المقالات

من السلبيات المجتمعية سرعة الاتهام


الشيخ محمد الربيعي ||

 

ونحن نعيش ايام ذكرى ولادة الامام الصادق ( ع ) ...

نريد ان نتعلم من مدرسة الامام جعفر الصادق ( ع ) ، ما هي الامور التي يجب ان يتجنبها الفرد و المجتمع ، لكي يعيش في مجتمع سعيد و متماسك ، و من خلال تلك المعرفة نحافظ على تماسكه وبنائه و وحدته ..

ان اعتماد المجتمع على سلوك داعي الى السرعة في القاء التهم والحكم معناة هنا وقع ذلك المجتمع تحت سلطة التفكك و التشتت و النزاعات و الاختلافات ...

محل الشاهد :

نجد في بعض كلمات أئمّة أهل البيت (ع) ما يوضح لنا هذه الفكرة بطريقة جديدة، تجمع بين حسن الظنّ، بمعنى عدم الإسراع في الاتّهام أو الحكم على الإنسان بالسّوء، وقبول عذره أو زعمه البراءة، فيما إذا ادّعاها، وبين قبول قول الناس عنه، بمعنى اعتبار كلامهم أساساً للحذر منه، وتجنّب الوقوع في خطر الواقع السيّئ المفروض.

فقد ورد في حديث الإمام جعفر الصّادق (ع) في خطابه لأحد أصحابه:

"يا أبا محمَّد، كَذِّب سمعك وبصرك عن أخيك، فإنْ شهد عندك خمسون قسامة أنَّه قال، وقال لم أقل، فصدّقه".

وخلاصة الفكرة، أنّ عليك أن تقبل قوله، بمعنى ألّا تحكم عليه بحسب كلامهم، بل تترك هناك مجالاً لاحتمالات الصحّة، ما كان إلى ذلك سبيل، ولكن ليس معناها أن تحكم بكذبهم لمجرّد قوله.

وقد ورد في حديثٍ آخر للإمام جعفر الصّادق (ع) في حديثه مع ولده إسماعيل، ما يلقي الضّوء على الجانب الآخر للفكرة، وهو لزوم الحذر في مثل الحالة السّابقة في الحديث المتقدّم، فقد كان لإسماعيل دنانير، وأراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن، فقال: يا أبت، إنّ فلاناً يريد الخروج إلى اليمن، وعندي كذا وكذا دينار، أفترى أن أدفعها إليه يبتاع لي بها بضاعة من اليمن؟... فقال له أبو عبد الله الصّادق (ع): "يا بنيّ، أما بلغك أنّه يشرب الخمر؟ قال: يا أبت، إنّي لم أره يشرب الخمر، إنّما سمعت الناس يقولون. فقال: يا بنيّ، إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول: {يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ}. يقول: يصدّق الله ويصدّق المؤمنين، فإذا شهد عندك المسلمون فصدّقهم".

فإنَّ الإمام الصّادق (ع) يريد من خلال كلامه، فيما يبدو، أن يثير جانب الحذر لدى ولده من خلال كلام المؤمنين، بقرينة استشهاده بالآية التي تريد من تصديق المؤمنين ـ حسب الظاهر ـ عدم رفض كلامهم، مع العمل على ما يقتضيه جانب الحذر.

أنَّ معنى تصديق المخبر في الآية، هو إظهار القبول وعدم تكذيبه وطرح قوله رأساً، مع العمل في نفسه بما يقتضيه الاحتياط التّام بالنّسبة إلى المخبَر عنه، فإنْ كان المخبَر به ممّا يتعلَّق بسوء حاله لا يؤذيه في الظاهر، لكن يكون على حذر منه في الباطن، كما هو مقتضى المصلحة في حكاية إسماعيل المتقدّمة.

وهكذا نصل إلى نهاية المطاف، حيث نستطيع ان نفهم (  في قاعدة الصحّة ) ، أساساً خلقيّاً يقترب بالإنسان من العدالة، فلا يحكم بمجرَّد الظنّ، بل يحاول إثارة احتمال الخير، من أجل إفساح المجال للتبيّن وإعطاء الحكم العادل، ولكنّه في الوقت نفسه، يبتعد به عن السّذاجة، لأنّه لا يريد للإنسان أن يستسلم لاحتمالات الخير في عمله، بل يوحي إليه بأنْ يراقب احتمالات الشرّ في احتياط شديد.

فنهيب بالامة ان لا يتسرعوا بالحكم و ان لايتسرعوا بالتهمة ...

اللهم احفظ الاسلام و اهله

اللهم احفظ العراق وشعبه

 

ـــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك