( بقلم : عواد عباس الموسوي )
تعددت آراء المراقبين حول الأسباب الحقيقية التي جعلت مقتدى الصدر يختار إيران للإقامة فيها منذ اختفائه و حتى اللحظة . و إذ لا يصعب فهم مغزى التضليل على مكان تواجده من قبل أعضاء في تياره فإن ما رشح مؤخرا من مصادر موثوقة قد يلقي شيئا من الوضوح على اختيار مقتدى لإيران مكانا يحرص أتباعه على عدم الإفصاح عنه . بالطبع فإن جانبا من دوافع التضليل تلك متعلقة بقضايا سياسية لما تسببه المجاهرة بوجوده في إيران من حرق لورقته العروبية التي يحاول من خلالها كسب ولاء و معاضدة إعلامية من العربان و رجالاتهم الطائفيين في الداخل .
إن من بين الأسباب التي وضعها المراقبون للشأن الصدري و العراقي عامة التي أدت بمقتدى لاختيار إيران مكانا للإقامة فيه هو توفر قدر أكبر من الحماية له خلافا لأي مكان آخر و قيل انه اختار حوزة قم لإكمال دراسته الحوزوية هناك هذا مع أن مقتدى كان متشبثا برأي والده كون حوزة النجف أعظم و أكثر روحانية لطالب العلم من حوزة قم و أن هذه الروحانية توفر قدرا من التكامل المعنوي الذي يردد مقتدى في رسائله أنه بصدد الوصول إليه ، و لا ننسى هنا أيضا أن السيد محمد صادق الصدر والد مقتدى كان قد فتح ملفا غريبا و غير معهود في المفاضلة القومية و التاريخية معا بين الحوزات الدينية و ادعى أن ثمة مساعي إيرانية لسلب حوزة النجف محوريتها و ثقلها لصالح حوزة قم و هو تقسيم و تصنيف يدخل في مستوى الثنائيات القاتلة التي أوجدها المرحوم محمد صادق و كان لها بالغ الأثر في إذكاء انقسامات اجتماعية في الصف الإسلامي الشيعي من قبيل تقسيمه المرجعية إلى صامتة و ناطقة و المراجع إلى عرب و فرس و الشيعة إلى ممهدين لظهور الإمام المهدي و أعداء للتمهيد ... الخ .
و على أية حال فمن الأسباب الأخرى هو وجود حساباته المالية هناك و مصادر تسليح مليشياته و تدريبهم و هي أمور مهمة من الضروري إدارتها و الإطلاع عليها عن كثب . غير أن ثمة من ذهب إلى أن وجود مقتدى هناك لم يكن باختياره فقد تلقى أمرا من صانع القرار الفعلي لمليشياته وسياسييه بضرورة المجيء إلى إيران و بعد ذلك تم فرض الإقامة الجبرية عليه و قد رضخ مقتدى لنوع تلك الإقامة التي تحدد حركته ضمن إطار و مساحة جغرافية معينة و يشرف على مراقبته مجموعة من عناصر الأمن الإيراني بدأ الصدر بالتعرف على العديد منهم و الذين يصطحبونه حتى داخل حلقات دراسته هناك .
إلا أن مصادر موثوقة و قريبة من مقتدى أطلعتنا على ما يمكن اعتباره جزء رئيس من السبب الحقيقي مع عدم تضاده و منعه للأسباب الأخرى ويتلخص في أن مقتدى الصدر يخطط للحصول على تأييد واضح و علني من مرجعية معروفة توفر له غطاء شرعي لمدى زمني لا يقل عن أربعة أعوام و هي الفترة التي يخمن مقتدى أنه قادر على بلوغ رتبة الاجتهاد خلالها .
و كان السيد كاظم الحائري خيار مقتدى الأول و بعد لقاء عابر جمعه بالسيد الحائري قبل سبعة أشهر تناهى إلى أسماع الحائري ما يخطط له مقتدى و ينطوي عليه من رغبة في تسويق تياره جماهيريا و تحسين صورته و تثبيت العديد من أتباعه على موقفهم الموالي له بعد أن داخلتهم الشكوك حول أهلية مقتدى لزعامة الصدريين بسبب تهافت خطاباته و تناقضها و تأرجح مواقفه و عدم ثباتها ، نؤكد انه بعد اطلاع و كشف هذه الحقيقة لسماحة السيد الحائري امتنع السيد عن لقاء مقتدى الصدر ، و حتى الأسبوع الماضي أعاد مقتدى محاولاته عبثا وسط إصرار السيد كاظم الحائري على رفض مقابلته .
و لهذا بدأ مقتدى في التفكير الجدي بالبحث عن مرجعية تلبي طموحاته و تحقق له الأهداف التي يسعى لأجلها و تكون طوع ما يريده و لا سيما الحصول على تأييد شرعي لمليشياته التي اسماها جيش المهدي و ترجح ذات المصادر أن تكون الوجهة الجديدة لمقتدى متمثلة بالسيد محمود الهاشمي أحد المعروفين بأنه من ابرز تلاميذ الشهيد محمد باقر الصدر وهو أقرب إلى مقتدى . رغم أن الكثير من المراقبين و المطلعين لا يكاد يقتنع بأن ثمة مرجعا دينيا واحدا سيكون في معرض القبول بجعل نفسه سلعة تسويق و بوستر إعلامي مؤقت لأربعة أعوام حتى يعلن مقتدى أنه قد حصل على الاجتهاد و بالتالي إصدار قرار بعزل تلك المرجعية من مهامها ..
https://telegram.me/buratha