( بقلم : د . خلود عدنان )
عاشت الامم والشعوب تجارب الصراعات الداخلية والنزاعات الاهلية وعلى جوانب متعددة ونزيف دم مستمر وظهور عصابات اجرامية وآثار سلبيه على المستويين الاجتماعي والاقتصادي وهي بعد كل فترة من فترات العنف والقتال وازهاق الارواح وهدم البنى التحتية وهدرر الجهود والطاقات تعود الى رسم لوحة الحياة من جديد والى فسح المجال امام الشمس للأشراق ثانية ، وترى الجميع يسارع الى ان يكون نصيبه من الحياة الجديدة كبيرا ويحشر نفسه بالقوة لينافس الآخرين في مرحلة البناء والاعمار راكلا سنوات الجمر خلفه وتاركا ماضيه المثقل بالمآسي ونزيف يومه الدموي الى الذكريات ليلتقي في نهاية المطاف مع الاصوات الداعية الى نبذ العنف والقتال وعدم اهراق مزيد من الدماء والقاء السلاح والتعاضد لبناء المستقبل وزرع ورود الامل واشجاره المثمرة على ارض صالحة خصبة وترك العمل العسكري على جنب والبدء بالمشاركة الفعلية في العمل السياسي ليوفر لنفسه وللآخرين مكاسب ومغانم جمة ، غير ان البعض يريد تقييد حرية الرأي وحرية التفكير ويريد ان يمارس دوره السلطوي على الآخرين وان يجعل لنفسه أمارة خاصة به وجمهورية دماء مظلمة تحيطها السجون والقيود والسلاسل وتكون ابوابها من سيوف وشبابيكها من رصاص وشظايا وسقفها عبوات وصواريخ ، لايريد الا رؤية منظر الدم يسيل من البشر ومن الارض ومن الشجر ومن الكائنات الحية، يريد ذبح حمام السلام حتى يفسح المجال ليطير غرابه منتشيا وينعب بالديار الخاوية على عروشها التي حطمتها اسلحتهم .
ان فكرة الدمار والقتل والتطرف في الافكار والعقائد موجودة لدى عدد غير قليل من البشر ، وهي ميزة انفرد بها تنظيم القاعدة من اجل مصالح وغايات خاصة ، فهو جند لهذا الامر علماء مأجورين من الذين باعوا دينهم وشرفهم وعرضهم ووطنهم وباعوا انسانيتهم ليفتوا بجواز القتل والذبح من الجميع وبخصوصا من المسلمين ، فلم نر فاجعة واجراما اكبر من ان تمسك انسانا وتذبحه امام اطفاله ، فأي بشاعة تلك واي اجرام ؟ وهم سوقوا لهذه التجارة وصدروها الى كل بلدان العالم حتى اصبح القتل والذبح والتفجيير والتفخيخ مرتبطا بهم في كل ارجاء المعمورة ، وكانوا السبب الرئيس في تشويه الدين الاسلامي . و لديهم رجال دين جاهزون لأصدار الفتوى وحسب ما تقتضيه الحالة والطلب والتي وصلت الى قتل الذي يخالفهم بالراي ، فلم يكن هناك مجال للحوار او فسحة للنقاش او باب مفتوح للسماح الرأي الاخر او الاستماع اليه ، فهم يصادرون الآراء قبل ان تقال لأنهم خلفاء الارض والارض مملكة للقاعدة واميرها اسامة بن لادن .
وعاثت القاعدة بالارض فسادا حتى وصلت الى تحريم الخلط بين الذكر والانثى من الخضروارت حتى لايكون هناك تقارب جنسي ، والنهي عن بيع الثلج لأنه لم يكن في زمن رسول الله ، وقتل الحلاقيين الذين يستعملون الخيط في الحلاقة ،وقتل الماعز لأنه يرفع ذيله في المشي وتظهر عورته وغيرها من البدع التي ما انزل الله بها من سلطان ، فكانوا متفردين بآرائهم متطرفين في سلوكهم وهذا ماجعلهم داخل دائرة مغلقة لا يدخل اليهم الا من تتناغم ارآئه وافكاره مع ارائهم وافكارهم ، واصدرت القاعدة فتوى بقتل الشيعة الروافض كما تطلق عليهم والى قتل السنة ايضا من الذين لايدينون بالولاء للقاعدة ولأمارة اسامة بن لادن وجميع من يوجد في الشارع تحت نظرية التروس البشرية التي اجازها عبد الله عزام وغيرها من التفاصيل التي تصب في مجملها على ان كل من لم ينتم الى القاعدة فهم كافر ووجب قتله ، واصبحت الفلوجة معقلا للزرقاوي وللخارجين عن القانون وللقاعدة والتكفيرين الذين توفرت لهم الارضية المناسبة والمكان الاعوان في الداخل وقطفوا ما زرعته ايديهم خلال السنوات الماضية ايام عهد الحزب الكافر والعهد المباد في زمن حكم الطاغية المقبور والتي منها انطلقت على مستوى العراق جميعا دون التفريق بين منطقة واخرى على الرغم من ان ابناء السنة هم الاكثر ضررا من وجودها كونها حاولت تأسيس امارتها على الجماجم والرؤس .
وهناك امارة اخرى نشأت في بغداد يقودها رجل يحمل نفس الصفات التي يتوارثها القتلة مثل ابن لادن والزرقاوي وغيرهم من ثلة المجرمين والتي تتخذ من مدينة الصدر فلوجة اخرى للقتل والذبح ، وكان نصيب ابناء جلدتها نصيب كبير من سكاكينهم الحادة المسمومة ، والصورة ذاتها رسمت في قوانين ميليشيا جيش المهدي التي قامت بقتل المواطنين الابرياء العزل في الشوارع والاسواق بل انها في بعض الاحيان وبعد اي انفجارتقوم بملىء الحفرة التي خلفها الانفجار بالبشر دون التفريق بين صغير وكبير وامراة وشيخ ووتباشر بقتلهم ،ولدى جيش المهدي خلف السدة مقابر جماعية ، وهم يمتلكون تشريعات خاصة من رجال دين اجازوا لهم قتل الشخص الذي يخالفهم الرأيفب الفكر والاهداف والعقيدة ، ولم تحتلف هذه القواعد المنحرفة والسلوكيات الضالة كثيرا عن القاعدة ولم تبتعد عنها بل تقربت اليها في العديد من الجوانب ، والجماعات المسلحة لم تسمح بفرصة للنقاش رغم دعوتها اليه لأنها تريد ان تتكلم فقط وتعتقد انها صائبة على الدوام ويجب على الآخرين اطاعتها ، ولم تسمح بالحوار او سماع الرأي الآخر كونهم الوحيدون الذين يمتلكون الشرعية فقط – حسب رايهم – دون غيرهم والآخرون على خطأ وانهم يمثلون الخط الناطق والمقاتل ، وهذا ما اجاز لهم اقامة القصاص على اي شخص مهما كان انتماؤه ولديهم محاكم شرعية شبيهة بمحاكم القاعدة وبياناتها التي تتلى بعد تنفيذ عمليات القتل ، وهذه القرارات التي اصدرتها المحكمة مطبقة في اغلب المحافظات وليس في مكان دون غيره لتعمم شرعية الافتاء بجواز القتل على الجميع واستخدمها الكل في تنفيذ غاباتهم ومآربهم ،ولايمكن تصور الوضع والتقارب في تنفيذ الجرائم الا بأن القاعدة ذاتها عادت وارتدت اللباس الاسود وقتلت الناس تحت راية كتب عليها اسم الامام المهدي .
https://telegram.me/buratha