وقبل الدخول إلى موضوع القانون المذكور نحاول هنا أن نوضح ما تعنيه بعض المصطلحات التي ترد خلال البحث .. فإذا سال سائل ماعلاقة ما ذكرناه بالفيدرالية وما هي الفيدرالية ؟؟ نقول:
الفيدرالية لمن لا يعرفها كلمة معربة من كلمة (فيدرالزم) الانكليزية وهي تعني اتحاد من نوع معين, إذن فهي تعني اتحاد وليس معنى أخر, هذا من ناحية ومن ناحية أخرى .. اتحاد ماذا ؟؟ أي بين ماذا وماذا ؟؟ نقول هو بين أقاليم أو محافظات غير منتظمة بأقاليم, وللذي يسال .. ولكن هل هي متفرقة حتى تتحد ؟؟ نقول هي ليست متفرقة سياسيا ولكنها تريد أن تستقل إداريا ضمن العراق الواحد, أي تريد إن تنتخب حكومتها المحلية من برلمان ووزارة وتدير نفسها بنفسها, وإذا استقلت المناطق إداريا فلا بد من رابط يجمعها وهو سيكون الدستور الواحد والحكومة المركزية الواحدة, ولذلك فهي تسمى اتحادية, أي دستور اتحادي, وحكومة اتحادية .. ونريد هنا أن نؤكد بان هذا هو نوع من النظم الإدارية التي تسهل على الدولة إدارة مواردها ونضرب مثلا: ففي طيلة عمر الدولة العراقية بل وحتى في كل الدول العربية وغيرها تضع الدولة حدودا إدارية لمدنها ومحافظاتها.. لماذا ياترى ؟؟ هل تريد تقسيم بلدانها ؟؟ كلا طبعا .. وإنما لكي تنظم إدارة بلدانها وفق صيغ وهياكل تسهل عليها إدارة البلد.
إذن نعود للسؤال الأصلي وما علاقة ذلك بالسلطة والانقلابات والحكومات الديكتاتورية ؟؟ نقول .. إن العراق منذ نشوء الدولة وحكومتها في المركز أي العاصمة , والعاصمة هي التي تدير العراق كله وتتحكم في مقدراته .. وبغض النظر عن كل السلبيات والأخطاء والمظالم من قبل الإدارات المركزية فان اي محاولة للانقلاب والسيطرة على السلطة المركزية تصبح صعبة بل مستحيلة, ومن ناحية اخرى أن إدارة بلد كبير مثل العراق من الأفضل إن تكون لا مركزية, أي تتوزع صلاحياتها على الأقاليم والمحافظات لكي يعرف كل إقليم حاجته ويقوم بقضائها بنفسه دون العودة للمركز.. ولنضرب مثلا من الواقع, ففي الوقت الحاضر ولان منطقة كردستان حصلت على حقها بتكوين إقليم فيدرالي, فان الدولة في المركز ( العاصمة ) لا شان لها بتوفير الخدمات أو الأمن هناك, وذلك لان شعب الإقليم اختاروا لأنفسهم أن يكونوا إقليما فيدراليا يرتبط بالوطن بوحدة الدستور والحدود الدولية, وعندما اختاروا ذلك (بالاستفتاء) أصبح لهم مجلسا تشريعيا يشرع قوانينهم, وسلطة تنفيذية هي التي تقوم لهم بكل ذلك, وهي التي تتحمل مسؤوليتها أمام مواطنيها , وليس على الدولة سوى ما نص عليه من سلطات حصرية للحكومة المركزية, والتي جاءت في المواد التي ذكرناها آنفا ( 109 ـ 113 ).
وكل مايجري في الإقليم يتم باستقلال تام على أن لا يخالف الدستور العراقي العام, ولذا نرى بان إقليم كردستان قد تقدم عن بقية مناطق العراق, وذلك لأنهم يأخذون ميزانيتهم من الدولة المركزية كإقليم وليس كمحافظات , حيث تكون أكثر, بسبب متطلبات الإقليم لان لهم حكومة محلية متكاملة ومجلس تشريعي, وينفذون خطط البناء والاعمار مباشرة في إقليمهم دون انتظار الوزارة الفلانية او الهيئة العلانية في بغداد, لان لديهم وزاراتهم ودوائرهم الخاصة بهم وهكذا بالنسبة لأي منطقة في العراق إذا أرادت أن تصبح إقليما فيدراليا.. فلو أرادت ذي قار مثلا أن او أي محافظة او عدة محافظات أن تكون إقليما فيدراليا فسوف يكون لها استقلالها الإداري (كما في كردستان) في تنفيذ مشاريعها وتعيين موظفيها دون الرجوع إلى العاصمة ( بغداد) وكم يكلف ذلك من الوقت والمخاطبات.. ولا يعلم كيف ستكون استجابة بغداد او كيف سيكون استجابة موظفي الوزارات في بغداد بشؤون يعتبرها سكان المحافظات مهمة جدا بالنسبة لهم .. ومن هنا تأتي أهمية الفيدراليات او الأقاليم الفيدرالية. فهو إلى جانب كونه نظام إداري فهو يستند إلى قواعد قانونية محكمة تنظم توزيع الصلاحيات بين المركز والأقاليم, بدلا من ان تتركز في العاصمة فيحدث فيها إهمال او قصور فان توزيعها يسهل إدارة الثروة ومصالح الناس في المناطق البعيدة عن العاصمة, وهو أمر منطقي فلو أن منطقة نائية تابعة لإحدى المحافظات ( العمارة مثلا) تحتاج إلى جسر حيوي او تبليط شارع فأيهما أسهل أن تتولى أمر تنفذه الحكومة المحلية أم أن نرفع الأمر إلى بغداد وننتظر قرارات بغداد وتضارب الوزارات والصلاحيات والميزانيات والتخصيصات وكل هذا الروتين.. وربما ضاع الطلب بين الأدراج شهورا دون أن يستطيع احد هناك أن يقدر أهميته لسكان المنطقة , وإذا كانت هناك مشاريع متراكمة في عموم العراق فكيف سيتم التزاحم واختيار الأولويات بينها ؟؟ وحتى نفسيا, فهل يكسب اهتمام بغداد مشروع مهم لمنطقة بعيدة لم يسمعوا بها, في مقابل منطقة اقرب إليهم ؟؟ نحن بالطبع لا نفاضل بين مناطق وأبناء شعبنا فالعراقيون هم العراقيون لكننا نضرب مثلا فقط وننشد التوازن في نيل المواطنين لحقوقهم أينما كانوا وهو الأمر الذي لم يتحقق منذ عشرات السنين...
يتبع
https://telegram.me/buratha