بقلم : سامي جواد كاظم
نعم هنالك دعاء للامام الحسين عليه السلام كثر اللغط حوله وقد فسر بتفسيرات كلها خاطئة غايتها النيل من الشيعة عامة والعراق خاصة ، مضافا الى ذلك هنالك الكثرة الكاثرة من العراقيين الذين يقولون ان ما يحصل في العراق هو نتيجة لدعاء الحسين عليه السلام .
اولا هنالك خطوط عريضة لا بد من التعريج عليها لتكون الاساس في فهم المقال وهي ان الدعاء دائما اما يكون لدفع شرمكروه او لجلب خير او للانتقام من المسبب للظلم شريطة ان يكون هذا الانتقام ضمن الحكمة الالهية وحسب مقتضى الضرورة والشخص الداعي .
الجانب الثاني هو فهم ابعاد الظلم فالظلم هو توجيه الارادة الانسانية لسلب حق مادي او معنوي منصوص عليه شرعا وقانونا وعرفا ، فالسرقة ظلم والغيبة ظلم والاخلال في العبادة ظلم والحسد ظلم والفقر ظلم وقطع صلة الرحم ظلم ، وكثير من هكذا مصطلحات رفضها القران هي ظلم .
والان لنذكر الفقرة الخاصة بالمقال من دعاء الامام الحسين (ع) وهي (ولا ترضي الولاة عنهم أبدا) هذه الفقرة قالها الامام عليه السلام في واقعة الطف وقبل هذا الدعاء سال عمرو بن سعد الحسين (ع) عن سبب قدومه فاعطاه الرقاع التي بعثها له ممن وقفوا الى جانبه ضد الحسين طالبين منه القدوم لغرض الثورة ، بعد ذلك جاء دعاء الامام الحسين (ع) واعقبه بالقول ضمن الدعاء لكي يشخص المعنيين بالدعاء فنص فقرة الدعاء من غير بتر هي (اللهم إن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقا , واجعلهم طرائق قددا , ولا ترضي الولاة عنهم أبدا , فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدو علينا فقتلونا) اذن من خلال هذه العبارة يتضح ان المقصودين هم اصحاب الرقاع والكتب الذين دعوه لغرض الثورة .الامر المهم هل الدعاء وقتي ام ابدي هنا الاشكال الذي يجب الوقوف عنده .
الكثير يعتقدون ان المعني من هذا الدعاء هم الشيعة وليس هذا بالصحيح فالشيعة الذين يصفهم الامام الحسين (ع) وبقية المعصومين هم الذين لا يغدرون ولا يكون في ايمانهم خلل ولا في قلوبهم دغل اما ان ياتي من هب ودب يقول انا شيعي فهذا شانه كما وان كلمة شيعي تطلق على كل من يوالي شخص اخر فكتب الاخبار تذكر شيعة علي وكذلك شيعة معاوية وشيعة عمر وغيرهم الكثير الكثير اما الان اذا ما سمعت كلمة شيعي فان المقصود منها هم شيعة علي وجاء هذا نتيجة التضحية والتفاني اللذين ابدياها شيعة امير المؤمنين الخلص في سبيل مذهب اهل البيت ، كما كانت سابقا تطلق كلمة العصابة على اي مجموعة متماسكة فانها اليوم تطلق على المجرمين سابقا كانت عصبة الامم المتحدة هي من مشتقات عصب وعصابة اما اليوم عندما يقال حرب عصابات فانه يفهم منها حرب المجرمين او القاء القبض على عصابة فانها لنفس المعنى .
فالذين يقال عنهم انهم شيعة الحسين وقد دعا الحسين عليهم هذا خطأ فانهم بالامس كانوا ظاهرا شيعة للحسين طبقا لكتبهم ولكن عندما وقفوا مع يزيد اصبحوا فعلا وباطنا شيعة يزيد .عدم رضا الولاة عن الشعب يحتم علينا احدى الاعتبارات التالية اولا ان يكون الحاكم ظالم والمحكوم مظلوم ،ثانيا الحاكم ظالم والمحكوم هو الاخر ظالم ثالثا الحاكم عادل والمحكوم ظالم ، فهذه الاعتبارات تجلب عدم الرضا فاذا تسلط حاكم عادل على محكوم عادل هو الاخر فهل يعقل ان يدعو الحسين (ع) على احدهم لتغيره من العدالة الى الظلم والحسين (ع) الذي يبكي يوم الطف على ما سيؤل اليه مصير اعدائه يوم المحشر فهل يعقل هذا يا اولي الالباب ؟ واذا حصل هذا الامر فهل من حق الله عز وجل ان يحاكم الظالم على ظلمه باعتبار انه تغير طبقا لدعوى الحسين (ع) ؟، اعتقد هذا الافتراض بعيد جدا ، ولكن يمكن الاستفادة من الدعاء انه اذا ما حصلت احدى الاعتبارات الثالثة لابد من تغير الظالم فيها حتى لاينزل غضب الله عليهم طبقا للدعاء فان الدعاء هنا حافز للتغير نحو الافضل والهروب من المهالك .والعبارة التي تبعت فقرة الدعاء فانها شخصت المعنيين بالدعاء واذا اردنا اثبات ذلك فلننظر الى ما حصل لكل من شارك في واقعة الطف .
فثورة المختار التي حكم فيها الكوفة كان حاكم عادل وضمن محكوميه ظلمة وهذا يتفق مع تحقيق بنود الدعاء بعدم رضا العادل عن الظالم فحنث العهد الذي قطعه المختار لعمرو بن سعد الغي من خلال اخلال ابن سعد بالعهد مع عدم الرضا القلبي في داخل ابن سعد والمختار احدهم على الاخر هو نتيجة حتمية لتحقيق الارادة الالهية من خلال دعاء الحسين (ع) واعتقد تعرفون نتيجة القتلى ما حدث لهم من قصاص عادل جاء تلبية لدعاء الحسين (ع) .
نعم هنالك من لم يشارك بقتل او سلب او سبي في واقعة الطف الا انه لم ينصر الحسين مع علمه بمظلوميته فهذا ايضا من المشمولين في الدعاء لهذا نجد هنالك الكثير من الامويين المتقاعسين عن نصرة الحسين (ع) اصبحوا طرائد لحكام امويين ولعل حاكم المدينة هو احدهم وما جرى عليه من قصاص من حاكم ظالم اموي على محكوم ظالم فهذا ضمن الاعتبارات التي ذكرتها في نتيجة عدم رضا الوالي عن مولاه هو اشتراكهم في الظلم .
اضف الى ذلك الثورات العلوية التي حصلت بعد واقعة الطف فانها جاءت لتحقيق الممكن من عدم رضا الوالي على مولاه ، وانقصم ظهر الامويين على يد ظلمة اخرين هم بنو العباس .دعاء الحسين (ع) يتحقق مع كل اعتداء على مقامه او زواره ولعلكم تذكرون ما حدث لحسين كامل وكيف اقتص منه الله عز وجل بيد ظالم ، وبالامس القريب الذين اعتدوا على مقام الحسين (ع) وزواره في النصف من شعبان كيف تم القصاص منهم في الاحداث المتعاقبة التي حصلت بالجنوب والتي جاءت كون الحاكم عادل والمحكوم ظالم .
هنا المهم في هذا الامر ان النجاسة هي نجاسة بغض النظر عن حجمها فالمجتمع الذي تعداده مثلا مليون وفيه مئة مجرم تكون الصفة الغالبة على المجتمع هو السلبية ولعل الكثير ممن هم يعدون دراسة عن مستوى الجريمة في بلدانهم فاذا ما تجاوزت النسبة 1 او 2 % فانها تعد كبيرة ، فكيف بالعراق وقد تعدت هذه النسبة .
كل انسان محب للامام الحسين (ع) فانه سيكون ضمن الحماية الالهية في كثير من الامور وحتى الابتلاءات التي قد يتعرض لها هذا الشيعي الموالي فان سببها هو الايجابية له اما لامحاء ذنب او لاختبار صبر او لدفع بلاء اكبر وكم من ثناء جميل لست اهلا له نشره وكم من عثار وقيته ، فليس كل من يدعي شيعيته هو شيعي اليوم .
فهل ما يحدث في فلسطين هم شيعة وجاءت نتيجة دعوة الحسين ام ان فلسطين ضمن العراق ؟ وكذلك لبنان وحتى الجزائر وما يحدث من زعزعة في الاستقرار المصري اليوم فكثير من الدول العربية والعالمية فيها اشد وطأة مما حدث في العراق قد لا تظهر للعيان اليوم الا انها ستظهر ، فلماذا تخصون العراق بالتبعيات المترتبة من دعاء الحسين (ع) دون غيره ؟!!
https://telegram.me/buratha