المقالات

المعروف في الفكر الحسيني


الشيخ محمد الربيعي ||

 

نحاول بصورة موجزة نتكلم عن معنى المعروف و لمن يكون المعروف في فكر الامام الحسين ( ع ) ...

يقول الإمام الحسين(ع)، وقد دار الحديث في مجلسه حول سؤال: لمن المعروف؟!

فعندما تريد العطاء، هل تدرس استحقاق من تريد أن تعطيه، لتميّز المستحقّ من غير المستحقّ، أو أنّ عليك أن تنطلق من إيمانك بالمعروف ومن روحيّة العطاء في نفسك؟

 ففي العطاء ـ أيها الأحبة ـ معنيان؛ ▪️المعنى الأوّل يتصل بالمعطي، باعتبار أنّ العطاء عنصر إنساني يوحي بأنّ هذا الإنسان لا يعيش في داخل ذاته، بل يعيش في وعيه لطاقاته، بأنها ليست ملكه، بل هي ملك الآخرين مما يحتاجونه منها.

  ▪️والنقطة الثّانية في العطاء هي حاجة من تعطي، أي استحقاقه. لذلك، يقال إنّ رجلاً قال عند الإمام الحسين(ع): "إنّ المعروف إذا أسدي إلى غير أهله ضاع"، أي إذا أعطيت من لا يستحقّ من معروفك، فإنّه يضيع، لأنه لا يجد أرضه التي يستقرّ عليها، ولا يجد نتائجه الإيجابيّة التي يفترض أن يحقّقها.

فهذا الرّجل ينظر إلى المسألة من خلال طبيعة المعطي، فقال الإمام الحسين(ع) وهو ينظر إلى المسألة من خلال إنسانية المعطي.

قال(ع): "ليس كذلك، ولكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر، تصيب البرّ والفاجر"، فكُن كالمطر الذي عندما يهطل، فإنه لا يدرس الأرض التي يقع فيها، هل هي أرض جديبة أو هي أرض خصيبة؟! إنه يختزن في ما أودع الله فيه معنى أن يعطي، لأنّ العطاء سرّ وجوده.

فليكن العطاء سرّ وجودك، فتعطي لأنّك تؤمن بالعطاء، وهذا ما عبّر عنه الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين(ع)، والولد سرّ أبيه: "اللّهمّ صلّ على محمد وآل محمد، وسدّدني لأن أعارض من غشّني بالنّصح، وأجزي من هجرني بالبرّ، وأثيب من حرمني بالبذل، وأكافئ من قطعني بالصّلة، وأخالف من اغتابني إلى حسن الذّكر".

وكان في وصيّته لأحد أبنائه: "يا بنيّ، افعل الخير إلى كلّ من طلبه منك، فإن كان أهله فقد أصبت موضعه، وإن لم يكن بأهل كنت أنت أهله". وتلك هي صفة الله تعالى الّذي يريدنا أن نتخلّق بأخلاقه، حسبما ورد في الحديث الشّريف: "تخلّقوا بأخلاق الله"، فنحن نقرأ في الدّعاء: "إن لم أكن أهلاً أن ترحمني ـ لأنّ ذنوبنا تشدّنا إلى الأسفل ـ فرحمتك أهل أن تبلغني وتسعني لأنها وسعت كلّ شيء".

 وفي الدعاء أيضاً: "يا من يعطي من سأله تحنّناً منه ورحمة، ويبتدئ بالخير من لم يسأله تفضّلاً منه وكرماً"، فالله تعالى يعطي المؤمن والكافر.

من هنا، فإنّ المسألة الأخلاقية في الإسلام هي مسألتك أنت، كيف تعيش أخلاقياتك بقطع النّظر عن ردّ الفعل الآخر، لأنّك بمجرّد أن تفكّر في ردّ الفعل، تكون قد دخلت أخلاقك السوق التجاريّة، أي تعطي بقدر ما تأخذ.

فلا بدّ من أن نربّي أنفسنا على أن نكون كالشّمس، وتلك هي روحية الإمام الحسين(ع)، الّذي انطلق ليعطي النّاس محبّته كلّها، حتى لو كان الناس يقدّمون البغضاء كلّها، لأنّ الإمام الحسين(ع) لا يملك إلا أن يحبّ.

 ولذلك، يقول بعض رواة السّيرة، إنّه كان يبكي على الّذين يقاتلونه، لأنّهم سوف يتعرّضون لعذاب الله بسببه. فأيّ قلب أرحب وأوسع وأرقّ من هذا القلب؟! ولذلك لا نملك إلا أن نحبّ الحسين(ع).

ويقول(ع) في الاتجاه نفسه: "إذا كان يوم القيامة، نادى منادٍ: أيّها النّاس، من كان له على الله أجر فليقم، فلا يقوم إلا أهل المعروف"، أي الّذين صنعوا المعروف في الناس من أهل الكرم والعطاء، ممن لا يفكّرون في المقابل، لأنّهم تجاوزوا ذاتياتهم، وانطلقوا إلى ما يرجونه من الله سبحانه وتعالى. ولعلّ من أفضل أعمال الإنسان، أن يربّي نفسه على أن يتجاوز ذاته في سبيل الناس كافة، وفي سبيل الحياة كلّها، لأنّ ذلك كلّه هو سبيل الله.

اللهم احفظ الاسلام و اهله

اللهم احفظ العراق و اهله

 

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك