، ولعل هذا ما يميز العراق عن لبنان وغيره من الدول العربية.
https://telegram.me/buratha