المقالات

عمامة الرحمن و عمامة الشيطان

2291 03:50:00 2008-05-06

( بقلم : عواد عباس الموسوي )

بعد أن ضرب الإسلام بجرانه على الكثير من بقاع الشرق القديم و مضت جحافل الفتوحات إلى أطراف قصية في الأرض كانت بعض الشعوب و الأمم في أماكن معينة على ديانتها السابقة و منهم مسيحيون و يهود و حتى مانويين و زرادشتيين و عبدة للنار و غيرهم . و رغم انصهار و تلاقح المسلمين مع ثقافات و تقاليد تلك الشعوب إلا أنهم بقوا مميزين عنهم بلباسهم و زيهم العربي الإسلامي و حتى بطريقة السير و الأكل و الشرب وغيرها كما ورد في بعض المصادر المعتبرة و استمر ذلك حتى بداية القرن الخامس الهجري . وقد كان ذلك نابعا من تعاليم النبي الأكرم "ص" الذي نهى عن التشبه بزي النصارى و اليهود و قد وضعت لقضية النهي عن التشبه بلباس أهل الكتاب عدة أسباب متصورة و اجتهد الكثير من العلماء و الدارسين في تلمس العلة لذلك النهي . و رغم كل ما قيل فإن من بين ما نراه من سبب هو احترام زي الآخر و عدم التطفل عليه و على خصوصيته وفيه كذلك احترام للذات و لخصوصيتها . و مع مضي الوقت كان لطبقة العلماء زيهم الذي يميزهم عن العامة و ينالون به احترام الآخرين . و لعل العمامة تبدو ابرز ملامح الزي الذي بقي مميزا لطبقة العلماء و طلاب العلم الشرعي . و قد أخذت العمامة ثقلها في ذهن الناس كونها علامة الفقيه و رجل الدين العالم بالقضايا الشرعية و لها قدسية و جلالة روحية . لهذا فهي محترمة من قبل صاحبها أيما احترام كونها أشبه بالأمانة التي يجب أن تصان و يتعاهدها المرء بكل ما من شانه عدم تدنيسها و دفع العامة لاحتقارها عن طريق تصرفات و أفعال صاحبها . من هنا فلا غرو أن نجد بعض علمائنا الأجلاء وقد ألزم أتباعه بعدم ليس العمامة في أماكن معينة أو حين مزاولة مهن و أعمال بعينها و منهم من حضرها على الراغب في أن يعمل في السياسة .

إن الرجل المعمم يتحمل مسئولية كبرى حين يضع على رأسه ذلك الجبل ، فهو لا ينفك عن مراعاة كونه رجلا يحمل علامة الفقهاء و طلبة العلم الديني فيحدد تصرفاته و يلزم نفسه بالهدوء و السكينة و الوقار و الحشمة فيما يفعله و يقوله و هكذا دأب الفقهاء و طلاب العلم في الحوزات و المدارس الإسلامية عبر العصور . إلا أننا نعيش في زمن اختلت فيه المقاييس و أصبحت الأمور تجري على غير سابق عهدها ، فصرنا نرى من يلبس العمامة و يقوم بأفعال ذوي الزنّار و مرابط الخصور ..

و لئن لم يكن مستغربا أن نرى شواذا كهؤلاء ممن يحسبون زورا أنهم معممين و مشايخ و طلاب علم و دارسين في الحوزات فإن ما يدعو للعجب هو أن تتبعهم جموع من الشباب و تهرّج خلفهم بشعارات تافهة و تحيلهم إلى رموز للمقاومة و الوطنية و البطولات الزائفة التي ما هي إلا الاستقواء على العزّل من المدنيين نساء و أطفالا و شيوخا . إن هذه الأفعال التي يقوم بها بعض لابسي العمامة و منتحلي طلب العلم لا يمكن أن تكون عفوية و غير مقصودة لا سيما حين تكون أمام أعين الخلق و في وضح النهار و يجري تصويرهم و هم يتراقصون و يتمايلون و يصفقون محفوفين بشراذم من الرعاع الذين ينعقون خلف كل ناعق . يبدو أن الهدف هو الإمعان في تشويه " العمامة " و تسقيط أصحابها و إعطاء الحجة لمن هب و دب في تصوير الأمر على أن كل لابسٍ للعمامة من رجال الدين الذين يتعاطون السياسية بشكل مباشر أو غير مباشر هم على هذه الشاكلة . فليسوا أكثر من منافقين و مدعين لتقوى مزيفة ، إنهم لا يليقون بتحمل المسئولية و لا حتى النبس بكلمة واحدة في شأن من الشؤون السياسية و الاجتماعية و حتى الدينية . هذا مع أن الواقع يقول إن هذا النفر يمثل الاستثناء و ليس هو إلا الشاذ عن الجمع الخيّر و الصادق و الذي يحترم عمامته فنواياه صادقة و أقواله لا تخالف أفعاله .

إن الشاذ الذي يتراقص مائعا بين أتباعه و مؤيديه إنما يعكس حقيقة نفسه و من ينتمي إليهم من مدّعيي عمامة الفقه وهم لا يعرفون ألف الفقه من بائها و من تلك القطعان المارقة من ذوي العاهات النفسية المزمنة و الذين افرغوا حقدهم على الشعب و شكلوا عصابات للقتل و الإجرام .. إنهم أصحاب عمامة الشيطان الذين يحاولون خداع الناس بلبس العمة التي راج انتحالها أيام صدام حسين و بدا أولئك المعممون الدخلاء و كأنهم من يمثل الحوزة التي استلبوها ذات يوم بالتواطؤ العلني و المفضوح من السلطة البعثية التي وضعت عمائم الرحمن قيد الإقامة الجبرية و فرضت عليهم عزلة تامة فيما تركت عمائمها الشيطانية تسرح و تمرح بحرية لتسيء ما وسعتها الإساءة إلى قدسية هذا الرمز الإسلامي و تلطخه بكل ما هو مشين ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو حسنين النجفي
2008-05-06
تابع - والحمد لله على ما انعم علينا من خيرة السلف الصالح وسحقا ودمارا وعارا لكل من لبس العمامة لاجل الشهرة والغوى والعار لمن ارتداها من اجل تشويهها وتسويفها وكل من ادعاها للنيل من شرف النبي واله رفعت يدي محفوفة بيد النبي للانتقام من كل من لبس العمامة والحق الضرر بها وتشويهها وخصوصا من كان نسبه هاشمي دعوة بدعوى النبي الطاهر وهو يقول لعن الله الخارج منا والداخل فينا - وما تقوى الله الا بالقلوب وما تضمر النوايا فلعن الله ابن لادن والضاري والقرضاوي ومقتدى والمحمداوي فكلكم وهابية قتله وكلكم سواء
ابو حسنين النجفي
2008-05-06
اخي الكاتب العزيز شكرا لك على هذه الكلمات الموزونة ولكن هذه حال الدنيا في الكتاب الكريم وتلك الايام نداولها بين الناس لعلهم يتفكرون والدنيا باسرها لها يوم معلوم ستزول باذن الله ولذلك ترى كل شيء زائل عن مكانه واهل الخير عندما يذهبون ياخذون خيرهم معهم واهل الشر يبقون وشرهم باق وهذا مذكزر ايضا يقول لجهنم هل امتلئة فتقول هل من مزيد خلاصتي رجم الله تلك الرؤس الطاهرة التي حملت تلك العمائم المقدسه واخرها الصدرين والمحنه والسبزواري والخوئي والخميني والخامنئي وال الحكيم ونعمة الباري السيد السيستاني
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك