( بقلم : سليم الرميثي )
عانت البيئة العراقية كما عانى الانسان العراقي الظلم والتهميش والاهمال من قبل الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق وخصوصا في زمن حكم البعث. ولكن الفرق هو ان الانسان عاش الظلم من قبل الانظمة واما البيئة فهي عانت من الاثنين معا لذلك اصبح من الواجب على الدولة والمواطن ان يستجيبوا لصرخات البيئة وان يضعوا الخطط الكفيلة والجدية للعمل من اجل احيائها والاهتمام بها من جديد.
وهذا لن يتم الا بتكاتف الايدي والعقول بين الدولة والمواطن ببناء مؤسسات ودوائر مختصة لتشجيع المواطن ونشر الوعي والثقافة البيئية بين افراد المجتمع. ويجب ان يعلم ويفهم المواطن العادي ان سعادته واستقراره لايتمان الا من خلال اصلاح بيئته وارضه وان يعمل ويجاهد لكي تعود البيئة العراقية من جديد بنخيلهاوهوائها النقي ومائها العذب. الاعتناء بالارض لايختلف كثيرا عن الاعتناء بتربية الطفل فكما ان الطفل بحاجة الى رعاية خاصة وغذاء خاص كذلك التربة لكي تصلح ويصلح كل شيء فوقها وتحتها فان صلحت الارض صلح الانسان والنبات والحيوان وصلح كل شيء.اما الان ومع كل الاسف تمر بيئتنا بوضع خطير جدا ربما يهدد وجودنا ومستقبلنا على هذه الارض ان بقي الحال كما هو عليه فكل شيء يستصرخ ويتالم. بعد ان كان في بلدنا اكثر من خمسة وثلاثين مليون نخلة وكانت بساتين النخيل تزاحم المدن والبيوت والان لاتتجاوز العشرة ملايين وربما اقل وليس هذا فحسب بل كانت ارض العراق مزدهرة بكل انواع الاشجار والنباتات وتسكنها جميع انواع الطيور والحيوانت ولكننا خلال العقود الاخيرة نرى ان كثير من هذه الطيور والحيوانات لم تعد موجودة لانها فقدت بيئتها .فالدولة وحدها لايمكنها فعل اي شيء بدون مساعدة ومساندة المواطن لها وذلك بالحفاظ على ماتبقى من البيئة والمساهمة الفعالة بتطويره وبناءه وحمايته من الضياع والتخريب.
الان المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المواطن واذا كانت هناك مسؤولية على الدولة فهي تتمثل بدعم كافة المشاريع مهما كان حجمها صغيرا او كبيرا والتي تهتم بتحسين وتطوير البيئة العراقية وبادخال مادة تدريس البيئة في كل المراحل الدراسية كمادة علمية مستقلة كاي مادة اساسية اخرى. ويجب ان نعلم ان الحفاظ على البيئة هو واجب شرعي واخلاقي وانساني ومن هنا اناشد علماء الدين والمراجع ان يتبنوا فقها بيئيا وان تكون هناك مؤسسات لتوجيه الناس وارشادهم وبيان الاجر والثواب العظيمين لكل من يهتم ببيئته وارضه وعلى كل من ينادي بالانسانية وحقوقها ان ينادي ايضا بحقوق البيئة العراقية.
اليوم في العراق ماشاء الله كل يوم تظهر لنا صحوة بعد غفوة اما حان الوقت لظهور صحوة بيئية عراقية تنقذ بيئتنا من الضياع والتدمير.فاهوار الجنوب تستغيث من اجل اعادتها لسابق عهدها ونخيل العراق وكل اشجاره ونباتاته وحيواناته وارضه ومائه وسماءه كلها تستغيثكم ايها العراقيون النشامى. والملفت للنظر ان هناك امراض كثيرة و غريبة دخلت بلدنا لم يكن يعرفها الانسان العراقي من قبل كلها حصلت بسبب الدمار والخراب البيئي. بيئة العراق اليوم بحاجة الى تاسيس لجان حكومية وشعبية والى استنفار كل الجهود والطاقات لانقاذ ارضنا وبيئتنا من الدمار والخراب وليبدا كل منا من بيته وقريته ومدينته ولنكسي بيوتنا وشوارعنا بالورود وزراعة النخيل والاشجار ولتكون هناك مسابقات بيئية ومكافئات لاجمل شارع واجمل وانظف قرية او مدينة.
علينا ان لاننسى الاعلام ودوره في هذا المجال وفي نشر الوعي لدى المواطن من خلال برامج خاصة عبر الفضائيات وعبر الانترنيت والصحف المحلية والتاكيد على العلاقة الوثيقة بين الانسان و بيئته وان اهمال البيئة سينعكس تماما على وجوده وصحته والخطورة الكبيرة التي ستعاني منها الاجيال القادمة...
https://telegram.me/buratha