المقالات

كي لاتخلو الأرض من حجّة..!


كوثر العزاوي ||   شاءت الإرادة الإلهيّة أن يكون الإمام زين العابدين "عليه السلام" عليلًا يوم عاشوراء، ولم يشترك في معركة الطف، ولاشكّ أنّ هناك حكمة تقتضي ذلك لأسباب تنسجم مع وحشية بني أمية وحقدهم على آل محمد"عليهم السلام" في أي مواجهة ليكون أحد أهم أهدافها انها لاتبقي من بني هاشم باقية ولاتذر لهم ذكْر، ولكن أبت إرادة المولى القدير إلّا استمرارًا  لسلسلة العصمة ولو كره الكافرون، لأنها الثقل الأعظم لمحور الوجود التي تفضي إلى عدم خلوّ الأرض من حجّة لله "سبحانه وتعالى" ولولاها لساخت الأرض بأهلها ولانقلب عاليها سافلها! وما تلك العلّة التي حاقت بالإمام السجاد "عليه السلام" ايام كربلاء فقط سوى دلالة على لطف الله "عز وجل" الذي أحاط بالإمامة المؤيَّدة ليتقلّدها إمام مفترض الطاعة بعد الإمام الحسين"عليه السلام"وهو مستشهِدٌ لامحال! وبذلك سقط عن الإمام السجاد "عليه السلام"وجوب الدفاع المسلّح عن إمام زمانه، ولو كان سليمًا معافى، ويسمع استغاثة الحسين "عليه السلام" لوَجَبَ عليه إغاثته، والذبّ عنه كون المستغيث هو الحجة المقدَّم من آل محمد "عليهم السلام" فكانت العناية الإلهيّة والرعاية الربانيّة هي الفصل والحَكَم لتبقي العامل الأساس في حفظ هذا الإمام العظيم بالمرض الذي أُصيب به"سلام الله عليه" في تلك الأيّام المعدودة والعسيرة، وماذلك التدبير الإلهي سوى محض  لطفٍ وحكمة، ليكون سببًا ظاهرًا لتصديق القوم وتثبيت اعتقادهم، أنّ الإمام لا يبقى بعد أبيه "عليه السلام" وأنّ العدو لايتردد في  قتله،  سيما وانّ الإمام زين العابدين "عليه السلام" قد أثبت ذلك الموقف الشجاع الجريء عندما دخل مجلس ابن زياد رغم علّته إذ أومأ إلى الناس أن اسكتوا، فسكتوا كما تثبُت الروايات، فقام قائمًا فحمد الله واثنى عليه وذكر النبي وصلى عليه فخطب خطبته العصماء معرِّفًا بنفسه ونسبه، فألقى الحجة البالغة على الناس بما فيهم جبابرة بنو أمية حتى أذهلهم!! مما يدلّ على أنّ أهل البيت"صلوات الله عليهم" ذرية بعضهم من بعض من حيث الشجاعة والإقدام في نصرة الحق والدفاع عن الإسلام ، وليس كما تُظهره بعض القصص، على أنّه دخل مجلس ابن زياد محنيّ الظهر منكسرًا، مما لاينسجم وحقيقة آل محمد عند مواجهتهم الطواغيت، ويأبى الله إلّا أن يتمّ نورهُ، نور بعد نور وصالح بعد صالح وصادق بعد صادق حتى يبلغ النور ذروته فيقف عند قطب محور الوجود الإمام الغائب المنتظر "عجل الله فرجه الشريف" ومن هنا، يتّضح السرّ من بقاء الإمام السجاد عليلًا في يوم الطف ليكشف عن حكمة إلهية قد لايسعنا خوض غمار بحرها الزخّار ونحن نتأمّل ذلك التراث الثَّر  مابعد الثورة الحسينية، والذي سطع إشعاعه بزبور آل محمد {الصحيفة السجادية} وما ورد فيها من صور المناجاة التي برزت فيها معالم التصدّي السياسي الذي التزمه الإمام "عليه السلام" بمنطق الدعاء، فكان أبرز مصداقٍ ماجاء في دعائه "لأهل الثغور"في عصره؟! من الأصحاب والجنود المرابطين المتصدّين للدفاع عن النهج القويم مقابل ما يهدّده من الأخطار الكبيرة، الفكرية منها والاجتماعية والعسكرية؟!!، فإذا ما واجه الإسلام خطرًا يهدّد التوحيد المتمثّل بكلمة "لا إله إلا الله" أو الرسالة المتجلّية في "محمد رسول الله" قطعًا أنّ الإمام يتجاوز كل الاعتبارات ويهبّ للدفاع عن هذَين الركنَين ولو كان على حساب وجوده! ومن هذا المنطلق، نجد أنّ الإمام السجاد آنذاك هو الراعي الإلهي، المسؤول عن الأمة والرعية، فكرّس حياته بالحفاظ على وجود الإسلام الذي هو من أهم واجباته التي يلتزمها مدة إمامته "عليه السلام" فضلًا عن رعاية شعائر ذلك النهج، واستمرار مظاهره، ومتابعة مصالحه العامة، وتقديمها على غيرها من المصالح الخاصة، وإنّ ماورد عنه "عليه السلام" إنما هو مصداق من جملة مصاديق تعرّف دور الإمام السجاد "عليه السلام" ودلالات الحكمة من بقائهِ، فأهل البيت "عليهم السلام" وحدة هدف وتعدّد أدوار كما عرّفهم المفكر الشهيد محمد باقر الصدر "قدس سره"   ٢٤-محرم ١٤٤٤هج ٢٣-٨-٢٠٢٢م
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك