المقالات

حركة الهامش الصدري .. بداية النهاية ..قراءة في طموحات المرواني و أخطاءه القاتلة

1837 16:16:00 2008-04-30

( بقلم : فالح غزوان الحمد )

يوما بعد آخر تتكشف حقائق مثيرة عما يعرف بالتيار الصدري و عن واقع الانقسامات و الصراعات بين قياداته و شخوصه . و يبدو أن الأمور وصلت إلى مستوى غاية في الخطورة على الحزب الصدري يهدد بانهياره و تشظيه بين أجنحة و أحزاب تتقاطع في توجهاتها و رؤاها و من هنا قد يبادر السيد مقتدى إلى خطوة استباقية في هذا المجال تهدف إلى الأخذ بأهون الشرين أو قلب الطاولة على رؤوس الكل فيعلن حل مليشيا جيش المهدي كما تشير بعض المصادر الإعلامية و إن أرجعت اتخاذ مثل هذا القرار لأسباب أخرى . و على أية حال فقد برزت مؤخرا و منذ اغتيال السيد رياض النوري حقيقة أن القيادة العليا و الحاشية المقربة من الزعيم الشاب داخلة في صراع عنيف حد أن بلغ تصفية النوري و أشّرت إلى واقع كان مستورا حتى وقت قريب يصطخب بحجم من التنافر و الصراع من اجل القيادة و هيمنة القرار لدى أشخاص بارزين أو مخفيين . وقد حرّك انكشاف هذا " المستور " أطراف كانت على هامش اللعبة لتحاول تصيّد غنيمتها في هذه الأجواء العكرة . و يلفت هنا ما كتبه راسم المرواني الذي يشغل منصب المستشار الإعلامي لمكتب الشهيد الصدر و الذي يحاول شغل المكان الشاغر على ضفة المعتدلين بوحي من سطوع المكان " الشاغر " لا القناعة بقيمة الاعتدال .

المقال الأخير الذي نشره راسم المرواني يوم الأربعاء 3042008 بعنوان " أخطاء صدرية ندفع الآن ثمنها " كانت لهجة التملق لمقتدى الصدر واضحة في ثناياه و محاولة رسم صورة للتماهي الكلي في الإخلاص " للسيد القائد " بادية للعيان . النقطة الأكثر أهمية في مقال المرواني تكمن فيما ذكره أثناء تلمسه لأخطاء قاتلة للصدريين ، فبالقدر الذي حاول من خلاله تبرئة السيد القائد حد أن شبهه بالإمام علي بن أبي طالب و حكمته يبدو جليا تحميله للقيادات السياسية و المقربة من مقتدى الصدر المسئولية عن الفشل و التخبط الذي يعانيه الصدريون الآن و السعي إلى عكس صورة عن ذاته الصدرية كونها الفريدة من نوعها في معرفة متناهية من موقع أكثر سموا و علوا من مواقع النخبة القيادية لأتباع الصدر ، هذا مع أن القريب و البعيد يعرف أن السيد مقتدى و بفعل كونه زعيما " ناطقا " و طبقا لمفهوم " الناطقية " الصدرية التي جاء بها " الولي المقدس " لا بد و أن يضطلع بالكثير من الأمور الدقيقة و الحساسة و يتجاوز قضية الاكتفاء بوضع الأطر و التوصيات العامة لأتباعه و إيكال المسائل الفرعية لهم لأن هذا هو ديدن الحوزة " الصامتة " التي يأنف السيد و أتباعه عن أن يقتفوا أثرها فهي لا تنادي بأكثر من ذلك كما هو معلوم وهو عين السبب الذي تتهم لأجله بكونها " صامتة " ! على أننا لو تركنا هذا الجانب و فرضنا أن مقتدى ليس معنيا و لا مسئولا عن مباشرة بعض التفاصيل فإن ما ذكره المستشار المرواني لا ينتمي إليها بل إلى الأطر العامة التي يتوجب إرشاد الأتباع لطريقها و إبداء التوصيات و الملاحظات حولها . خذ على سبيل المثال ما ذكره المرواني حول قضية دخول الصدريين في العملية السياسية و التي ادعى فيها أن مقتدى لم يكن راغبا في دخولها هذا مع أننا لم ننزل من المريخ ليلة البارحة و جميع العراقيين يتذكرون تماما إعلان انتقال الصدر من المقاومة المسلحة إلى المقاومة السياسية السلمية و لا أدري ما معنى أن تكون معارضا سياسيا دون الدخول في العلمية السياسية ؟ لقد كان السيد مقتدى قد طلب من أتباعه الدخول في الانتخابات و ضمن قائمة الائتلاف العراقي الموحد و أجريت معه لقاءات عدة جمعته مع قادة سياسيين من الأحزاب المنضوية تحت الائتلاف و تم تحديد شروط متبادلة و أعطيت له حصة من المقاعد تشبه إعطاء جبهة التوافق السنية حصة أكبر مما تستحقه لا لشيء سوى الحرص على المصلحة الوطنية العليا و ضمان مشاركة الصدريين في الانتخابات و من ثم في التشكيلة الوزارية و في معمعة التشكيلات الوزارية كانت اللقاءات لا تنقطع مع مقتدى شخصيا من شخصيات معروفة لإقناعه ببعض الوزارات و ما يمت إلى هذا الموضوع من أمور ثانوية و قد دامت معه المباحثات و اللقاءات فترات طويلة و لم يكن ثمة وجه من الشبه حين نسلم بأوهى الظنون بين ما كان من أمره و ما حدث في التاريخ من قضية صلح الإمام علي "ع" و قبوله للتحكيم على مضض فقد وقعت تلك الحادثة في فترة محدودة و أثناء معركة مستعرة . على أن لنا أن نتساءل لو أخذنا بما قاله المرواني كمسلمات و حقائق ثابتة عن أي نوع من القيادة يمكن الحديث بعد ذلك ! وهي لا تكاد تعلم بأبسط الأمور و أشدها ضرورة ؟ و أي قائد هذا الذي يبدو " طرطورا " بين أتباعه فلا من مطيع يطيعه و لا من تابع يأخذ بأقواله ؟ يقول المرواني " .. حينها كان الصدريون أمام خيارين لا ثالث لهما ، فهم إما أن يتبعوا أمر قائدهم ، ويبقوا خارج العملية السياسية كقوة معارضة ومؤثرة .. " و يذكر المرواني أن الصدريين أخذوا بخيار ثالث غير ما ذكره و منه ألا يتبعوا أمر قائدهم ..!!

الأنكى مما جاء في مقالة المرواني وحول القائد مقتدى أنه وضع ثلاث ثوابت عريضة و خطوط حمراء غير قابلة للخرق و التي تعبر عن عبقرية القائد وهي قوات الاحتلال – البعثيين الصداميين – التكفيريين الإرهابيين .. و كأن في ذلك اكتشافا للبصل و ليس مما يشترك أغلب العراقيين في القناعة به فليس ثمة قوى سياسية ترغب في بقاء المحتل و لا احد منها لا سيما في الجانب الشيعي يريد عودة جديدة للبعثيين الصداميين – و الفت هنا إلى تحديد المرواني نفسه للبعثيين بكونهم صداميين لما في ذلك من فائض معنى يخرج عن النص في أذهان الكثير ممن يراقب مواقف و تصريحات و مؤاخذات الصدريين على غيرهم - و أما قضية الإرهابيين فهي محسومة . القول هنا لا يتمحور حول مسألة نقض هذا الكلام بشيوعه كقناعة لدى الأغلبية بل لأن الخروج من التحديد يعني الخروج من " عبقرية " القيادة للسيد مقتدى التي تتضح عبر هذه النقاط و الخطوط كما ينص كلام المرواني . لا أدري لماذا كل هذه المكابرة و عدم الاعتراف بأن السيد مقتدى ليس أكثر من شاب يفتقر إلى مؤهلات العمل القيادي افتقار الأعمى لنور البصر . و لنعد إلى صلب موضوعنا ، و ما بدا في مقالة المستشار من مؤاخذات عنيفة ترقى إلى مستوى التسقيط للقيادات السياسية الصدرية و اعتبارها مسئولة عن الأخطاء القاتلة التي ذكرها . و بما أنه مستشار ثقافي فكان له أن يقول مثلا : " ولكن ، بدا أن كل الجهد قد توظف نحو مسار آخر ، ورأينا الكثير من التداعيات تظهر على الساحة بفعل تسلط بعض غير ذوي الاختصاص على المختصين ، وتهميش دور الأكاديميين والمثقفين ، مع معرفتنا المطلقة بأن الكثير من رؤساء وأساتذة الجامعات وعمداء الكليات وغيرهم من الفنانين والتشكيليين والمثقفين والأدباء والكتاب من الصدريين لم يجدوا لهم متنفساً بين الحراك الثقافي ، ورغم أن سماحة السيد القائد كان قد أمر بأن يتولى الأكاديميون مناصب قيادة المؤسسات الصدرية ولكن شيئاً من هذا لم يحدث .." و يضيف قائلا " المفترض بمن يقبل بمنصبٍ ما أن يعرف ما عليه فعله ، وأن يعي حجم مسؤولية عمله ، وأن يكون ملماً بالثوابت والمتحركات ، ولكننا لم نجد خطوة من البرلمانيين الصدريين – على سبيل المثال - تثبت لنا أنهم يريدون أن يصلوا بصوتنا نحو المجتمع الدولي ، ولم نجد لدى بعض الأخوة القادة ما يشير إلى أنهم يحرصون على أن يدوروا في بلاد الله كي يقولوا للعرب والعالم أن أخوة لكم في الإنسانية والدين والعروبة يقفون الآن على بين مطرقة الحكومة وسندان الاحتلال ، ولم يكلف أحداً نفسه أن يتصل بالفضائيات ووسائل الإعلام لكي يفضح المجازر التي يتعرض لها العراقيون عموماً وأبناء المنهج الصدري خصوصاً في مدينة الصدر ومحافظات الجنوب " يبدو للبعض وللوهلة الأولى أن مثل هذا الطرح يمثل اعترافات من داخل الخط بمبلغ ما عليه من وهن و عدم أهلية للساسة الصدريين وهي حقيقة واضحة لا تحتاج إلى اعتراف أصلا مع أن المرواني تجاهل أفدح الأخطاء الصدرية وهي تشكيل مليشيات مسلحة بدأت تخرج عن طاعة الخط برمته و ما ذلك إلا لأنه لا مجال لغير الاعتراف بخطأ السيد القائد ،

و لكن لمثل هذا الكلام مغزى في هذا الوقت بالذات يشير إلى نحو من تسويق الذات في سوق السيد القائد بعد أن أخذت أمواج الخلاف و الانشقاق تتلاطم من حوله وهو تسويق لم يقتصر على راسم المرواني وحده بل اندفع الكثيرون بهذا الاتجاه في الآونة الأخيرة و أضحت الألقاب و عبارات التبجيل لمقتدى الصدر تفوق ألقاب و عبارات التقديس لخلفاء بني العباس . وفي السطور الأخيرة التي أقتبستها من مقالة راسم المرواني يمكن أن نرى حقيقة تحكم الغرض الذاتي بما سطره الكاتب ، فهو يؤاخذ الصدريين على عدم الاهتمام بالظهور الإعلامي و أن يتصلوا بالفضائيات ليشرحوا لهم معاناة الصدريين و يبدو أن الكاتب يعاني من عدم وجود فضائية تستضيفه يوميا سوى ما عبر عنه بانتظار عطف وسائل الإعلام كي تنشر له تصريحا أو تلميحا وفيه إشارة واضحة إلى استضافة الجزيرة له مرة واحدة أو ربما اثنين لأنني لست من متابعي هذه القناة و حتى تلك المرة التي رايته فيها بدا انه غير مؤهل للظهور الإعلامي فقد كان مرتبكا حد أن أبدل سوق الشيوخ بمدينة الشطرة . كل هذا مع أننا لا نكاد نعثر على نشرة أخبار في فضائية عربية إلا و تتحفنا بلقاء مع ممثل لـ " التيار " أو أحد قادته و سياسييه في نشرات أخبارها و تقاريرها المتواصلة عن العراق و بالنسبة للفضائيات العراقية فعلى ما اعتقد أن فضائية الشرقية و جهودها المخلصة كافية ووافية في هذا المجال و النواب الصدريون و القادة المليشياويون ضيوف مفضلون لها و قد ساندتها العراقية في عهد حبيب الصدر قبل إقالته هذا مع أن فضائيات أخرى مستقلة كالسومرية و الديار لا تبخل عن الصدريين بشيء و يجب ألا ننسى فضائية العالم الإيرانية التي تستضيف بشكل شبه يومي شخصيات من الصدريين أو المتعاطفين معهم فيما تتسم تغطيتها الخبرية بتعاطف و تأييد واضح لهم بحجة معاداة أمريكا و احتلالها للعراق ولم تشر يوما على الإطلاق للعصابات الخارجة عن القانون و مليشيات القتل و الجريمة و ما تقترفه بحق العراقيين و تصور الأمر و كأن جيش المهدي الذي ترغب إيران أن يكون ذراعها العسكري على غرار حزب الله هو المقاومة الشريفة و الصادقة ضد الشيطان المحتل متغاضية عما يلحقه أدعياء المقاومة بالشعب و ما يتسببون به من ويلات و تدمير و خراب .

إن حركة الهامش الصدري تؤشر إلى مبلغ الضعضعة التي أصابته و حدة الانقسامات الداخلية التي ألمت به و بعد أن تحركت مشايخ بارزة كحازم الأعرجي باتجاه تقوية نفوذها مستغلة عدم قدرة مقتدى الصدر على الظهور العلني أو لأنه ما زال في خارج العراق فعلا و الذي يرى بعض المراقبين أنه اقرب إلى حالة إبعاد بخديعة قيادات نافذة أغرت مقتدى الصدر بالرحيل لطلب العلم و نيل درجة الاجتهاد .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
abu ahmed
2008-05-01
قول المرواني (أن الصدريين أخذوا بخيار ثالث و هو ألا يتبعوا أمر قائدهم ) هذا يعني وصفه لهم بأنهم خوارج النهروان. بعدين المثل يكول (اللي بعبة صخل يمعمع) شفتكم وشفتوني وانتم تصيحون احنه مظلومين ,وأحنه مكروهين. شيسوولكم اذا انتو وين النطيحة والمتردية وما أنكره ونبذه المجتمع الأسلامي! والله انتو كبني اسرائيل ما عدكم مانع أن تقتلون ما بين طلوع الفجر الى شروق الشمس سبعين نبي أو عالم وما ترجف منكم شعرة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك