المقالات

الأسئلة والأجوبة القرآنية /٤..


د.مسعود ناجي إدريس ||

 

سؤال:في الآية 34 من النساء   هل للرجال افضيلة على النساء وما سبب هذه الافضلية ، ولماذا جعل الرجل مسؤولا عن المرأة؟

جواب:

القوامة في النّظام العائلي :

قال الله تعالى في مطلع هذه الآية { الرّجال قوّامون على النّساء } ولابدّ لتوضيح هذه العبارة من الإِلتفات إِلى أنّ العائلة وحدة إجتماعية صغيرة ، وهي كالإِجتماع الكبير لابدّ لها من قائد وقائم بأمورها ، لأن القيادة والقوامة الجماعية التي يشترك فيها الرجل والمرأة معاً ، لا معنى لها ولا مفهوم ، فلابدّ أن يستقل الرجل أو المرأة بالقوامة ، ويكون «رئيساً» للعائلة ، بينما يكون الآخر بمثابة «المعاون» له الذي يعمل تحت إِشراف الرئيس.

إِنّ القرآن يصرّح ـ هنا ـ بأنّ مقام القوامة والقيادة للعائلة لابدّ أن يعطي للرجل (ويجب أن لا يساء فهم هذا الكلام ، فليس المقصود من هذا التعبير هو الإِستبداد والإِجحاف والعدوان ، بل المقصود هو أن تكون القيادة واحدة ومنظمة تتحمل مسؤولياتها مع أخذ مبدأ الشورى والتشاور بنظر الإِعتبار).

إنّ هذه المسألة تبدو واضحة في هذا العصر أكثر من أي وقت مضى ، وهي أن أية هيئة حتى المؤلفة من شخصين مكلفة بالقيام بأمر لابدّ أن يتولى أحدهما زعامة تلك الهيئة فيكون رئيسها ، بينما يقوم الآخر بمساعدته فيكون بمثابة (المعاون أو العضو) ، وإلاّ سادت الفوضى أعمال تلك الهيئة واختلت نشاطاتها وأخفقت في تحقيق أهدافها المنشودة ، وهكذا الحال بالنسبة إِلى العائلة ، فلابدّ من إسناد إدارة العائلة إِلى الرجل.

وإِنّما تعطى هذه المكانة للرجل لكونه يتمتع بخصوصيات معينة مثل القدرة على ترجيح جانب العقل على جانب العاطفة والمشاعر ، (على العكس من المرأة التي تتمتع بطاقة فياضة وطاغية من الأحاسيس والعواطف) ومثل امتلاك بنية داخلية وقوة بدنية أكبر ليستطيع بالأُولى أن يفكر ويخطط جيداً ، ويستطيع بالثانية أن يدافع عن العائلة ويذّب عنها.

هذا مضافاً إِلى أنّه يستحق ـ لقاء ما يتحمله من الإِنفاق على الأولاد والزوجة ، ولقاء ما تعهده من القيام بكل التكاليف اللازمة من مهر ونفقة وإِدارة مادية لائقة للعائلة ـ أن تناط إِليه وظيفة القوامة والرئاسة في النظام العائلي .

نعم يمكن أن يكون هناك بعض النسوة ممن يتفوقن على أزواجهنّ في بعض الجهات ، إِلاّ أن القوانين ـ كما أسلفنا مراراً ـ تسن بملاحظة النوع ومراعاة الأغلبية لا بملاحظة الأفراد ، فرداً فرداً ، ولا شك أنّ الحالة الغالبة في الرجال أنّهم يتفوقون على النساء في القابلية على القيام بهذه المهمّة ، وإِن كانت النسوة يمكنهنّ أن يتعهدن القيام بوظائف أُخرى لا يشك في أهميتها.

إنّ جملة { بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم } إِشارة أيضاً إِلى هذه الحقيقة ، لأنّ القسم الأوّل من هذه الفقرة يقول: إن هذه القوامة إنّما هو لأجل التفاوت الذي أوجده الله بين أفراد البشر من ناحية الخلق لمصلحة تقتضيها حياة النوع البشري ، بينما يقول في القسم الثاني منها : وأيضاً لأجل أن الرجال كلفوا بالقيام بتعهدات مالية تجاه الزوجات والأولاد في مجال الإِنفاق والبذل.

ولكن غير خفي أن إِناطة مثل هذه الوظيفة والمكانة إِلى الرجل لا تدل على أفضلية شخصية الرّجل من الناحية البشرية ، ولا يبرر تميزه في العالم الآخر (أي يوم القيامة) لأنّ التميز والأفضيلة في عالم الآخرة يدور مدار التقوى فقط ، كما أنّ شخصية المعاونة الإِنسانية قد تترجح في بعض الجهات المختلفة على شخصية الرئيس ، ولكن الرئيس يتفوق على معاونه في الإِرادة التي أنيطت إليه ، فيكون أليق من المعاون في هذا المجال.

ثمّ أنّ الله سبحانه ذكّر الرجال مرّة أُخرى في ختام الآية بأن لا يسيئوا استخدام مكانتهم كقيمين على العائلة فيجحفوا في حق أزواجهم ، وأن يفكروا في قدرة الله التي هي فوق كل قدرة { إِنّ الله كان علياً كبيراً } ..

 

ــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك