( بقلم : فالح غزوان الحمد )
انقسمت أراء الكتاب و المراقبين في رؤيتهم و تقييمهم للاتفاق الذي تم بين أطراف من الائتلاف العراقي و قادة الصدريين . فقد رأى بعض منهم أنه اتفاق لتأجيل المواجهة و إن لم يتم الاتفاق على موعدها و أنه لا يمكن لأحد أن يصف بشكل موضوعي خاسرا أو منتصرا فيه على أساس أن الحكومة لم تصل إلى أهدافها التي بدأت عملياتها العسكرية لأجلها و أهمها حل المليشيات و نزع سلاحها و من جهة المليشيات الصدرية فهي قد انحت للعاصفة كما في غيرها من المرات و ادعاء تحقيق نصر هو ضرب من الهلوسة التي تذكرنا بانتصارات صدام التي لم تكن سوى هزائم على الأرض لكنها فتوحات ربانية في إعلامه .
بعض آخر رأى أن الحكومة قد انتصرت و تقترب من تحقيق أهدافها و لا تهم صياغة البنود بشكل معين يحفظ ماء الوجه الصدري ، صحيح أنه اتفاق لم ينص صراحة على نزع المليشيات وهو الغاية الأهم و ليس إعلان حل المليشيا الذي قد لا يكون كافيا و لا يضيف جديدا مع واقع بقاء السلاح بيد عناصر خارجة عن القانون . إلا أن ثمة نقاط بارزة و واضحة في الاتفاق نصت على فرض سلطة الدولة و عدم التدخل بعمل الأجهزة الأمنية و القبض على المطلوبين وفق أوامر قضائية ، كذلك و تماشيا مع ماهية العمل الموكل للأجهزة الحكومية فإن عمليات التفتيش عن السلاح أمر ستقوم به القوات العسكرية و أجهزة الشرطة و هذا ما يلبي الأهداف التي سعت إليها الحكومة من ضرورة حصر السلاح بيدها دون مزاحم لها . إننا نرى أن تنفيذ البنود المتفق عليه كفيل بتلبية متطلبات حفظ الأمن و الاستقرار و فرض هيبة القانون .
من هنا نجزم بأن المعركة لم تنتهِ و سوف تتواصل و بزخم أقوى من السابق لان تنفيذ ما اتفق عليه يتطلب عملا عسكريا و امنيا كبيرا و إن الفرصة مؤاتية تماما للأجهزة الأمنية في اغتنامها على غرار ما جرى في مدينة البصرة . لا شك سنسمع اعتراضات صدرية خلال تنفيذ ذلك و لكن يجب أن يكون في علم حكومة السيد المالكي أن دخول القوات إلى مدينة الصدر يجب ألا يكون عملا روتينيا و مظهرا من المظاهر التقليدية بل يجب أن يتوفر على كل ما يلزم هجوم عسكري شامل و ماحق من تخطيط و قدرة و إمكانات و تعبئة و ضرب سريع للأهداف التي تم تشخيصها و يرافق ذلك عدم إرخاء القبضة حول المدينة كي لا يتسنى لهؤلاء الفرار و نحن نخشى أن يكون بند رفع الحصار عن المدينة قد تم تثبيته لهذه الغاية .
إن هذا الاتفاق بقدر ما فيه من سلبيات إلا أنه ينطوي على نقاط إيجابية و لكن إيجابيتها مرهونة بنوعية تحرك الأجهزة الحكومية و أسلوب تعاطيها مع الشأن الأمني لمدينة الصدر و إذا لم يتحقق ذلك فإن خط الرجعة أمام المالكي مفتوح لا سيما و أنه في حال توفر الإرادة الحقيقية و عدم تغيير الرجل لمواقفه الإستراتيجية فبالمستطاع التخلي عن هذا الاتفاق الذي لم يكن المالكي طرفا مباشرا فيه ما يعطيه مساحة من الحركة أكثر من الطرف الآخر و من هنا نوجه نصيحة للسيد رئيس الوزراء بعدم إلزام نفسه بتصريحات لوسائل الإعلام و في حال صدرت منه مثل هذه التصريحات فلا مجال سوى القول أن خياراته أضحت محدودة و إن أقوى نقاط الاتفاق قد تلاشت من يديه .
https://telegram.me/buratha