المقالات

العلاقة بين الصّوم والإصلاح


الشيخ محمد الربيعي ||

 

يخضع تعريف الإصلاح اصطلاحًا لنوع الإصلاح المراد؛ فتعريف الإصلاح بأنه ضد الإفساد يختلف عن تعريف الإصلاح بين المتخاصمين، وعن تعريف الإصلاح بمعنى البناء والتقويم، وكذلك يختلف عن تعريف إصلاح دين الناس ومعاشهم، ولذلك ذكر لمصطلح (الإصلاح) تعريفات عديدة، ولا يعنينا هنا جمع تلك التعريفات؛ ويكفي الإشارة إلى عرضها:

فالإصلاح هو: «هو إزالة الخلل والفساد الطارئ على لشيء».

والإصلاح هو: «إرجاع الشيء إلى حالة اعتداله بإزالة ما طرأ عليه من الفساد».

وكل هذه التعريفات تدور حول معنى إزالة الفساد الذي يطرأ على الشيء، وإعادته إلى ما كان عليه من الصلاح والاعتدال والنفع.

محل الشاهد :

نحن، أيّها الأحبّة ، بحاجة إلى إعادة توصيفٍ لهذا الشّهر المبارك ، حيث ارتكز في أذهان الناس أنّه امتناع عن الأكل والشّرب ، فيما يجب أن نركّز على أنَّ فريضة الصّوم ككلّ العبادات، لها شكل ولها مضمون وهدف ، و العبادات بالنّسبة إلى الفرد مرهونة بنتائجها على أرض الواقع ، ألا وهي التّقوى، وأبسطها في الصّلاة: ( لا تنظروا إلى طول ركوع الرّجل وسجوده... ولكن انظروا الى صدق حديثه وأداء أماناته ).. إنّه أمر: لا تنظروا  الى الشّكل والقشر.. (فيما للأسف، مجتمعاتنا لا تفهم إلا بالشّكل: يأسرها الشّكل والكمّ والعدد)..

ونتائج الصّوم هي تحصيل التقوى على صعيد المجتمعات وعلى صعيد الأمّة، وتتمثل في التّكافل والتعاون و الوحدة، وتتمثّل على صعيد أصحاب قرارها بتأمين العدالة، وتوفير الكرامة واحترامها.. هنا نقول إنَّ هذا مجتمع انتفع من الصيام واكتسب فعالية التقوى من خلاله.

وكملاحظة جانبيّة في هذا المجال، فإنّ المتأمّل لآيات الصّوم، يجد أنّه ورد مباشرةً، وفي أعقابها، ما يتّصل بالعلاقة التي يقيمها المؤمن مع أمواله ، ولعلّ هذا من قبيل إظهار الرابط الجليّ بين الصّوم وضمان نتائجه الاجتماعيّة والاقتصاديّة، فمن التّقوى، تجنّب المعاملات الباطلة بالأموال والأرزاق، ومن التّقوى، الابتعاد عن مواطن الفساد والإفساد والرّشوة، ومن التّقوى، عدم التّواطؤ مع أصحاب النّفوذ والسّلطة والحكم، ومن هم في مواقع القضاء، ومن هم في الإدارات والأمن والبلديات والمحافظات، لظلم الناس والضعفاء ممن لا سند لهم ولا ظهير، ولعلَّ هذه أبرز آفة تصيب مجتمعاتنا، وحتى الصّائمة منها.

فكم من قضية حقّ تضيع بسبب رشوة هنا، وبسبب رشوة هنا ، وكم من قضايا تنام وتوضع في الأدراج خدمةً لمتنفّذٍ.. للأسف، صارت هذه الانتهاكات متجذّرةً، وصار لها روّادها ولغتها ووسطاؤها، وصارت هناك تسعيراتها وأثمانها، وعلى المكشوف..

نتمنّى ونحن في شهر التقوى شهر رمضان ، أن يصاب مجتمعنا بالحساسية تجاه الراشين والمرتشين، سواء كانت الرشوة كثيرة أو قليلة، مباشرةً كانت أو بالوساطة، بالتصريح أو بالتلميح، بالتواطؤ أو بالمباشر. تعالوا نشير إلى كلّ فاسد ولا نغطّي أحداً مهما كان، فلا أسباب تخفيفيّة لأحد، وحديث رسول الله(ص) بيننا: "والله لو سرقت فاطمة بنت محمَّد لقطعت يدها". تعالوا إلى مجتمع لا يشقى فيه الفرد ليأخذ حقّه، ولا يستغلّ من هو في موقع خدمة النّاس الصلاحيات المعطاة له فيسخّرها لحسابه الشخصي.

تعالوا نتعاون جميعاً لأجل مجتمعٍ تقيٍّ وورع، فإن لم نستطع سنّ القوانين الجادّة والمانعة، فلنعزّز، على الأقلّ، ثقافة التّغيير وثقافة رفض الفساد ومقاطعة الفاسدين وإنكار عملهم، وهذا إن حصل في مجتمعنا الصّائم، سنقول حينها إنّنا بالفعل صمنا.

تقبّل الله منّا ومنكم، ونسأله أن يعيننا على أنفسنا بما يعين به الصّالحين على أنفسهم، إنّه سميع مجيب.

"اللَّهمَّ أعنّا على صيامه بكفِّ الجوارح عن معاصيك، واستعمالها فيه بما يرضيك، حتّى لا نصغي بأسماعنا إلى لغوٍ، ولا نسرع بأبصارنا إلى لهوٍ، وحتى لا نبسط أيدينا إلى محظورٍ، ولا نخطو بأقدامنا إلى محجورٍ، وحتى لا تعي بطوننا إلا ما أحللت، ولا تنطق ألسنتنا ألا بما مثّلت، ولا نتكلّف إلا ما يدني من ثوابك، ولا نتعاطى إلا الذي يقي من عقابك".

اللهم احفظ الاسلام و اهله

اللهم احفظ العراق واهله

ـــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك