المقالات

كيف رفض شهيد المحراب تثمين الشهيد الصدر له في كتاب فلسفتنا؟

2234 21:53:00 2008-05-21

( بقلم : كريم النوري )

علاقات المرجعيات الدينية في النجف الاشرف تميزت بعلاقات متينة وصلات خاصة بحكم الواقع العملي والديني لهذه المدينة والهموم الحوزوية المشتركة ولم تتأثر بطبيعة الصراعات التي افتعلتها الانظمة السياسية المتعاقبة على الحكم في العراق والتي حاولت وضع هذه العلاقات لمؤثرات الاهتزاز وسوء الظن.

كذلك لم تتأثر العلاقات المرجعية في النجف الاشرف بسبب الخلافات في المباني الفقهية والفكرية والتوجهات الدينية والسياسية بل كانت هذه الخلافات لا تتعدى منابر الدرس والمباحث العلمية والمتخصصين باعتبارها قضايا معمقة لم يطلع عليها العوام والبسطاء من الناس. والامر الاخر الذي يميز هذه العلاقات بين المراجع والفقهاء في النجف الاشرف ان السجالات الفكرية والسياسية هي في الواقع محل جدل وابتلاء فكري وليست مجرد ترف ذهني او خلافات تنافسية لا تليق بشأن الحوزة العملية في هذه المدينة المقدسة مدينة امير المؤمنين(ع). وقد تتميز بشكل اكيد هذه العلاقات بين بيوتات المرجعية واهل الفقاهة اذا كانت الهموم الفكرية والسياسية متقاربة او متطابقة كما هي علاقات آل الحكيم بالسيد الشهيد محمد باقر الصدر.

كانت علاقات السيد الشهيد محمد باقر الصدر متميزة مع شهيد المحراب(قدس) وهي لم تتاطر بعلاقات عائلية تسودها العاطفة والمحبة والانسجام الفكري والفقهي بل تتعداها الى ابعد من ذلك في الهموم الاسلامية الكبرى والقضايا الفكرية الاساسية في مواجهة التيارات الوافدة والمنحرفة.

يتحدث شهيد المحراب(قدس) عن علاقته الوطيدة مع السيد الشهيد محمد باقر الصدر بقوله: بدأت علاقتي بالشهيد الصدر (رضوان الله عليه) في وقت مبكر حيث كنت اقرأ كتاب (كفاية الاصول) - من الكتب المعمقة للاخوند الخراساني يبحث اصول الفقه- في سن التاسعة عشر من العمر وقد تعرفت عليه كأحد مدرسي الكفاية فوجدت فيه الاستاذ المبدع والعلم النافع والصديق الوفي وفي هذا الاطار- والقول لشهيد المحراب(قدس)- كانت الاخوة في الله وعلى مستوى عال من الاندماج الروحي والعاطفي والفكري والهموم العامة. ويضيف شهيد المحراب(قدس): وقد تطورت هذه العلاقة الى درجة انه لا يكاد ان نفترق الا لحاجة ملحة ولم نكن نشعر بالوقت عند اللقاء وفي مختلف التفاصيل الصغيرة والكبيرة.

ويشير شهيد المحراب(قدس) الى طبيعة الاهتمامات الفكرية بينه وبين السيد الشهيد محمد باقر الصدر بقوله: في هذه الفترة كان التطلع للقيام بعمل واسع للمواجهة الفكرية والسياسية الواسعة التي كانت قوية ونافذة خصوصاً في أوساط الشباب والمثقفين، وكان تصدي المرجعية الدينية للعمل السياسي والثقافي والاجتماعي والديني خصوصاً بعد انقلاب 14 تموز سنة 1958 ومواجهة التيارات الشيوعية والفوضوية والعنصرية والتطرف اليساري والقومي ومحاولات الغرب لاحكام الهمينة على العالم العربي والاسلامي، فكان تأسيس جماعة العلماء ومجلة الاضواء والحركة الاسلامية المنظمة وتوعية الحوزة واوساط الامة المختلفة واستنباط النظرية الاسلامية لتكوين القاعدة الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

يواصل شهيد المحراب(قدس) كلامه بقوله: وكان لي حضور فاعل في كل هذه النشاطات التي تقوم بها المرجعية الدينية او الشهيد الصدر الذي كان له دور مختلف من حيث السعة والشمول ولكنه كان مهماً على أي حال.ويضيف شهيد المحراب(قدس) وفي هذه الفترة أي في عام 1958 وضع الشهيد الصدر نظرية الحكم الاسلامي على أساس الشورى وتمت مناقشتها وعرضها على بعض العلماء الاعلام وصياغتها على شكل مواد واسس وكذلك تأسيس الحركة الاسلامية وكتابة كتاب(فلسفتنا) واصدار مجلة الاضواء وكنت الى جانب الشهيد الصدر في كل ذلك حيث كنا نعمل باخلاص وتفان وتضحية نبتغي رضا الله تعالى ووجهه الكريم.

ويكشف شهيد المحراب عن الظروف التي كانت تعيشها مدينة النجف الاشرف والحوزة العملية تحديداً بقوله ( لقد كانت مدينة النجف في ذلك الوقت قد احتلت من قبل الاشرار حيث كانت تنتشر فيها ما يسمى بالمقاومة الشعبية في كل مكان خصوصاً في الليل تملأ الطرقات والازقة وكانت بيوتنا مراقبة بشكل خاص، وكنت اسهر الليل الى جانب السيد الصدر وانصرف وقد خلت الطرقات الا من هؤلاء وتنتظر الهجوم علينا في كل لحظة حيث كان يقتل الانسان او يجر بالحبال دون رحمة او رادع.

ويؤكد شهيد المحراب دور الشهيد محمد باقر الصدر في مواجهة التيارات الوافدة بقوله ( لقد كتب الشهيد الصدر كتاب فلسفتنا في هذه الفترة وهو مناقشة للفكر الماركسي واخذت بعض الصحف المعادية للشيوعية بنشره وتوتر الوضع السياسي ضده وكان عليّ ان اطبع الكتاب وكانت المطبعة التي وافقت على طبعه هي المطبعة التي تطبع فيها الجريدة اليومية للشيوعيين في منطقة الفرات الاوسط ، وقد كنت اتردد على هذه المطبعة كل يوم لمتابعة هذا الموضوع واواجه خطر الموت او الاعتقال يومياً.

ويشير شهيد المحراب(قدس) الى مراحل طبع كتاب فلسفتنا بقوله( لقد كان اخراج الكتاب يمر بدور القراءة الاولية للشهيد الصدر ثم بدور وضع العناوين وتقسيمه ثم دور ارساله الى المطبعة وتصحيحه للمرة الاولى والثانية والذي كنت اقوم به ثم يقوم الشهيد الصدر بتصحيح الكتاب للمرة الثالثة من خلال قراءته له بنفسه.

ويضيف شهيد المحراب(قدس) حاول الشهيد الصدر ان يثمن هذا الموقف بمقدمة كتاب فلسفتنا الا انني اطلعت عليه بسبب مرور اوراق التصحيح عليّ فحذفت ما ذكره من تثمين وارسلته الى المطبعة حيث فوجىء الشهيد الصدر بالكتاب يصدر خالياً من ذلك ولم يحدثني بشىء وانتظر كتاب اقتصادنا بعد سنة تقريباً حتى كتب هذه العبارة المشار اليها في مقدمة اقتصادنا وفي هذه المرة اوصى عامل المطبعة ان لا يعطيني الاوراق بل يذهب بها الى المطبعة مباشرة فوجئت بصدور الكتاب وفيه هذا اللطف والمحبة.وسنشير الى العلاقة بين شهيد المحراب والشهيد الصدر في الايام الاخيرة في الحلقة القادمة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
مهند عبد الرضا العقابي
2008-05-25
رحمك الله ابا صادق الحكيم كنت علما ولم يستطع اي حاقد ان يهزك
علي النجفي
2008-05-23
هذا شهيد المحراب وهذه مواقفه الشجاعة فلم يحقد عليه الا مريض وحاقد ومعاند وعاش في عقلية البعث انتماء حقيقي فهذا الشهيد العظيم كان رحمة لكل العراقيين ولذلك استهدفوه ليحرموا العراق من عطاءاته
نوال علي
2008-05-23
لا احد ينكر علاقة الشهيد محمد باقر الصدر بالسيد شهيد المحراب ولكن عتبي الشديد لماذا لم يطلع شعبنا على هذه المواقف
زهراء فلاح
2008-05-23
مقال جدا مهم وهو يكشف عن اسرار علاقة شهيد المحراب بالسيد الشهيد الصدر ولكن لماذا لم يذكر الاخ الكاتب المصادر التي اعتمدها وان كنت لا اشك بصحة ما كتبه ولكن لابد من التوثيق
يحيى الاسدي
2008-05-22
لا ازال اتذكر اللحظات الاخيره للسيد شهيد المحراب ( قد) ننظر الى وجه الباسم يعشقه كل من ينظر اليه لا يحمل حقد لاي شخص يحب الكل ويحبه الكل الا من تجرد من العقل والاحساس استشهد وخلفنا اسرى الحزن مودعا الناس بصلاة الجمعه اللهم احشرني معه بحق محمد وال محمد
حيدر العراقي
2008-05-22
رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهما فسيح جناته، فلقد رحلا عنا كلاهما في وقت كنا بأشد الحاجة إليهما وإلى حكمتهما ورجاحة رأيهما، فلو بقي الشهيد محمد باقر الصدر لما وقعت الكوارث التي جلبها صدام، ولو بقي الشهيد محمد باقر الحكيم لما حصل في العراق ما حصل منذ استشهاده وإلى وقت قريب، ولكنهما عند الله أحياءٌ يرزقون، وهذا خيرٌ من كل شيء
علي السّراي
2008-05-21
رضوان الله تعالى عليهما وعلى روحيهما المقدسة الطاهرة وهنيئا لهما جنان الخلد التي اعدت للمتقين وسلام عز ٍ دائم متواصل عليهما يوم ولدا ويوم استشهدا ويوم يبعثون احياء بين يدي مليك مقتدر ليقتصوا من قتلتهما وقتلة ابناء شعبهما الفاتحة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك