( بقلم : مازن الياسري )
العراق وعلى الرغم من تصدره للصفحات الرئيسية على الصحف و المجلات والمواقع الإخبارية و الفضائيات الغربية .. وعلى الرغم من إن أخباره تنقل وبشكل يومي لكل العالم .. إلا إن هذا النقل و الرؤية المنقولة عن العراق لازالت مشوهة وغير واقعية ولا تمثل حقيقة ما يجري على الأرض .. بل هي مسيسة ومبرمجة بسلبية واضحة لكل من يقطن في العراق .
فعلى الرغم من التحديات الجمة التي عاشها العراق ولازال الأمنية منها و الخدمية .. إلا إن ما ينقل حول البلاد دوماً لا يرى سوى الجانب السوداوي من الحدث متغاضياً أي ايجابيات تطفو على الشاطئ العراقي .العراق اليوم ليس كما كان قبل عامان .. فلم يعد هنالك مدناً ومناطق كاملة أسيرة بأيدي الجماعات المسلحة .. بل أصبحت البلاد بأسرها تحت راية الحكومة العراقية ومحمية من قبل القوات الحكومية الرسمية .. ولا وجود اليوم في العراق لقتلى على الهوية .. على الرغم من ان هذا الظاهرة البشعة قد انتشرت في البلاد وبشكل مخيف وخاصة في العاميين 2005 و 2006 .. الا ان اللاعلام الغربي لازال يتحدث عن قتلى الهوية وكأن العراق لازال يعيش بالمجزرة الطائفية .. التي يعلم كل من يقطن في العراق ان الاحتقان الطائفي في العراق قد انتهى .. وهنا اود ا ن ابين انني لست ممن يكتب ارائه وفقاً لعواطفه و احلامه الوردية .. بل انا اكتب ما ارى وما اعيش وبأقصى درجات التجرد .
لعلي اتسائل لماذا كل هذا التشويه .. هل رغبة في الاثارة للمشاهد الغربي ، او قد يكون من باب المبالغة المتعمدة التي من خلالها يحاول المراسل ان يعكس وجهة نظر المعنين بعمله بأنه يعمل في اسوء مكان على سطح المعمورة .. او قد تكون خيوط من مؤامرة شائكة .. ولكني على كل حال ممن لا يؤمنون بنظريات المؤامرة .ولكن ما تفسير حادثة شاهدتها بالمصادفة قبل ايام قليلة في احد شوارع بغداد الرئيسية .. حيث لاحظت ان مراسلة لأحد المحطات الاجنبية كانت تتجول مع مصورها ومترجمها في الشارع وتلتقي بالمارة وتحاورهم امام الكامرة ، وبكل حرية .. ولكن المفاجئة التي ادهشتني وانا انظر بمجرد الفضول ومن مسافة ليست بالقريبة ، ان المراسلة عندما انهت حواراها مع المواطنين وقررت ان تصور نفسها امام الكامرة وهي تنهي تقريرها الذي اجهل فحواه .. عند ذاك توجهت المراسلة الى سيارتها القريبة واخرجت درعاً ضد الرصاص ارتدته وتوجهت امام الكامرة لتنهي تقريرها .. وعند انتهائها من التقرير سارعت الى خلع الدرع عن كاهلها وتوجهت بكل حرية الى سيارتها برفقة مصورها ومترجمها وانطلقا بطريقهم دون اي شيء يعكر الاجواء !!! .. لماذا فعلت هذه المراسلة هكذا ؟ اهي سياسية قناة ؟ ام تصرف شخصي منطلق من حسابات معينة ؟.
ان مثل هذا التقرير الخبري الذي نقلته تلك المراسلة الغير صادقة .. لن يعكس حقيقة ما على الارض وسيجانبها تماماً ، فلما تسير الامور هكذا ؟ نحن في العراق في طور بناء بلد جديد وعلى اسس ديمقراطية تحترم حقوق الانسان وتسعى للتكامل .. فلماذا نجد الاعلام العالمي غير منصف في تغطيته لواقع بلدنا .ثم اليس واقع الحال يؤكد جبن رؤوس الاموال .. وانها لا تستطيع العيش و النمو الا في بيئة امنة .. اذن هل يعي المراسلون الاجانب وما خلفهم من محطات اعلامية ضخمة ان نقلهم لاخبار مشوهة مليئة بالسوداوية عن العراق سيجعل رؤوس الاموال و الشركات العالمية الكبرى تهرب عن العراق رغم ان العراق يعيش اليوم بأمس الحاجة لها لاعادة اعماره وبنائه بعد سنين الحروب الطويلة .. ثم لماذا التغاضي واضح عن كل ماهو ايجابي في العراق ؟فنحن نرى التقارير زاخرة بأخبار الجثث و انشطة الجماعات المسلحة الارهابية و التفجيرات وما الى اخره من المأسي ..
ولكننا لا نرى التقارير عن الافراح و وحفلات الزفاف الجماعي و وسباقات الدراجات للهواة وملاعب كرة القدم المليئة بالجماهير و المتنزهات التي تكتض بالعوائل العراقية .. ولماذا لانرى على شاشات الفضائيات العالمية اسواق بغداد التي اكتضت بالمتسوقين و المارة .. رغم ان الفضائيات كان تعرض صور نفس الاسواق عندما اغلقت وهجرها المارة ابان احداث العنف الطائفي في العاميين المنصرمين .انها مسألة انسانية ومهنية وهامة (مسألة نقل الواقع العراقي كما هو) دون الجنوح الى السلبيات فقط .. اننا بحاجة ان نغذي اي بارقة امل بدلاً من ان نبقى نسعى وراء مشاهد الدم و الدمار .. واقول لكل من لاينقل الواقع العراقي كما هو .. ان الحياة ستسمر رضيت ام ابيت ...
https://telegram.me/buratha