( بقلم : سلام عاشور )
يبدو ان الاحزان تأبى ان تتخلى عن اهل مدينة الصدر المختطفة، فالعصابات الاجرامية ماتزال تحكم قبضتها على عدة قطاعات منها، وقد وقد فرضت (قوانيها ) الخاصة عليها، فمحاكمها (الشرعية) مستمرة باصدار احكام الاعدام، غيابياً في معظم الاحيان ووجاهياً في قليل منها. والحكم بالاعدام لايكلف (حاكم الشرع) سوى النطق به لينفذ فوراً وبابشع صورة على من اتهم بانه موظف حكومي وقد باشر عمله في بغداد خلافاً لامر (امير مدينة الصدر المنورة)، هكذا يسمونه، والذي حرّم على كل موظف وطالب وعامل مواصلة الدوام في دوائر الدولة.. وبعد الحكم يعلق الضحية فوق عمود الكهرباء ليوم او ليومين حتى يأتي من يتشفع لانزال الجثة او يدفع مالاً ان لم تنفع الشفاعة!!.
ومنذ اكثر من شهر وحتى الان وصل عديد المحكومين بالاعدام ونفذ بهم الحكم فعلاً اربعين وحوالي ستين اخرين قد صدر الحكم باعدامهم غيابياً وهم عرضة للقتل ودمهم مباح لاي قاتل من عناصر جيش مقتدى.واهل مدينة الصدر يعيشون في رعب وخوف دائمين، وفوق كل هذا تتساقط الصواريخ وقنابر الهاونات فوق بيوتهم لتحيلها الى ركام، تدفن تحته العشرات من الجثث لاطفال ونساء وشيوخ.. واحياناً تكون الصواريخ والهاونات (حكومية) حين يرد الجيش والشرطة على مصادر النيران الموجهة اليه او اليها من على سطوح البيوت او من داخل الازقة.. واحياناً اخرى يتعمد جيش مقتدى – وهذه حقيقة وليست مبالغة- على قصف بعض الاحياء لزيادة عديد الضحايا لخلق نقمة على الحكومة وليسرع نواب التيار الصدري للبكاء والعويل و(اللطم) على الضحايا الابرياء!!.
ولقد ابلغني شاهد عيان اثق به ثقة مطلقة انه رأى مجاميع صغيرة لايزيد عديد عناصرها على خمسة افراد، كيف تهاجم تلك المجاميع المفارز الامنية والدوريات العسكرية وبعد ذلك تدخل في احد البيوت او تختفي في سوق مكتظ بالمتسوقين لتجعل من الناس المدنيين دروعاً بشرية، وعادة ما يكون رد الفعل على مهاجمة القطعات العسكرية غير مسيطر عليه، فيكون الابرياء ضحايا من دون ان يكون لهم ذنب.
وابلغني الشاهد الصدوق بان جيش مقتدى يعتمد على اشخاص يبدو انهم متخصصون في قصف المنطقة الخضراء والكرادة والزعفرانية ومناطق اخرى من بغداد بالهاونات وصواريخ الكاتيوشا.. ويتلقى كل رئيس مجموعة (500 دولار) عن كل صاروخ ينطلق على المناطق المستهدفة، ويضيف شاهدي بان المحصول اليومي لكل رئيس مجموعة يصل في بعض الايام الى اكثر من عشرة الاف دولار وفي ايام اخرى ربما يقل عن ذلك!.
وقال الشاهد انه رأى بأم عينه احد مسؤولي مجموعات القصف يقود (سيارة بيكب) محملة بالقاذفات والعتاد وان السيارة قد توقفت في الساعة العاشرة صباحاً من يوم 29/4/2008 قرب مستشفى الولادة والاطفال في الحبيبية، وبدأت باطلاق صواريخ الكاتيوشا، ولكن خللاً اصابها، فما مان من رئيس المجموعة الا ان غادرها ليأتي ومعه شخص يبدو انه على معرفة بالقاذفات وبدأ باصلاحها غير ان طائرة مروحية امريكية قد استمكنتهم ووجهت اليهم صاروخاً قتل افراد المجموعة و(الخبير) وهدم اربعة بيوت على من فيها.
وذكر لي احد المهجرين من مدينة الصدر ان العصابات الاجرامية تتجول في القطاعات التي لم تطهرها القوات الحكومية بعد بكامل سلاحها، وتمنع كل من يريد ان (ينزل) الى مدينة بغداد، وفي حال رفض توجه الى رأسه مسدسات العصابة، وان اصر يقتل ليكون عبر للاخرين، كما يزعم عناصر جيش مقتدى.
والناس في مدينة الصدر يشكون عبر الهواتف النقالة محنتهم الى معارفهم، وكثيراً ما يقولون: لماذا ثمن جنون البعض وطمع البعض من جلبوا على خرق القوانين؟ ولاتزال حتى اليوم اوضاع الخدمات والمواد الغذائية في ادنى مستوياتها على الرغم من ارسال المئات من الشاحنات الى المناطق الملتهبة في مدينة الصدر غير ان تلك الشاحنات غالباً ما تتعرض الى اطلاق النار لتعود الى محيط مدينة الصدر.
وقد ابلغني احد رجال الامن- وهو ضابط كبير- بانه قد القي القبض على (14 شخصاً عربيا) يظن انهم سوريون او لبنانيون- سمع لهجتهم- كانوا قبل اعتقالهم يشاركون جيش مقتدى معاركه ضد الجيش والشرطة.
https://telegram.me/buratha