المقالات

على الرغم من عراقتها؛ لماذا تتراجع الثقافة العراقية ؟!


سلمى الزيدي ||

 

يعني التخلف الثقافي لغويا القعود أو العجز عن مسايرة الركب، ويعني اصطلاحا التأخر الزمني والقيمي والسلوكي عن ركب الحضارة وحتما عندما يدع الإنسان أو الجماعة القيم السائدة في حياتهم تميل إلى الرتابة والتكلس والجمود، أو يعمدان إلى تبرير واقعهما المتأخر والسيئ.

من أبرز الظواهر الثقافية الناتجة عن شيوع التخلف الثقافي في المجتمعات

ـ  سرعة تدهور الحوار العقلاني والتفكير المنطقي،

ـ  التعصب والتحيز وسرعة إطلاق الأحكام القطعية والأحكام المسبقة،

ـ  سيطرة التفكير الخرافي والسحري

ولا شك أن التغني بالأمجاد وقد مضى أهلها دون التجديد الذي تمليه التحولات التي ينقط سيلها وتتغير مسبباتها، من العوائق الكأداء أمام التحرر

من هنا يتضح أن التخلف الثقافي يشكل القاعدة العريضة التي تحتضن كل معوقات النمو، وكوابح التطور، وموانع الرقي المجتمعي.

في ظل غياب استراتيجيه ثقافية واضحة المعالم، مبنية على معطيات ومستجدات الحداثة في خضم العولمة، يلقي الركود والإبهام بظلهما القاتم على المشهد الثقافي المتعثر ويقيد كل السياسات:

ـ الحكومية المهلهلة بفعل غياب المختصين،

ـ والخصوصية "الخجولة" والنفعية، التي تمليها مع ذلك ضرورة اعتماد مسوغات الحفاظ  على ثلاثية:

·        الهوية القلقة،

·        والخصوصية المشوهة،

·        والموروث التراثي التراكمي المهمل  الذي يعاني الضياع ويشكو التخبط على مستوى الاهتمام الوطني في ظل غياب تام لإستراتيجية ثقافية واضحة المعالم،على الرغم من المجهود الكبير بمبادرات قيمة وواعية متمعنة، والتعريف بشكل مستجد وبأدوات العصر المتاحة نظريا وعمليا بتراث بلادنا "الغني" بتنوعه والمميع في حال واقعه.

ويبقى الأمر المقلق على الشأن الثقافي ببلد تُعمي جل أفراد طبقتَه المتعلمة الادعائيةُ المفرطة والاغترار بالألقاب الكبيرة المفرغة في دلالاتها من كل معنى، والمهشمة في كل مبنى، التمييع الحاصل للموروث الثقافي والتعطيل الصارخ للعملية الفاترة نحو الالتحام بالركب الأممي.

وتأتي المهرجانات والكرنفالات الرخيصة والأدبية المبتذلة والتي تزداد أعدادها "لكل مدينة وبلدة" على "عقم" بلا محتوى وفي غياب ملحوظ لأهداف مرجوة التحقيق لصالح الثقافة والهوية الناصعة؛ غوغائية باهظة التكاليف من ميزانية الدولة على حساب التنمية التي، وحدها، هي القادرة على صناعة الوعي وإعداد المواطن لتحمل مسؤولياته كلها ودرء أسباب تمييع الثقافة وتشويه التراث والحفاظ على المدن القديمة التي تتعرض في كل عام للاجتياح الغوغائي النفعي والتلوث والتشويه من دون رصيد من البحوث والتحيين وبيع للتاريخ والحضارة أسوة بكل مدن العالم ذات الطابع التاريخي من معابد أثينا وسور الصين العظيم إلى تدمر بسوريا مرورا بالأهرام وقصر "فرساي بفرنسا " ومعابد "آنكور" بتايلاند والأهرامات المصرية وغيرها، مع اهتمام بالترميم الذي يكون بالمواد الأصلية مخافة التشويه.

هي إذن مراجعة جد ملحة لجميع أوجه الثقافة بشقيها القديم والحديث حتى تشكل الإطار الأمثل لوضع "إستراتيجية ثقافية" يعاد التفكير فيها مليا وتكليف القادرين على صياغتها لتلعب الثقافة دورها الغائب وتسهم في بناء الدولة والتعريف بها والاستفادة الاقتصادية الكبيرة منها.

 

ـــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك