المقالات

العراق وانتاج الكراهية


علي عنبر السعدي ||

 

هل سجل العراق قصب السبق في انتاج الكراهية وترويجها ؟ ومتى يحين وقت انحسارها ؟

حتى سنوات خلت، لم تكن المنطقة العربية قد استقرت على صورتها النمطية الراهنة، باعتبارها خزّاناً هائلاً لتصدير الكراهية أو استجلابها، وبالتالي لم يكن العرب قد حشروا في "مكانتهم" البارزة لإنتاج هذا النوع من "الأسلحة" الفتاكة، إذ لم تكن تلك المفردة حكراً على العرب دون غيرهم من سائر الأمم ، فهي قد وجدت طريقها الى السلوك البشري منذ وجوده الأول، بكونها شعوراً فردياً يتولد في النفس حينما يكتشف الإنسان مقدار عجزه عن قهر الآخر المنافس .

ورغم ان علم السياسة جاء لينظم الكراهيات باتجاه أولويات المصالح،الإ ان الكراهية ظلت حاضرة على الدوام، يرتفع منسوبها بتناسب عكسي مع ضعف الأمة أو قوتها.

 الشعوب الأكثر استحضارا للكراهية، هي الأقل قدرة على التفاعل مع نفسها، من هنا يظهر ذلك التشابك المثير بين مجموعة من العوامل المتناقضة التي تتكون منها الكراهية، لتدخل  في منظومة التشكّل النفسي أو الغرائزي الذي يجنح باتجاه مصادرة العقل بشكل تامّ، لأن العقل بحساباته الدقيقة ، لا يقبل الإ بما هو متحقق فعلاً، أو ما يمكن توفيره من العوامل الموضوعية لضمان تحقيقه، يتحول عندها الى رقيب يذكّر دائماً بالفشل، لذا يفقد العقل وظيفته المعرفية، محدثاً فجوة لايمكن ردمها الإ على أنقاض ما بنته الكراهية من سلوكيات.

لقد تجاوزت الكراهية كونها شعوراً ، لتدخل في مناطق مجهولة قد يتولد فيها "دين" دموي جديد، ليصبح البحث عن إيجاد توصيف لهذه الكراهية، ـ في نظريات العلم أو اجتهادات الفقه أو مقولات الموروث ـ ضرباً من المستحيل، فالآيديولوجيا ( علم الفكرة) بناء فكري يبحث عن تحقيق هدف ما.

 الهوية  لشعب ما ، تثبيت لخصوصية حضارية ـ أيّاً يكن شكلها وأحقيتها ـ أما الكراهية ، فينبغي استخراجها من مرويات الخرافة، بعد تجريدها من كل أبعادها الأدبية والجمالية.

لقد بذلت أوربا جهوداً جبارة لتنفض عن كاهلها "كراهية" محاكم التفتيش والحروب الدينية وكوارث النازية والفاشية، لتضع مكانها القدرات الكامنة في مقولة ديكارت عن ربط الوجود الإنساني بانتصار العقل "أنا افكر، إذاً أنا موجود" كذلك حوّلت اليابان كراهيتها للأمريكي، الى طاقة منتجة بعد أن أعادت صهرها بمصاهر العقل.

الكراهية  ليس مجرد لفظ يقال ويمضي، إذ نبتت له قرون وأجنحة ومخالب وأنياب كتنين خرافي، لذا بات الاقتراب من محاولة تفسير معقول لهذه الظاهرة، يحتاج الى زمن طويل ، للإجابة عن سؤال كيف يمكن لشعب أن تتحول فيه الكراهية من حالة لاشعورية - مؤقتة وفردية في الغالب ، الى سلوكيات مركبة ومتداخلة ،حيث لم يعد في الإنسان ما يمكن وصفه حسب ثقافته ووعيه ،بل حسب مايحمله من كراهية.

(1) ظهرت النازية والفاشية في أوروبا كمثال لأيديلوجيا الكراهية ، فيما قامت (الوهابية ) بإلباس الكراهية ثوب الدين ،أما الكراهيات الجديدة ، فقد استبدلت الكهنة والدعاة ، بكهنة مواقع التواصل  .

 

ــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك