المقالات

العمليات العسكرية التركية في شمال العراق.


محمد كريم الخاقاني*||


* اكاديمي وباحث في الشأن السياسي.

لا تزال تركيا تتدخل بشكل عسكري في العراق متخطية كل الحدود المسموح بها وتتجاوز كل الاعراف الدبلوماسية وتنتهك السيادة العراقية  وتتذرع بحجج واهية جدا وغير مقنعة لذلك التدخل من قبيل انها تمارس دورا دفاعيا لحماية امنها من هجمات حزب العمال الكردستاني المعارض لسياسات انقرة منذ عام ١٩٨٤ عندما اعلن الحزب الحرب رسميا على الحكومة التركية لتحقيق مطالبه في إعلان الدولة الكردية في جنوب شرق الأناضول التي يسكنها اغلبية كردية.

ولم يكن ذلك العمل العسكري هو الأول من نوعه الذي تقوم به القوات العسكرية التركية، إذ سبقته مجموعة خروقات عسكرية تركية وتبرر انقرة ذلك العمل العسكري الى ما اسماه بتعقب عناصر حزب العمال الكردستاني الذين يتواجدون في مناطق جبال قنديل.

وتستند انقرة في تدخلها في شمال العراق الى إتفاقيات سابقة تتيح لقواتها التوغل بالعمق العراقي لمسافة ١٠ كيلومتر وبعلم وموافقة عراقية، واستمرت على هذا مع تغير المعطيات والظروف التي تسمح بمثل تلك التدخلات التي عدتها بغداد مخالفة لكل الاعراف الدولية ومبادئ حسن الجوار التي ترتكز عليها منظمة الأمم المتحدة، ويمثل التدخل العسكري التركي عدوانا على الأراضي العراقية وإنتهاكا سافرا لسيادة دولة جارة لها، وهذا ما دفع الحكومة العراقية الى إستدعاء السفير التركي في بغداد وتسليمه رسالتي إحتجاج شديدة اللهجة إزاء ما تعرض له العراق من إعتداء وتعرض مواطنيه للخطر وتسببه بخسائر جسيمة في الممتلكات والارواح.

ان هذا السلوك العسكري التركي يثير في هذا الوقت بالذات العديد من الاسئلة والمتعلقة بأهداف انقرة من العمليات العسكرية الجارية التي تعللها بملاحقة عناصر تنظيم إرهابي مثل ما تصفه انقرة، ويمكن ان نؤشر مجموعة نقاط تتعلق بالعمليات العسكرية التركية :

١_يتعلق بالسياسة التركية العليا التي تتطلع الى إحداث تغيير في رسم خريطة تركيا الجديدة بعد ضم مناطق تعتقد بإنها قد تم إنتزاعها منها بعد الحرب العالمية الاولى وسقوط الامبراطورية العثمانية التي كانت تحتل العراق آنذاك، وهي تشير في هذا الصدد الى مسألة الموصل وحسب التصريحات التي ادلى بها كبار مسؤوليها بهذا الشأن،إذ تم التنازل عن الموصل ووضعها تحت الإنتداب البريطاني بموجب إتفاقية ١٩٢٦.

٢_محاربة انقرة لتنظيمات حزب العمال الكردستاني المعارض لسياساتها، إذ يتطلع الحزب الى تحقيق حلم الدولة الكردية وبالخصوص انه يمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة في مناطق جنوب شرق الاناضول وهذا ما تخشاه تركيا من إنعكاسات تجربة إقليم كردستان ومنذ حرب الخليج الثانية عام ١٩٩١ على واقع الاكراد في تلك المنطقة التي يشكل الساكنين فيها أغلبية كردية واضحة.

٣_تستند انقرة في تدخلها العسكري في شمال العراق الى إتفاقيات سابقة مع الحكومة العراقية وهو ما تنفيه بشكل قاطع وانها لم تعطي الاذن لشن هجمات عسكرية داخل الاراضي العراقية.

٤_ان العراق يتطلع الى حل مسألة التواجد العسكري التركي بالطرق السياسية والدبلوماسية وفقا لمبادئ إحترام السيادة الكاملة وحقوق الجار وليس عن طريق التدخلات العسكرية وإنتهاك سيادة بلد جار.

٥_لم توقف انقرة تدخلاتها وحملاتها العسكرية المستمرة في الارلضي العراقية على الرغم من تنديد وإستنكار بغداد للعمليات العسكرية التي تعدها بمثابة عدوانا على امنها القومي وإعتداء على سيادتها، إذ ترفض بغداد اللجوء المتكرر من قبل انقرة الى الحل العسكري في حل المسألة الكردية وإمكانية التوصل لحلول مرضية بهذا الخصوص.

٦_قوبل التدخل العسكري التركي بشجب إقليمي وبالخصوص من جامعة الدول العربية ومن اعلى شخصية فيها، إذ أدانت الجامعة العربية وفي بيان رسمي لها التدخل التركي ودعت انفرة الى سحب قواتها من الأراضي العراقية، فالتدخل العسكري التركي في الاراضي العراقية يهدد أمن وسلامة الدول العربية ويزعزع استقرارها وهذا ما يؤكد بوجود إجماع عربي لإدانة مثل تلك التدخلات العسكرية التركية في شمال العراق.

٧_دعوة الحكومة العراقية انقرة الى سحب قواتها من دون شروط من الأراضي العراقية وسحب قواتها الى خارج حدودها وإحترام سيادتها بموجب قوانين الأمم المتحدة التي تؤكد على إحترام السيادة بين الدول، وهذا ما تمثل بخطوة وزارة الخارجية العراقية في استدعاء السفير التركي في بغداد فاتح يلديز مرتين على التوالي بعد عمليتي المخلب النسر والمخلب النمر وتسليمه رسالتي إحتجاج شديدة اللهجة ورافضة لمثل تلك التدخلات العسكرية ومطالبة في الوقت نفسه بإنسحاب جميع القوات التركية، والكف عن مثل هذه الأفعال الاستفزازية موضحة إلى احتفاظ العراق بحُقُوقه المشروعة في اتخاذ الإجراءات كافة التي تكفل حماية سيادته وسلامة اراضيه.

٨_يجب حل مسألة التدخلات العسكرية التركية المتكررة بين حكومتي البلدين وبأعلى المستويات وذلك عبر إقرار إتفاقيات جديدة تأخذ بنظر الإعتبار الظروف في المنطقة وبما يحفظ حقوق العراق وإحترام سيادته والحفاظ على امنه ومناطقه الحدودية.

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك