المقالات

انتصارات الوهم الصدري و فقاعات القاعدة من جديد

1256 14:13:00 2008-05-03

( بقلم : عواد عباس الموسوي )

يذكر غليوتش فاليزي وهو أحد الجنرالات الذي شاركوا في تحرير برلين من نير الدكتاتورية الهتلرية إبان الحرب العالمية الثانية أن أحد الجنود في كتيبة من كتائبه التي أوكلت إليها مهمة محددة كان قد تبجح أمامه بكونه أسهم في قتل جنديين نازيين أثناء تعرض عسكري ألماني في إحدى جبهات القتال و في معركة حقق الألمان خلالها نصرا تكتيكيا . يقول فاليزي إن هذا الجندي بتبجحه الفارغ بقتل جنديين من حوالي ألفي عسكري ألماني شنوا ذلك الهجوم لا يعني أكثر من خديعة لرفاقه بأننا حققنا شيئا مهما و أنزلنا خسارة ما بالألمان .. لهذا عاقبته عقوبة مناسبة كانت فيما أرى سببا لانتصارات و استبسال الجنود في المعارك التالية . .. إنني أرى ببساطة و القول للجنرال فاليزي أن وصولنا إلى برلين ثمرة تلك العقوبة و كان من الممكن أن يكون الأمر على العكس تماما مما جرى .

هذه الرؤية ليست أكثر من اعتراف بالواقع و موضوعية في تقييم الأحداث ، فالانتصار و تحقيق الانجاز العسكري لا يقيم بإلحاق ضرر بالعدو فالحرب لا تعني سوى أن تأكل النار الآلات و الجنود كما كان يردد هتلر ، بل إن المنطق يقول إن انتصارك لا يعني سوى إلحاق الهزيمة بعدوك و حين يهزم العدو يكون النصر قد تحقق لك . جاءت الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام معلنة إسقاط طائرة أمريكية بدون طيار ادعى الصدريون أنهم أسقطوها لتذكرنا بالطائرات التي كانت تسقطها القاعدة قبل هزيمتها المنكرة . و قال مصدر رفض الكشف عن اسمه و هويته كما هي العادة لإحدى وكالات الأنباء " مستمرين في محاربة قوات الاحتلال وتكبيدهم الخسائر مضيفا أننا ملتزمون بنداء سماحة السيد مقتدى الصدر بشن حربا مفتوحة ضد الاحتلال وأعوانه حتى النصر " . إن هذا التبجح و ادعاء الانتصارات المذهلة ليس أمرا غريبا و لا جديدا فقد كانت القاعدة و طيلة أربع سنوات تصدر بيانات يومية تعلن فيها عن إسقاط طائرة هنا و قنص جندي أمريكي هناك و تدمير همر و إلى غير ذلك ، و لكن لم تلبث القاعدة رغم أنها كانت تيارا واسعا و هذه الحقيقة يقرها الجميع ممن هو مطلع على الوضع العراقي و في المناطق التي كانت تنشط فيها حيث استغلت شعار المقاومة و إخراج الأمريكان و الدفاع عن الإسلام الذي بات مستقبله مرهونا بانتصارات وهمية للقاعدة و أميرها الذي قبره الله ولا يخفى ما كان لهذه الشعارات الزائفة من دور في دعم و مساعدة لها و إيواء للعناصر الوافدة من الخارج بل و قام بعض الساسة بتوفير غطاء من مواقعهم لها . و الحقيقة إن القاعدة نفسها لم تكن السباقة في تبني الانتصارات الوهمية بل كانت في ذلك خاضعة لنحو من ثقافة الانتصار طبقا للمفاهيم الصدامية . فصدام الملعون كان منذ عام 1980 و حتى حواسمه الأخيرة في 2003 يردد أنه انتصر على العدو الفارسي المجوسي أو الأمريكي الصهيوني و على المخربين و العملاء و غير ذلك .

 هذا مع أن الواقع كان يجري عكس كل تلك الإعلانات الفارغة و الأوهام الزائغة و أن ما حدث هو هزائم صارخة و فاضحة و مخزية كللته بالعار و الشنار إلى أبد الآبدين . و ها هي ذي مليشيات مقتدى تعيد الأمس القاعدي و أشد ملامحه التي يزدريها العاقل و يمقتها العراقيون الذين شبعوا من الزيف و التضليل والتهريج الفارغ . على أن تراقص الصدريين السذّج لهذه الفقاعات الإعلامية إنما تدلّ على مقدار الهزيمة و الخواء و فقدان السطوة التي كانت لهم وهو القاسم المشترك بينها و بين انتصارات قائد الضرورة المقبور و القاعدة المنبوذة و هو أيضا السبب في إخراج هذه الفقاعة لرفع معنويات جيش المهدي المنهارة و رسم صورة غير واقعية تحاول زرع اليأس و الخوف في نفوس المواطنين .

نعم أسقطت المليشيات طائرة مسيرة بلا طيار لكن ذلك ليس نصرا و لا يعني شيئا بالمرة إلا لدى بعض المهووسين و المغفلين ، إنه كنصر صدام حسين في مواجهة الأمريكان طيلة التسعينات و التي انتهت بالهزيمة المدوية . و تذكرني عملية إسقاط هذه الطائرة بما حدث علم 1999 م حيث تمكن صدام و بمحض الصدفة من إسقاط طائرة استطلاع مماثلة في محافظة المثنى و أقام حينها الدنيا و أقعدها و بشّر أتباعه بان النصر قريب جدا في ذات الوقت الذي كانت طائرات التحالف تدكّ دفاعاته الجوية و تحيلها إلى أثر بعد عين و تلاحق فلول حرسه الجمهوري المهزوم ما أن تحاول الدخول إلى المناطق المحظورة .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك