المقالات

ارتباط العدل بالقضية الامام المهدي


  الشيخ محمد الربيعي ||     ▪️هناك عنوان كبير ، و هو العدل الشَّامل الّذي يشير الحديث إليه: ( يملأ الأرض قسطاً و عدلاً كما مُلِئَت ظلماً وجوراً ) ..  و معنى ذلك ، أنَّ العدل الشَّامل هو هدفٌ للحياة كلِّها ، وهو في الوقت نفسه خطّ الإسلام..  وهذا ما نجده واضح جدا في للقرآن ، سورة الحديد يقول: [ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَ الْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ]، و القسط هو العدل ، فمنذ آدم حتى نبيّنا الخاتم محمَّد(ص) ، كانت الرّسالات حركة عدل؛ عدل في العقيدة و في الشّريعة و في المفاهيم ، و في الواقع في علاقة الإنسان بنفسه و بربّه و بالنّاس من حوله و بالحياة  .  ▪️و نرى أنَّ مسألة العدل هي مسألة القاعدة الّتي يرتكز عليها الإسلام ، ولا بدَّ من أن نحمله في أنفسنا ، فيعدل الإنسان مع نفسه ، فلا يظلم نفسه بالكفر والانحلال و الانحراف، و أن يعدل مع ربّه ، فيوحِّده و لا يشرك به شيئاً ، و يطيعه ولا يعصيه ، و العدل مع النَّاس فلا يظلم أحداً ، و العدل مع الحياة فلا يبغي في الأرض بغير الحقّ ، و أن يتحرَّك العدل في حياتنا كشعارٍ ننطلق به في كلِّ مواقعنا ، بأن نعيش العدل في أنفسنا وفي علاقاتنا مع بعضنا البعض وفي علاقاتنا بالواقع . ▪️و لعلَّ مشكلة أكثر الحركات الإسلاميَّة و غير الإسلاميَّة، مما يتحرَّك في عمليَّة التَّغيير السّياسيّ ، أنّهم يطرحون العدل السياسيّ في مستوى الحكم ، ولا يطرحون العدل الفرديّ والعدل الاجتماعيّ ، و نحن نعرف أنَّ العدل الفرديّ يؤسِّس للعدل الاجتماعيّ ، و العدل الاجتماعيّ يؤسِّس للعدل السياسيّ . ▪️ لأنَّ مسألة التَّغيير هي مسألة الإنسان ، [ إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ] ، فإذا لم تغيّر نفسك لمصلحة العدل ، فكيف يمكن أن يتغيّر الواقع، فأنت في الحقيقة صانع الواقع ، لأنَّ الله أوكل إليك مهمَّة صنعه ، ولأنَّ الله أراد للإنسان ، و هو خليفته في الأرض ، أن يرتّب الأرض بحسب قدرته و إرادته و وعيه على الخطِّ الذي أراده في رسالاته . ▪️أتعرفون لماذا لم تنجح أكثر الدّعوات الإسلاميّة و أكثر الدّعوات غير الإسلاميّة ، سواء الإصلاحيّة أو التغييريّة؟!  لأنَّ الَّذين يطلقونها ليسوا عادلين ، و لأنهم يعيشون العصبيّة الشخصيّة ، و إذا تجاوزوا العصبيّة الشخصيّة ، فإنهم يعيشون العصبيّة الفئويّة ، فبدلاً من أن تنطلق الحركة لتنفتح على الناس كلّهم ، لأنهم هم مسؤوليّتها ، فإنها تنغلق على نفسها ، و تعتبر نفسها العنصر المميّز الذي ينظر إلى الناس من فوق ، و الّذي يبدأ و هو يحدِّق في داخله في التآكل من الدّاخل ، لسببٍ بسيط ، و هو أنَّ الإنسان عندما يمنع غرفةً من تنسّم الهواء ، فإنّ الغرفة تبدأ بالتعفّن ، وإذا منعت نفسك من أن تتنفَّس الهواء في الفضاء الواسع ، و عشت في داخل زاوية ضيّقة من نفسك، فإنّك سوف تتعفّن، وهكذا تتعفّن حركتك ، و سوف يتعفّن واقعك.. ▪️و على هذا، فلا بدَّ لنا دائماً كأفراد و جماعات و حركات ، من أن نعيش في الهواء الطلق ، وأن لا نحبس أنفسنا في زاوية شخصانيّة ، أو في زاوية فئويّة ، أو في زاوية عائليّة ، أو في زاوية طائفيّة ، أو مذهبيّة ، بل أن ننفتح على الهواء الطّلق ، لنكون للناس كلّهم ، و لنكون للإسلام كلّه ، و لنكون للإنسان كلّه، فانظر إلى الإسلام كلّه، واختر مذهبك من الإسلام. ▪️ إذا أردنا للواقع أن يتغيّر ، فعلينا أن نخرج أفكارنا و عواطفنا و مشاعرنا من هذه الزنزانة الضيّقة.. أتعرفون لماذا يملأ الإمام الأرض قسطاً وعدلاً؟  لأنَّ عقله سوف يكون عقل العالم ، و لأنَّ قلبه سوف يكون مفتوحاً للعالم ، و لأنَّ حركته لن تتجمَّد في زاوية عرقيّة أو إقليميّة أو قوميّة أو ما إلى ذلك ، بل تكون للإنسان كلّه ، فالله ربّ العالمين، و الرّسول رسول للعالمين ، والإمام إمام للعالمين ، ولا بدَّ من أن يكون المصلح للعالمين جميعاً ، و عندما تقرأون كلمة ربّ العالمين، فعليكم أن تعرفوا أنَّ الله إذا كان يطلّ برحمته و بعفوه و بكرمه و عطائه على العالمين جميعاً ، لتكن رحمتنا للعالمين ، وحركتنا للعالمين، وتفكيرنا بآلام العالمين، وإذا استطعت أن تحصل على هذا الأفق الواسع ، فسوف تحلّ مشكلة عالمك الصَّغير هنا و عالمك الصّغير هناك ، لأنها لن تُحَلّ، ولا سيَّما في هذه الأزمنة، مشكلة شعبٍ إذا لم تُحَلّ مشكلة الإنسان كلّه ، لأنّ المشاكل أصبحت مترابطة و العالم قرية واحدة . ▪️ لذلك، إذا كنت تريد أن تكون مسلماً في حجم ما عاشه رسول الخاتم  الله(ص) ، فتذكَّر قوله تعالى: [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ]، وقوله: [ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ]، إذا كنت تريد أن تعيش ذلك، فكن إنسان العالم الّذي يفكّر في حجم العالم بمستوى قدرته ، من أجل أسلمة العالم بالحكمة و الموعظة الحسنة، والجدال بالّتي هي أحسن، و الأمر بالمعروف، و النَّهي عن المنكر، و الجهاد بحجم الظّروف . اذن من هذا نعلم لماذا العدل هو مرتبط وقد ارتبط ارتباط و ثيق بقضية الامام المهدي ( عج )  اللهم احفظ الاسلام واهله  اللهم احفظ العراق و شعبه
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك