( بقلم : فالح غزوان الحمد )
مفردات مثل " الحقد " و " الكره " و الغدر " و " الخسة " .. الخ أصبحت منطبعة في ذهن العراقيين لتسقط دلالاتها ضمن حيّز " التسقيط " السياسي للآخر لكثرة و شيوع استخدامها في خطابات سياسية لا تبتعد في غرضها عن ذلك فعلا . و قد جرّ هذا الأمر إلى أن تدفع الحقيقة ضريبة التضليل و التسقيط حين غدا ذكرها أقرب إلى التهمة التي تلفق إلى مرتكبي الأفعال الشائنة و الهمجية و التي يتسم أصحابها بكل تلك الصفات في الواقع ، إنهم على اية حال من أكبر المستفيدين من كثرة ترديد تلك الكلمات التي قد تدفع بعض المتلقين إلى إنكارها لا بوحي التعاطف أو الميول السياسية للجهة المتهمة و التي تمارس بالفعل كل ما يؤكد الصفات المذكورة بل لأنها شاعت و كثر ترديدها فأضحت فاقدة لقوة الإقناع خاصة إذا ما قامت الأطراف المتورطة بحملة تضليل و تعتيم على حقيقة ما تفعله و تجد لها أبواقا تدافع عنها و تبرر أفعالها . إلا أن هذا الأمر لا يطول خصوصا على شعب خبر ألاعيب البعض من القوى التي تكرهه و لا تفكر لحظة واحدة في مصلحته و أنه أي - الشعب العراقي – يتمتع بذكاء فطري في التمييز بين الخطاب الصادق و الكاذب و بين الحقيقة و الأكذوبة و بين الواقع و التزييف .
لسنا في معرض تسقيط الصدريين حين نذكر حقيقتهم و نحاول استقراء ما خفي على البعض بفعل التهريج الإعلامي و الخطابات الوطنية الزائفة و التمترس خلف حجج المقاومة و غيرها . فللصدريين حقيقة تفصح عنها الأفعال و لا تحجبها الكلمات الطنانة و الخطب المنمقة بالشعاراتية و التحميس و استغلال مشاعر و عواطف دينية و وطنية تلك التي تحرّك بعض الفئات الغائبة عن وعيها . كتبنا قبل أيام مقالة نددنا فيها بما فعلته العصابات المقتداوية بطفلين بريئين لخلافات شخصية مع والدهما و هي حادثة من عشرات بل مئات الحوادث التي جرت على أرض الوطن وفي مختلف محافظاته في الوسط و الجنوب و العاصمة بغداد و تنم بمدى الحقد الأعمى لهؤلاء الممسوسين و أشباه البشر . وقد حشد الإعلام البعثي و القومجي و وسائل إعلام الجهات التي لا يمكن تفسير مواقفها إلا بالحقد الدفين على هذا الشعب المظلوم كل ما في وسعه من اجل إبعاد التهمة عن جيش مقتدى الصدر و تضليل الناس و نسبة تلك الأفعال إلى جهات سياسية أخرى في محاولة مفضوحة لتزييف الواقع و تبرئة الصدر و أتباعه من العصابات الخارجة عن القانون و اشد ما لفت نظري ما قام به موقع كتابات للبعثي أياد الزاملي و هو رجل نعرفه عن كثب و نعرف ميوله و نفسيته المضطربة المسكونة بعقد الماضي و هو يسابق نفسه في مواقفه السياسية اللاأخلاقية محاولا التفوق على الذات في ميدان لا أخلاقيته الاجتماعية و السلوكية و محاولا نقل شذوذه الأخلاقي و الـ "..." إلى ميدان السياسة . لا أدري حتى متى تستمر تلك الأبواق المأجورة من التغطية على فظاعة الظالم و غبن المظلوم و إحالة القاتل إلى قتيل و المقتول إلى قاتل .. نجزم بأن الاستمرار في ذلك مؤشر لإفلاس حقيقي لدى تلك القوى التي تحرك بيادقها الإعلامية و تتقاطع مصالحها مع مصلحة أغلبية الشعب العراقي . إن مجازر الصدريين لن تنتهي و لن تقف عند حد لها و لا يهم أن تستر من تستر على تلك الأفعال الهمجية مادامت مكشوفة أمام الشعب و يراها الناس و يعيشونها عن قرب و لا شك سيأتي اليوم الذي لن تجد تلك الأفلام و المنابر المنحطة ما تقوله و تروج له كرها و حقدا و عداءا للعراق و العراقيين .
تأتي المجزرة الأخيرة في بغداد الجديدة ضد سبعة من الأبرياء شوّهت أجسادهم بفعل التمثيل بها بعد قتلها لتضيف خزيا جديدا لتلك العصابات و لتلقم كل من يدعي من ترهات و أباطيل حجرا من جبل الحقيقة الذي يقف واضحا و شامخا رغم كل محاولات التشويه و الفبركة و الأكاذيب الممضوغة بأفواه الحثالات الساقطة هنا و هناك . لقد كشفت المليشيات الصدرية عن حقيقتها منذ أمد حين بدأت بقتل و اغتيال العراقيين الوطنيين و شكلت غرفة عمليات في مكاتب الصدر لإدارة تلك الفعال الخسيسة و بعلم و إشراف مباشر من أعلى قيادات الصدر و معهم مقتدى الصدر نفسه الذي يحاط حين كان في النجف الأشرف بكل صغيرة و كبيرة مما يقوم به أتباعه من عمليات قتل و اغتيال منسقة في أكثر من محافظة .
إن السكوت الذي يمارسه البعض ليس حيادا كما يتراءى لهم فالحياد هو البراءة من الفعل لا السكوت عليه و إن فسرنا الحياد بالصمت المطبق تجاه كل ما ينكره الإنسان من أفعال شائنة و سلوكيات منحرفة فإن الموازين ستختل و علينا مراجعة الكثير و الكثير من القضايا التي ستوقعنا فيها تلك المراجعة في إشكاليات لا تعد و لا تحصى و مما لا يستسيغه أغلب هؤلاء الصامتين أنفسهم .
على القوى الخيرة و الجهات الأمنية التحلي بمسئوليتها و ملاحقة هؤلاء القتلة لا سيما و أن شهود العيان أفادوا أن قتل أولئك الشهداء قد تم على مرأى الأجهزة الأمنية التي لا نشك بتواطئها معهم و هو ما يعيدنا إلى قضية التأكيد على ضرورة تنقية الأجهزة الأمنية و إعادة النظر في الكثير ممن انتموا إليها وهم يحملون ولاءهم الحزبي قبل ولائهم لوطنهم و ما قسمهم الذي رددوه إلا كذبا على الله و الوطن . و قد جاء ما كتبه مؤخرا الخبير السياسي جوناثان ستيل ليؤكد هذه الحقيقة حيث يرى هذا الخبير المعروف بأن الصدر كان سعيدا بدخول رجاله إلى الشرطة و الجيش لأنه أرادهم أن يحصلوا على تدريب عسكري وفوقه الرواتب التي تدفع لأفراد الشرطة و الجيش و كانت إستراتيجية الصدر كما يؤكد ستيل مبنية على أن هؤلاء يمكن أن يوفروا له في المستقبل احتياطيا مضمونا في مواجهة الحكومة .
إن هذه الجريمة النكراء ستضاف في سجل المخازي الصدرية و في المقابل فهي تثبت من هو الذي يحمل روحية الانتقام و الحقد و الكراهية للإنسان أيا كان و للعراقيين خاصة و من يقف وراء أعمال القتل و التمثيل . إن الجثث التي طالما تم العثور عليها ممزقة و مغدورة إنما هي ضحية هؤلاء الدمويين الذين ستلاحقهم لعنة الله و الوطن و الشعب إلى أبد الآبدين
https://telegram.me/buratha