( بقلم : سلام عاشور )
كنت في عمر الشباب عندما اعلن (الفلسطيني) جورج حبش تأسيس حركة القوميين العرب تحت شعار (وحدة- تحرر- ثأر)، فانحاز اليه عدد غير قليل من دعاة القومية المتطرفين في المشرق العربي(العراق، سورية، لبنان، الاردن، فلسطين، الكويت).. ووجد حبش في جمال عبد الناصر بطله (القومي) ومحرر الامة العربية وصلاح دنياها الجديد.. واستفاد حاكم مصر من افكار وانصار جورج حبش ليواجه بعث ميشيل عفلق (السوري) في صراع دام استمر حتى موت عبد الناصر في 28/ايلول/1970، وبموته مات فكر حبش وحركته وتفرق شركاؤه على الماركسية والماوية والوهابية والتغريب!.
لكن هذه الحركة(القوميون العرب) وجدت بعد اقل من نصف قرن على انهيارها من يتبناها ويتمسك بها ويدعو الى قيام دولة العرب الكبرى(( من الخليج الثائر الى المحيط الهادر لبيك سلام المالكي!!!))، وسلام المالكي هنا جاء بديلاً لعبد الناصر في نشيد حركة القوميين العرب في الخمسينيات من القرن الماضي!!.
لقد فوجئت بعودة الروح الى هذه الحركة التي اندثرت ولكنها قامت من جديد بجهود بناتها الصدريون امثال سلام المالكي والعبيدي والاعرجيين(بهاء وحازم) واحمد المسعودي وفلاح شنشل وغيرهم من فرسان (الامة العربية) الجدد!! واذا ما كانت المفاجأة مذهلة وغير متوقعة فاني حمدت الله ان تبنى الصدريون الفكر القومي اخيراً بعد ان تاهوا تيه اليهود في سيناء لاربعين عاماً ينتقلون من فكر الى فكراً الى اخر ولا يستقر على واحد منها، وقد ثلج قلبي حقاً ما قاله الرفيق(سلام حبش) عن التزام التيار الصدري خطاً قومياً عربياً غير ذي عوج في حديثه لاحدى القنوات الفضائية(العربية)، واكد في ذلك الحديث بان ايران تآمرت عليهم،أي على التيار الصدري لانهم يؤمنون بالعروبة والوحدة والحرية والاشتراكية و... و... و... وطالب حبش الجديد من زعماء امته ان يناصروه وان يعاونوه في التصدي لايران - حسب قوله- التي لا تريد للتيار الصدري العروبي ان تقوم له قائمة! واقسم (حبش) الالفية الثالثة- باعتباره خليفة لحبشة الالفية الثانية- بان التيار الصدري سيقود الامة العربية على طريق النصر والتحرير وما الى ذلك من (مزمزات)!!.
غير ان الكثير ممن اعرفهم قد ابدوا استغرابهم لهذا التحوّل الخطير للتيار الصدري، وانكاره لماضيه بل ولحاضره الذي اشاده بالتومانات الايرانية التي يبدو ان ملحها رغم كثرتها كان قليلا! ومبعث الاستغراب الذي اعرفهم هو : هل يستطيع احد في القرن العشرين ان يغيّر جلده بدقيقة واحدة؟ وقد اجبت احد هؤلاء المستغربين : بان الصدريين قادرون على ان يفعلوا ذلك.. وقد فعلوها تواً!! وما على الاخرين ان الا يستغربوا، فقد استداروا قبلها مرات ومرات ومرات كرقاص الساعة!!.
https://telegram.me/buratha