( بقلم : كامل الصريفي )
من يسمع كلام مقتدى الصدر عن جيش المهدي سيتذكر حتما تلك اللغة الاعلامية التي كانت تتحدث بها وسائل الاعلام البعثية عن الجيوش الصدامية الكثيرة وعن قدسيتها ودورها المنتظر في تحرير فلسطين المزعوم من جيوش النخوة والقدس والزحف الكبير و هذه الحشود الضخمة كان اعلام النظام يزينها ويصور وجودها بانها رسالة لاعداء النظام بان عليه ان يسحق هذه الجيوش كلها قبل الوصول الى راس النظام .واندلعت الحرب لتنتهي بتبخر هذه الجيوش وزوالها بسرعة رهيبة .
وما ينطبق على اعلام النظام الصدامي البائد ينطبق على مقتدى الصدر وميليشياته المزعومة والتي اطلق عليها تسمية جيش المهدي تيمنا باسم الجيش التاريخي الكبير الذي سيقوده الامام الحجة (ع)لاحقا ,وبالتاكيد هناك فارق كبير بين الحدثين لكن محاولة مقتدى الصدر المكشوفة من اجل توظيف الروايات التاريخية لمنح عناصر ميليشياته من القتلة واللصوص وقاطعي الطريق قدسية ومهابة هي غير موجودة في الواقع سوى في ذهن مقتدى وعقليته الطفولية المراهقة والتي تتصور بان منح من يقتل النساء والاطفال باطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على المنازل والدور السكنية الصفات والالقاب المجانية المزيفة كفيلة بحماية هذه العناصر وايهام البسطاء بجدوى فكرته والتي هي في الواقع ممرا لعبور مقتدى نحو عالمه الطفولي في محاولة الهيمنة والاستحواذ على الساحة التي اعتقد هو بان ظروفها باتت اكثر ملائمة لتحقيق هدفه في السيطرة والنفوذ وتجيير العملية السياسية لحسابه .لذا نجد اصرار مقتدى كبيرا في رفض حل هذا الجيش رغم عدم مشروعيته وتضارب وجوده مع العملية السياسية وعدم حاجة البلاد اصلا الى وجود هذا الجيش في ظل وجود مؤسسات الدولة وجيشها الوطني ,والذريعة التي يحاول مقتدى اللجوء اليها لتبرير تمسكه بعدم حل ميليشيات جيش المهدي بان هذا الجيش هو جيش عقائدي وليس جيشا عاديا وان امر حله هوبيد الامام الحجة (ع).
بهذه الحجة والذريعة الكاذبة والمموهة يحاول مقتدى خداع العراقيين بعقائدية جيشه وقدسيته والتي يزعم بانها منحت لجيشه من اللصوص وقطاع الطرق وناهبي اموال الدولة ,من اين علم مقتدى بان الامام الحجة يبارك عناصره ,بالتاكيد من خلال خياله المريض والحالم الذي اخترع لنا هذه الاكذوبة ليحاول ان يمرر عبرها مشروعه الحالم بالسيطرة والاستحواذ على مقدرات العراق وشعبه من خلال اعداد وتعبئة الجيوش المسلحة الضخمة من اجل تحقيق هذا الهدف دونا عن باقي الرموز والتيارات والاحزاب في البلاد التي احترمت الواقع السياسي الجديد في البلاد بعد سقوط النظام البائد ولم تحاول تكوين الجيوش الخاصة بها مع قدرتها على ذلك . في حين انفرد هو عن ذلك ليكرر السيناريو البعثي الصدامي في ابتكار واختراع الجيوش تحت مسميات وشعارات ليس الهدف منها تحقيق الاهداف التي اسست من اجلها ,
بل من اجل تكريس الهيمنة والنفوذ والاستحواذ وهي بالتاكيد سلوكيات تستمد جذورها من اساليب نظام البعث وافكاره .يرفض مقتدى حل جيشه لان ذلك يعني له سقوط وتبخر احلامه التي مازال يجاهد كثيرا لتحقيقها بالرغم من عدم مشروعيتها وعدم واقعيتها وتصادمها مع مشروع بناء الدولة الوطنية الحديثة في العراق وان ميليشيات جيش المهدي التي يصر مقتدى على بقائها والتمسك بها تذكرنا بميليشيات الجيش الشعبي وجيش النخوة وجيش القدس وغيرها من الجيوش الصدامية الكثيرة التي كانت موجودة في زمن النظام البائد والتي يحاول مقتدى تكرار تجربتها واعادتها الى الوجود عبر محاولة عسكرة المجتمع العراقي واستخدام الخطابات الدينية في خداع الجمهور والشارع واقناعه بافكاره المراهقة والصبيانية والانضمام الى ميليشياته التي لاتجيد عناصرها من الفكر والثقافة اي شيء باستثناء حمل السلاح واستخدامه في قطع الطرقات والاعتداء على المواطنين ونهب مؤسسات الدولة وتعطيل عمل الحكومة ومؤسساتها الخدمية والاستحواذ على الاموال المخصصة لاقامة المشاريع الخدمية ونهبها بطريقة علنية ومكشوفة ومنع باقي الاحزاب والكتل السياسية من العمل في داخل المناطق المغلقة لحساب تياره وقتل كل من يفكر في الدخول الى هذه المناطق والعمل فيها واحراق مقر اي حزب يحاول فتح مكاتب له في داخل هذه المناطق .
ميليشيات جيش المهدي التي حاول مقتدى الصدر ان يبرهن وجوده في الساحة من خلالها ليست سوى مشروع سياسي وعسكري يهدف الى تجسيد زعامة مقتدى في تحقيق مشروعه للهيمنة والاستحواذ واقصاء الاخرين .فيما بقي شيء واحد لم يفعله مقتدى وهو ان يقيم استعراضا عسكريا ضخما لميليشياته ويطلق الرصاص من بندقية برنو ويهتف (يا محلى النصر بعون الله).
https://telegram.me/buratha