كوثر العزاوي ||
الأصل في المؤمن ألّا يظنّ بأخيه سوءًا، لأنّ سوء الظن يؤدي إلى الخصومات والعداوات بل وتَقَطُّعِ الصِّلات، أما في العنوان الثانوي فثمّة مفهوم يوضّحه ماجاء في رواية عن أمير المؤمنين"عليه السلام" حيث يقول:
{إِذَا اسْتَوْلَى الصَّلَاحُ عَلَى الزَّمَانِ وأَهْلِهِ ثُمَّ أَسَاءَ رَجُلٌ الظَّنَّ بِرَجُلٍ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ حَوْبَةٌ -خزية- فَقَدْ ظَلَمَ، وإِذَا اسْتَوْلَى الْفَسَادُ عَلَى الزَّمَانِ وأَهْلِهِ فَأَحْسَنَ رَجُلٌ الظَّنَّ بِرَجُلٍ فَقَدْ غَرَّرَ}
يتبيّن مما رُويَ، أنّ على المكلف المؤمن، التحفّظ في قيمة حسن الظنّ في المجتمعات التي يغلِب عليها الظلم والجور والفساد، في مرحلة تموج بالشبهات والملابسات على جميع صعد الحياة المختلفة، بحيث يُصبح حسن الظنّ من السذاجة السلبيّة في مثل هذه المرحلة، ولكي لايتوهّم القارئ، ثمة
ما يُؤيِّد أنَّ الرواية بصدد بيان [التحذير من حسن الظن] وليست بصدد [الأمر بسوء الظن] فالفرق كبير بين الأمر والتحذير، بشاهدٍ آخر يرويه الإمام الصادق"عليه السلام" في قوله:
{إذا كان الزمانُ زمانَ جَورٍ وأهلُه أهلَ غدرٍ فالطمأنينة إلى كلِّ أحدٍ عجزٌ}!!
فالحذر المطلوب في ماورد من أقوال الهداة من آل محمد "عليهم السلام"من حُسن الظنِّ، هو ذلك الذي يفضي الى الوقوع في الهَلَكة أو الخديعة،إذا غلب على أهل الزمان الفساد..
وهنا يتجلّى دور الوعي والبصيرة والحسّ النابض الذي يسبق صاحبه لتحديد وجهته فيما يُشارُ إليه في عملٍ ما، أو أمر هنا، أو تكليف هناك،
ومِن قِبَل مَن، سواء كان الداعي شخص أو مجموعة، أوجهة مهما كانت الصّفة والعنوان، مايجعل المكلف مُطَالَب بالوقوف والتأمل قليلا عند أيّة محطة غير مُعرَّفة قبل القبول والإقدام، لا سيما في وقتٍ نجد العدوّ يتربّص بنا الدوائر بهدف إنجاح خططه الخبيثة عبر أدوات الحرب الناعمة وتزويق الوجوه والألسن واستدراج الناس وإغوائهم، مستغلًّا نقاط الضعف الناتجة عن الجهل او الحاجة أو التمرّد أوغير ذلك من عوامل الضعف وهشاشة الشخصية عند الكثير من أفراد المجتمع.
١٩ربيع الأول١٤٤٤هج
١٦-١٠-٢٠٢٢م
ــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha