( بقلم : سلام عاشور )
يفتقر حديث الناطق بأسم التيار الصدري الشيخ صلاح العبيدي الى الكثير من الصدق والموضوعية ، وماكان متوقعا منه أن يقول ماقاله بخصوص (الاتفاق خلف الكواليس بين ايران وامريكا لتقسيم نفوذهما في العراق ) وقد يكون هذا صحيحاً، وقد يكون غير ذلك، ولكن ان يصدر مثل هذا الرأي من الناطق الرسمي باسم التيار الصدري حليف ايران، ان لم نقل صنيعتها فانما هو امر في غاية الغرابة!.
ومبعث الاستهجان لرأي كهذا هو ان علاقة التيار الصدري بايران لم تكن سطحية، بل هي عميقة وقد كان ما يؤخذ على التيار الصدري هو انه كان الاقرب لها من دون كل الاطراف العراقية التي لها صداقات مع الجار المسلم للعراق، فلم هذا الانقلاب؟!.
واذا كان لأي حزب او حركة سياسية عراقية مأخذ على بعض مواقف ايران ازاء العراق فليس للتيار الصدري ان يكون كذلك، فما بينه وبينها لم يعد خافياً على احد، مع اننا لسنا في وارد الاعتراض عليه هنا، فالتمويل والتدريب والتسليح والدعم السياسي، واحتضان الهاربين من زعامات التيار الصدري، كل تلك بعض مفردات العلاقة الاكثر تماسكاً والتي تربط التيار الصدري بايران، اما ان ينقلب الشيخ صلاح العبيدي على كل هذا الذي بين التيار الصدري وايران، فانه امر مستغرب جداً، والاكثر استغراباً هو ان يوجه الشيخ العبيدي اتهاماً لايران بانها تشارك امريكا في صفقة سرية وراء الكواليس لتقاسم النفوذ في العراق!! واعتقد ان سر هذا الانقلاب (العبيدي) جاء بعد ان طردت ايران مقتدى الصدر من اراضيها.
ومن حق المواطن العراقي ان يسأل الشيخ العبيدي: متى اكتشفت ان ايران وامريكا متواطأن ومتأمران على العراق؟، فاذا اجاب بان ذلك الاكتشاف الخطير قد كان معروفاً لديه ولدى شركاءه في زعامة التيار الصدري، فكيف لهما ان يظلاً على علاقة متينة بايران كل هذه المدة الطويلة؟ واذا كان الاكتشاف حديثاً فما معنى ان يكون المرء سياسياً ولايعرف ما يدور حوله، علماً بانه احد الاطراف التي تعتمد عليها ايران في سياستها حيال امريكا؟!.ثم الى اين يسير التيار الصدري اذا كانت قيادته تسير مغمضة العينين منقادة اليدين طوال السنوات الخمس؟!. اضف الى ذلك سؤالاً اخر: ما هو مستقبل العراق في حال استولى التيار الصدري على السلطة فيه، وهو – أي التيار الصدري- لايفقه بالسياسة شيئاًُ، ولايعرف ما يدور حوله، ولايدري ما يراد منه؟!.
ان وجود التيار الصدري، اذا ما وضعنا التساؤلات السابقة في الاعتبار، لايعني انه اداة استعملت لا غراض معينة، وان كل ما يزعمه بانه ملتزم بتحرير العراق وحماية حقوق مواطنيه، والحرص على استقلاله، انما تظل تلك المزاعم مجرد شعارات فارغة من المعنى وعقيمة ايضاً.
وبعد ان اكتشف الشيخ صلاح العبيدي وغيره من زعامات التيار الصدري ما اعلن مؤخراً ولم يخف اكتشافه، بل طرحه على الرأي العام، فان اول ما يتبادر الى ذهن المواطن العراقي هو ان التيار الصدري انما يعمل على وفق اجندة اجنبية ، وانه- أي التيار ان كان غافلاً عما يراد به كل هذه المدة الطويلة فمن يضمن ان لاتكون دول اخرى في الاقليم وخارجه هي الاخرى قد سخرته لمصالحها ما دام على هذه الدرجة من الغباء السياسي، ولربما تأتي مواقف بعض الدول الاقليمية او الكبرى والمتباكية على مصير التيار الصدري ما يوحي بانها هي الاخرى قد جندت هذا التيار لخدمة مصالحها، ومن يقول ان امريكا- وهي الداهية في تجنيد العملاء- لم تستثمر هذا الغباء المفرط لدى زعامات التيار الصدري واستفادة منه؟!.
اسئلة.. واسئلة، ولكن ما يمكن استنتاجه منها هو: ان التيار الصدري لم يكن تياراً فكرياً او سياسياً او عقائدياً له اجندة وطنية، بل هم مجموعة من المرتزقة وكثيراً من العصابات الاجرامية والرعاع والسوقيين، تبيع دنياها واخرتها عن علم او من دون علم احياناً!!
https://telegram.me/buratha