( بقلم : أمجد الحسيني )
من الغريب ان يعيش العراقيون وخلال حقبتين زمنيتين تختلف الاولى عن الثانية اختلافا جذريا ظاهرة واحدة فبالامس هجّر صدام الكثير من العوائل العراقية ولعل المادة مئة واربعين من الدستور جاءت لتصحح ذلك التغيير الديمغرافي والجريمة الانسانية التي اجترحها صدام ونظامه وليحاول - الدستور - ان يعيد الاجزاء المقتطعة من كربلاء والنجف الاشرف والسماوة او المحتلة الى طبيعتها ورجع الحقوق الى مستحقيها وهي ليست دعوة طائفية او قومية او فئوية بل هي اعادة الحقوق واعادة طبيعة العراق المنتهكة الى حالها قبل عام 1968م ولعلي لن اخوض كثيرا في هذا القضية التي يدور داخل لجان مجلس النواب سجال حولها من اجل حلها ولعلي كتبت الكثير من المقالات حول هذه المسألة مشفوعا بالخرائط التي تؤكد احقية الكربلائيين والكركوكيين والنجفيين والرميثيين في اعادة اراضيهم المغتصبة وعلي اليوم ان اسلط الضوء على ظاهرة خطيرة تعتبر امتدادا للاولى هي محاولة البعض توطين المهجرين بعد سقوط النظام والذين هجرهم الارهاب الصدامي الى محافظات العراق على اساس طائفي عرقي ذهبت فورته باذن الله وان النفوس عادت الى الهوادة ولكن المشكلة لاتزال قائمة والظاهرة لاتزال واقعا ملموسا وهذه الظاهرة ظاهرة وطنية وليست طائفية فالمهجرين من مدينة الصدر والبنوك والشعب والشعلة والكاظمية هم سنة لهم الحق في العودة الى دورهم واملاكهم التي صارت نهبا للطائفيين والمتطفلين على الوطنية كما ان المهجرين من الاعظمية والعامرية والسيدية والخضراء هم شيعة لهم الحق ايضا في العودة الى دورهم التي انتهبت من قبل الطائفيين والمتطفلين على الوطنية ايضا ،
كما ان الكثير ممن كان يسكن الرمادي او الفلوجة او سامراء او ديالى من حقهم ان يعودوا الى بيوتهم وعلى الدولة والاحزاب التي تنتمي الى العملية السياسية من السنة ان يعملوا على اعادة المهجرين الى ديارهم كما ان على الاحزاب الشيعية بالمقابل والحكومة العراقية ان تعيد المهجرين من البصرة او العمارة او الكوت او الناصرية او غيرها من السنة ان تعيدهم الى دورهم وان عملية تطبيع الاوضاع هي اشبه بممارسات النظام الصدامي الذي هجر العراقيين الى خارج العراق وفي داخله لاغراض تغييرية قصديته منها ان يبيد طائفة كاملة وعرق كامل وهذه العودة ليست منة او هبة تهبها هذه الجهة او تلك بل هي حق مشروع فما هو ذنب الشيعي او السني ان يكون ضحية توافقات سياسية ومن يعطي للعراقي المهجر غدا ثمن داره الذي بناه بعرق عمله وباغلى الاثمان والذي استبيح من قبل الغير ومن دون وجه حق وهو اليوم يسكن في بيوت من الصفيح والضيم وهل تعني حكومة الوحدة الوطنية ان ترقع دون ان تعالج وان تجامل دون ان تعدل وهل هذا الترقيع لائق ومن قال ان المهجر يريد ان يترك داره ثم ان الحكومة ستواجه مشكلة كبيرة جدا ان حاولت تطبيع الاوضاع ان قبل الناس تجاوزا مشكلة تخص الدستور فهي لاتزال تحاول ترقيع المناطق المتنازع عليها في كركوك وغيرها ثم تاتي لتطبع مخالفة الدستور وان تنسينا هذه المشكلة فاننا سندخل مطبا اخر في الدستور حيث ان الدستور اقر ان ثلاث محافظات تجتمع لتغيير مادة في الدستور او لها الحق فعرقلة مادة في الستور او حتى رفض لدستور برمته وهذا يعني ان الدستور سيكون عرضة لمزاجيات طائفية وعرقية لان مالا يناسب الطائفة الفلانية او العرق الفلاني سيغير ليصير الدستور عبئا على العراق بعد ان اريد له ان يكون حلا وهنا اتسائل اين دعاة وحدة العراق الذين يقفون امام مشرع الاقاليم العراقي
والذين يتهمون قانون الاقاليم الذي يوحد بانه يقسم العراق الا يرون ان التقسيم الحقيقي في العرقية والطائفية التي تشرعن اليوم بتوطين المهجرين وتقف ساكتة مع عدم ايجاد الحل الكفيل باعادة المهجرين والكل يعلم ان الجميع بمقدورهم ان يتقدموا بمبادرة لاعادة المهجرين كما كان يدعي الجميع ان المشكلة سياسية فلماذا تقف الاحزاب والحركات التي كثيرا ماتحمل شعارات الوحدوية لاعادة المهجرين الشيعة او السنة الى مناطقهم ، بالاضافة الى ان الانتخابات القادمة ستكون عرجاء خاصة اذا اصرت مفوضية الانتخابات ان ينتخب المهجر في المنطقة المهجر اليها مرشحي المنطقة النازح اليها وليس النازح منها وهذا يعني سابقة خطيرة ومنعطف في تاريخ العراق الديمغرافي (قانون القوة والمناطق المغلقة ) فقد اكدت الاحصائيات على ان العاصمة بغداد نزح عنها حوالي مئة وواحد وخمسين الف واربعمئة وخمس وثلاثين عائلة
وهنا علي ان الفت نظر القاريء الى ان هذا النزوح كان الى خارج بغداد اي الى المحافظات الشمالية او الوسطى والجنوبية اما العوائل النازحة داخل بغداد نتيجة العنف الطائفي فقد بلغ حوالي اثنين وتسعين الفا وتسعمئة وست وثلاثين اي ما يعادل خمسمئة وثلاث وستين الفا وسبعمئة وواحد وسبعين !!! اي "اكثر من نصف مليون " نسمة اما عدد النازحين من البصرة من السنة او الشيعة الهاربين من اغتيالات الحركات الردكالية فقد بلغ ستة الاف وواحد وثلاثين عائلة اي حوالي خمسة وثلاثين الفا وسبعمئة وثمانية عشر نسمة والانبار حوالي ثمانية الاف وثمان مئة وست وسبعين عائلة اي مايقارب واحدا وخمسين الفا واربعمئة وسبعة وثمانين الف نسمة اما ديالى فقد بلغ عدد النازحين من الشيعة حوالي سبعة عشر الفا ومئة وثمانية وتسعين الف نسمة وصلاح الدين سبعة الاف وثمان مئة وسبعة عشر عائلة اي مايقارب خمس واربعين الفا وسبعمئة واثنين وستين نسمة ؟؟ اي ان الاعداد تقدر بالملايين وهي اعداد مذهلة وعلي هنا ان اؤكد ان هذه الاحصائيات صادرة عن وزارة المهجرين والمهاجرين بعد شهر شباط 2006 اي ان هذه الاحصائات رسمية ومعتمدة سياسيا ووطنيا وهنا علي ان اضع ويضع الجميع الالاف من علامات الاستفهام التي يجب الاخذ بها بنظر الاعتبار اذا اردنا عراقا جديدا لان هكذا امراض تهدد كيان الدولة العراقية الان ومستقبلا وهو تغريب الموطن في وطنه وتحديده بسجن كبير يحصره في كانتونات عرقية وطائفية .
https://telegram.me/buratha