المقالات

من جرائم الحثالات .. لماذا يفتك الصدريون بالأطفال ؟

1549 16:13:00 2008-05-03

( بقلم : فالح غزوان الحمد )

" الشجاعة أن تُهزم أمام عين طفل و تبكي على دموع امرأة "لعله من الواضحات التي تسالم عليها العراقيون قبل غيرهم أن ما استشرى بعد سقوط نظام البعث الصدامي المقبور من ظواهر شاذة و غير مألوفة هو نتاج الحقبة البائدة و ما رسخته من مفاهيم و أشاعته من ثقافة محتواها القتل و التخريب و التسلط على الآخر ، دون أن ننكر شيوع هذه الظواهر في فترات تاريخية معينة و لكن لا يبدو أن ذلك كما يرى بعض الدارسين هو لأسباب تتعلق بشخصية الفرد العراقي دون غيره من خلق الله بل نرى أنها كانت في أغلبها الأعم ظواهر تأتي بفعل ممارسات السلطة الحاكمة و نوع الثقافة العدائية التي تشيعها و تحاول فرضها . إذن فالإنسان العراقي ليس بطبيعته ميّالا للعنف و القتل و التلذذ بآلام الناس كيف و نحن نبصر من حولنا و نعيش في هذا المجتمع منذ ولدنا فلا نرى إلا الطيبة العراقية مضرب المثل حدّ أن وصفنا البعض بالسدّج و البسطاء ؟ و هل كالعراقيّ محبّة و نبلا و شهامة و نخوة و غيرة ؟ و لقد تميّز العراقيون بالنبوغ في نواحي الأدب و الفن المختلفة و هم قطب الشعر العربي و معينه الذي لا ينضب و يكاد يكون الشعب العراقي كله شعراء و فنانين ، و الشعر و الفن لا ينطلق من نفس سادية مشبعة بالكره و الحقد و الضغينة على الإنسان ، بل هي متماهية في حبها و ذائبة في شوقها و صبوتها و منصهرة في عواطف إنسانية رفيعة . أغلب العراقيين هم على هذه الشاكلة مشتركون في عواطفهم النبيلة و نظرتهم التي تشبه نظرة العاشق لما حوله ، إلا أن ثمة شواذا كما هو حال أي مجتمع منذ خلقت الأرض و عرفت تجمع البشر في مجموعات تكوّن قرى و مدنا و تنظم حياتها بطريقة ما . هذه الحثالات و التوافه هي التي تقوّم صلب الظواهر غير السوية و هي كائنات بشرية مسخت عن آدميتها قبل عراقيتها و هي نتاج مرحلة القتل و التدمير للذات الوطنية في زمن الظلم و الهمجية الصدامية البغيضة . هؤلاء النفر المريض و الشاذ وجدوا بعد زوال الطاغية منافذَ و عناوينَ و جهاتٍ يلتحفون بها و يتسترون خلف قداسة الولاء لها و لرموزها ليمارسوا أعنف و أقذر الممارسات التي يندى لها الجبين . إن مليشيات جيش الهدي نموذج صارخ لهذا النفر من قمامات الأمن الصدامي و بعض البعثيين الذين عشقوا لغة العنف و التنكيل بالأبرياء . و الذين لا يجدون مفرا من ارتكاب الجرائم لأجل أن تهدأ نفوسهم المريضة و نزعتهم السادية الدموية ، و بالطبع فإن هذه النوازع المشينة لا بد لها من غطاء سواء لتبريرها أمام الآخرين أو أن يكون الغطاء موجها للذات كي يخدعها و تمارس الأنا من خلاله ما تشتهي من رغبات منحرفة ، هذا الأمر الأخير يحدث للبعض ممن يقال عنه أنه ملتزم أو متدين و الالتزام و التدين منه براء .. فيذهب ليقتل باسم الجهاد و يهدم و يخرب على " بركة الله " و يعذب و يمثل " قربة لله تعالى " .. الخ .

إن أفعال و فضاعات مليشيا مقتدى الصدر لا يمكن حصرها و تعدادها كأي فضاعات و جرائم لعصابات أخرى تسلطت على الشعب سواء من كرسي السلطة كصدام و زبانيته أو من كرسي الشارع و المكتب بالقوة و القهر و استغلالا لعناوين دينية مخادعة . و لكن كواحدة من أبشع الجرائم التي حدثت مؤخرا هي تلك التي أقدم خلالها شراذم من هذه المليشيا على قتل طفلين بريئين في قضاء المقدادية و على خلفية ضائقة مالية ألمت بوالدهما فامتنع عن دفع إتاوة معينة لقطعان جيش المهدي و اسم الطفلين المسكينين حسن و عمره ثمان سنوات و محمد الذي يصغره لعام واحد فقط . و كان بودي نشر صورة للطفلين و لكن بشاعة المنظر لهما و هما مسجيان على نقالة لم يجعلني أقوى على النظر مرة أخرى إلى تلك الصورة .

قد يقال أنها صورة مفبركة ما دامت نشرت عبر المواقع الالكترونية ؟ و أقول أنه لأمر ممكن و لكن ماذا يقدم و ماذا يؤخر ؟ هل نكذب كذلك أعيننا و ما نعيشه من حولنا فالحوادث المريرة و الجرائم التي لا يمكن أن يقوم بها بشر أسوياء عديدة ، و كما قلنا تخرج عن الحصر؟ لقد قتلت في الحي الذي اقطن فيه طفلة بريئة كانت خارجة إلى أحد منازل أقربائها و أثناء مرورها بدكان قريب اشترت لها علبة حلوى و على مبعدة بضعة خطوات تلفت رصاصة من أعداء الطفولة و الإنسانية لتستقر في قلبها الصغير و ماتت متمسكة بقطعة الحلوى في يدها ، متشبثة بها بقوة .. الأمر الذي زاد من سخونة الفاجعة لدى من نظره إليها و تمكن قلبه من أن يعاشر لحظات التأمل في طفلة بعمر الزهور لا ذنب لها اختطفها الموت الصدري بلا جريرة تذكر .. بعض ذوي القلوب الطيبة و ما أكثرهم يرون أن هذه التصرفات شخصية و لا يدرى بها القائد مقتدى ، و هنا أسأل إن فضائح مليشياته معروفة و غسيلها الدموي يقطر من كل وسيلة إعلامية للسنة الثالثة على التوالي فهل أن السيد القائد يعيش في كوكب آخر و لا يسمع و لا يقرأ ما يحدث في العراق على يد هؤلاء ؟ الجواب يتحفنا به راسم المرواني مستشاره الإعلامي الذي يؤكد على أنه " قد يستغرب القرّاء أن يسمعوا أو يقرؤوا مني بأن السيد مقتدى يقرأ ما يكتبه الكتاب من نقد للصدريين " ثم يقول أنه مسئول عن كلامه .. إذاً فمقتدى الصدر يقرأ ما يكتب و ينشر فهو مطلع على الشؤون و الشجون و شكاوى الناس و ما حدث لهم من جرائم و انتهاكات .. فما كان رد السيد القائد على ذلك ؟ من الواضح نوع هذا الرد بتشبثه ببقاء جيش المهدي و رفضه لحله بل و جعله مطلبا مستحيلا .. !!

و ليستمر قتل الأطفال و الأبرياء و بعلم و موافقة السيد القائد لأنه لو لم يكن موافقا لما أبقى على مليشياته بعد كل ما ارتكبته و لا يمكن لمقتدى إلا أن يكون شريكا في عمل أصغر مليشياوي من مليشياته و محاسبا على قدر ما يحاسب ذاك المليشياوي الصدري ، هذا منطق العدل و هذا ما يعرفه مقتدى على ضوء التشريعات و الأحكام الإسلامية و لا أدري بعد هذا كله ما عذره أمام الله و هو اعجز من أن يقدم عذرا أمام الناس .. ! أو تراه سيقول أن هناك مليشيات أخرى يا ربّ و أن القصاص إنما يطال المباشر للفعل فحسب كما احتج عليّ أحد فقهاء الصدريين و الملمين على ما يبدو واضحا إلماما واسعا بالفقه !!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك