المقالات

ريّان..لم يأكله الذئب..!

973 2022-02-09

 

حمزة مصطفى ||

 

لم يعرف ريّان ذو الخمس سنوات أن الأطفال يموتون. ريان لم يعرف بعد معنى الموت أو الخوف . لايعرف قصة يوسف ولا الذئب ولا البئر . لا أحد يتخيل ماذا كان في مخيلة ريان حين إنزلق في البئر على بعد البئر 32 مترا. الشئ الوحيد الذي عرفه ريان لحظة إرتطامه بأرضية البئر هو الألم لكن بلا تفسير. أرسطو لم يفسر معنى الألم. هوى العالم مع ريان في البئر. حبس أنفاسه لمدة خمسة أيام بلياليها. إنشغلت كبريات الفضائيات به. صار حدثا أول لا مجرد خبر أول. وبينما بدأت طلائع أولى الحفارات والمعدات العملاقة تصل حافة البئر كان الصوت الوحيد المسموع لريان قبل أن يغفو على وسادة من طين هو "طلعوني , طلعوني". إختفى الصوت وبدأت  الحفارات  وعشرات المهندسين والعاملين ومئات المواطنين المتدينين وغير المتدينين يتلون على مدى الأيام الخمسة أدعية وصلوات من أجل إخراج ريان حيا ليعود الى والديه كي تقر به عينا  أمه ويفرح قلب الأب المكلوم.   

لماذا إنشغل العالم بريان؟ اليس هذا العالم نفسه الذي طالما أدت المصالح والصراعات والأفكاروالأيدولوجيات والعولمة ونهاية التاريخ والحرب الباردة والقطبية الثنائية والشرق والغرب الى موت ملايين الأطفال في كل أنحاء الدنيا؟ الم يفتك الموت حتى الآن بأطفال أفريقيا من الجوع والمرض؟ ماذا فعلت الدول والفضائيات لكل هؤلاء؟ هل أرسلت الحفارات والمعدات والأجهزة الطبية والمواد الغذائية ولوعن طريق الأنابيب لإنقاذهم؟ الم يقذف البحر قبل سنوات "الآن" الطفل السوري المهاجر الى لا مكان؟ إقتحمت هو الآخر صورته العالم فلم يصحو  سوى ضمير العمة إنجيلا ميركل. راح "الآن" قربانا لملايين المهاجرين بعد أن تمت فديتهم  بـ "طفل عظيم". 

السؤال الذي لم يجب ولن يجيب عليه أحد. لا الفضائيات التي تراجعت عندها في سلم الأولويات المهنية قضايا كثيرة لم تعد هي الخبر الأول. لا قضية أوكرانيا. ولا القمة الروسية ـ الصينية. ولا مباحثات  فينا, ولا تحولات كورونا عبر آخر متحوراتها أوميكرون ولا الدول والمنظمات. ريان لم يعد هو الخبر الأول فقط لكي يأتي بعده بوتين وجينينيغ وماكرون وبايدن  خبرا  ثانيا أو ثالثا. ريان سيطر على كل ساعات البث التلفزيوني ليل نهار. تسمر العالم أمام منظر واحد لم تستهدفه الخريطة يوما هو شمال المغرب حيث يقع بيت الطفل والبئر الذي سقط فيه وأسقط ضمائرنا وأخلاقياتنا معه. أصبح هذا  المكان هو الخريطة. ولأن الاسئلة كثيرة فإن أقربها الى الطرح وإعادة الطرح هو السؤال الإشكالي التالي الذي لم يجب عليه لا  سقراط ولا أبقراط ولا فيثاغورس ولا الكندي ولا الغزالي ولا إبن رشد ولا صانع الخرائط العظيم إبن خلدون ولا الملا صدرا ..لماذا يتجاهل العالم موت الإنسان مكتفيا بإحالته الى القدر بينما يقف حائرا عاجزا عن الإجابة حيال موت إنسان واحد حتى لو كان طفل عمره سنتان "الآن السوري" أو خمس سنوات "ريان المغربي" أو سبعة أيام "طفل جبلة"؟ لا إجابة. لماذا؟ هل لأن "الآلهة التي خلقت البشر قدرت عليهم الموت وأستأثرت هي بالحياة" كماتقول ملحمة كلكامش, أو "رب لحد قد صار لحدا مرارا.. ضاحك من تزاحم الأضداد" كما يقول المعري؟ لست أدري, والعبارة الأخيرة لأيليا أبوماضي .. وهي الأدق. 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك