( بقلم : محمد التميمي )
قبل اربعة اعوام اثار جهاز المخابرات العراقي زوبعة وضجة كبيرة عرفت في حينها بقضية "مبنى الحاكمية"، في اشارة الى مقر مخابرات النظام السابق في منطقة الحاكمية ببغداد، الذي اتخذته حركة حزب الله-العراق مقرا لها بعد حصولها على الموافقات الاصولية والقانونية من الجهات الحكومية المعنية مثلما يشير الى ذلك الناطق الرسمي بأسمها في بيان صدر مؤخرا.
وفي ذلك الحين قام جهاز المخابرات وبالتعاون والتنسيق مع وزارة الداخلية التي كان يتولى مسؤوليتها فلاح حسن النقيب في حكومة الدكتور اياد علاوي، بأقتحام مقر الحركة، او "مبنى الحاكمية"، استنادا الى معلومات توفرت لديه، تفيد بأن هناك اناسا في المقر يعلمون لصالح جهات مخابراتية خارجية، ووجود وثائق مزورة، وسيارات تحمل لوحات ارقام غير حقيقية، واستخدام المقر لاعمال من شأنها تهديد الامن الوطني العراقي.
وقد اسفرت عملية الاقتحام الليلي التي حدثت في وقت كانت التحضيرات جارية لاختيار اعضاء المؤتمر الوطني العام الاول(البرلمان)، عن اعتقال شخصيات سياسية وعشائرية معروفة بتأريخها وموقعها، كانت اما لها دور في التحضيرات، او تم اختيارها لعضوية المؤتمر.وبعد اسابيع، وربما اشهر من التحقيقات تبين عدم صحة ادعاءات جهاز المخابرات، واطلق سراح الاشخاص الذين تم اعتقالهم، وتم تقديم اعتذار رسمي للبعض منهم من قبل جهات رسمية ومسؤولة. وعند هذا الحد انتهت القصة، ويفترض ان يكون قد انتهى كل شيء واغلق الملف، والتزم جهاز المخابرات الصمت ولم يعقب ولم يوضح ولم يتطرق الى الموضوع لا من قريب ولا من بعيد، الا بعد مرور اربعة اعوام، حيث طلع الناطق الرسمي بأسم الجهاز على الملاء ويعيد طرح ماتم طرحه سابقا من ادعاءات.
لماذا الان وبعد اربعة اعوام يعيد جهاز المخابرات فتح ملف تم اغلاقه، بعدما تبين عدم صحة الادلة والشواهد المعروضة من قبله؟.ولماذا لم نسمع من جهاز المخابرات الوطني العراقي منذ تأسيسه حتى الان انه اصدر بيانا حول قضية ما او جماعة ما، او حدث معين، سيما وان الساحة العراقية كانت لعدة اعوام حافلة بمختلف الاعمال والممارسات الارهابية التي ادت الى سفك دماء الكثير من العراقيين وازهاق ارواحهم، والتي كانت توجب ان تكون هناك مواقف وطنية واضحة حيالها من قبل كل الشرفاء والخيرين والحريصين على العراق والعراقيين؟.وخلال تلك الاعوام الحافلة بالماسي والكوارث والويلات، كشفت الوقائع عن جهات وشخصيات سياسية عراقية ضالعة في دعم ومساندة الارهاب الى اقصى الحدود، حتى انها حولت مقراتها الى اوكار لايواء الجماعات الارهابية المسلحة من بقايا نظام البعث الصدامي، والقادمين من وراء الحدود، والى ورش لتفخيخ السيارات، ومخازن لتكديس وجمع الاعتدة والمتفجرات، وفعلت نفس الشيء مع اماكن العبادة، التي يفترض انها بيوت الله التي تنشر وتروج للسلام والوئام والمحبة والتاخي، وتنشر قيم التسامح وترسخ مبدأ الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجعلت من منابرها السياسية والدينية ادوات للتحريض على القتل والتهجير وقلب وتزييف الحقائق، لانعرف أين كان جهاز المخابرات الوطني من كل ذلك ولم يكلف نفسه اصدار بيان يوضح فيه موقفه، او الاضطلاع بدوره الوطني المفترض في المحافظة على امن الوطن وابنائه والمساهمة في محاربة الارهاب والجماعات الارهابية ومن يدعمها ويساندها؟.
والم يكن الاولى بقيادة جهاز المخابرات ان تتجه الى تنقية جهازها من العناصر البعثية التي كانت ادوات لقتل وتغييب وتعذيب مئات، بل الاف، بل ربما ملايين العراقيين الابرياء، حينما كانت تمسك بمفاصل النظام القمعية، المتمثلة بالامن والمخابرات والاستخبارات، والعناوين الاخرى المماثلة في ادوارها ومهامها ووظائفها، قبل ان تتبنى منهج تشويه صورة وتأريخ سمعة هذا الطرف او ذاك، مساهمة منها في تنفيذ اجندات الاخرين؟.ومثلما يقال "اذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجارة".. ولعل هذا القول ينطبق على جهاز المخابرات الوطني العراقي اكثر من غيره..
https://telegram.me/buratha