المقالات

جيش المهدي والقاعدة توأم الإرهاب (الحلقة الأولى)

1701 04:22:00 2008-04-29

( بقلم : د. خلود عدنان )

لا احد ينكر ان الدفاع عن العراق حق للجميع من دون استثناء وواجب أخلاقي وسماوي ولكن ان يكون عنوان الدفاع والقتال ضد أعدائه ذريعة وحجه لقتل الناس فهذا ما يرفضه الجميع ولم يقل به احد وكذلك استخدام الشعار الديني للأغراض والمصالح الخاصة فهذا تجاوز على الدين وتجاوز على المعتقدات السماوية كونه سيشوه صورة الدين كرسالة سمحاء لا تدعو الى العنف بل الى التسامح واللين والرفق وتحويلها الى رسالة دموية تحترف القتل وتدعو الى قطع تدفق مياه الحياة ، وهذه الصورة التي تحتفظ بها الذاكرة العربية والمسلمة للنضال ضد الاحتلال وما أقدم عليه الأجداد وسطروا فيه ابرز وأروع الملاحم على مر التاريخ وكانت عزيمتهم وشجاعتهم السبب المباشر في طرد الاحتلال واستقلال البلاد العربية وتخليصها من هيمنة قوى الشر عليها،وهي ميزة ليست للعرب فقط وإنما لكل شجعان العالم الذين لم يرضخوا او يذلوا بل كان لصمودهم ووقفتهم البطولية الأثر الكبير في تحرير بلادهم ، والاحتلال يأتي بعناوين مختلفة منها احتلال عسكري واحتلال اقتصادي واحتلال فكري واحتلال اجتماعي ، ولن يكون الاحتلال متمكنا من السيطرة على البلدان ما لم تتوفر له الأرضية الملائمة لتأسيس وبناء قاعدته طويلا التي حارب من اجلها وخسر كثيرا من الأرواح والمعدات ، وما لم تكن له أيادي مساعدة من الداخل من التي تبيع ضميرها وشرفها ووطنيتها من اجل حفنة من المال ، فزمن الاحتلال والسيطرة العسكرية انتهى منذ عقود من الزمن وجاء الدور الآن الى الاحتلال والاستعمار بالاقتصاد وهو موجة الصراع الحديث فيكفي ان تحارب أقوى الدول اقتصاديا حتى ترضخ طائعة وتستسلم بسهولة لأنه إنهاك بطيء وموت يومي وفيه طرق متعددة فضلا عن الاحتلال بالإعلام من خلال ما يتوفر للدول الكبرى من إمكانية السيطرة على الرأي العام وعلى الشارع وزج الإشاعة التي تسري سريان النار في الهشيم ، وتغيير الفكر وعولمته وإدخال عناصر الانحلال وبث الأفكار التي تريدها لتغذي الشعب بها حتى ينهار من دون مقاومة والأمثلة على هذا المنوال كثيرة وعديدة .

كما أسلفنا ان احتلال دولة ما لدولة أخرى يحتاج الى عوامل مساعدة إضافية ومن هذه العوامل توفر النصير المحلي والعنصر المؤثر في المجتمع والاتفاق معه إما بشكل مباشر او الدفع له لاتخاذ قرار او تصرف يصب في مصلحتها ، والواقع العراقي واقع متشابك وواقع صعب وعملية وجود القوى الأجنبية على أرضه تثير له حساسية وتدفع به الى النظر نحو استخدام طرق أخرى ، وقوات التحالف أعلنت العراق بلدا محتلا في بداية سقوط نظام صدام حسين المقبور ولم تستمر بهذا الرأي بل غيرته الى الدعم الكامل للحكومة المنتخبة من قبل الشعب لأنه صاحب القرار الأول والأخير في قول كلمته حول الموضوع وليس جهة معينة او أشخاص معينين ، ويبدو ان في العراق الآن نظرة مازالت قاصرة لهذا الموضوع كونها تنبع من خشية استمرار هذا الوجود الذي لا يرتضيه أي عراقي مهما كان انتماؤه سوى المتخاذلين والمدسوسين ولا يمكن ان توافق عليه أي حكومة تريد ان تكون شرعية وتحترم ثقة الشعب بها ، فكيف يمكن لها ان تمارس مهامها تحت عنوان الاحتلال ؟

،إذاً ان مسألة بقاء القوات العسكرية الأجنبية او عدمها هي مسألة بيد الدولة وهي التي تقرر ذلك وبيد مجلس النواب الذي يمثل جميع أطياف الشعب ، وساهمت هذه القوات في القضاء على زمر الإرهاب وأهلت القوات العسكرية العراقية لكي تأخذ زمام المبادرة في أكثر من محافظة وتسلمت القوات العراقية الأمن في عدد من المحافظات والتي شهدت وجودا عسكريا عراقيا وحتى الأحداث الأخيرة في البصرة والناصرية لم تتدخل القوات الأجنبية كون مشاركتها مشروطة بطلب المساعدة والقوات الأمنية العراقية قادرة على امتلاك زمام الأمور والسيطرة على اشد المواقف صعوبة .

لا نريد هنا ان نجمل دور هذه القوات بقدر ما نريد إيضاح نقطة مهمة هي أنها صارت الشماعة التي يعلق عليها الصدريون قتالهم مع الجيش العراقي لأنهم كما زعموا يمنعونهم من الوصول اليها ، وبقاء القوات مرهون بعملية استتباب الأمن في البلاد وهذا ما لا يريده الأمريكيون لتوفير حجة البقاء في العراق اطول مدة ممكنة من خلال القضاء على الإرهاب وبسط الأمن والسلام والحرية والديمقراطية والشعارات التي يروجون لها ، وهذا ما يشير الى العلاقة الواضحة بين التيار الصدري وأمريكا ومقدار المصالح المشتركة بين الطرفين فقد بنى التيار الصدري قاعدته العسكرية بعد سقوط النظام في وقت لم تسمح قوات التحالف بحمل السلاح من أي جهة ، وكانت تسيطر على جميع أرجاء البلاد وإتاحة ما يتوفر لها من دعم دولي وإقليمي ومحلي للقضاء على الجماعات المسلحة بحجة إنها جيوب قتالية بقيت من البعث ومن فدائي صدام المقبور ومن اجهزته الاستخباراتية والأمنية والحرس الخاص وجيش القدس وغيرها وتستطيع الترويج لهذه المسألة من خلال قنواتها وهي تمتلك أدلة دامغة لضلوع هذه الجهات الإجرامية والمشبوهة في التخريب والقتل ولا احد يرد عليها لأنها أمور واقعية وحقائق لا يمكن إنكارها وأدلة لا يمكن دحضها او تتذرع بحجج أخرى للقضاء عليهم ، ولكنها سمحت له بإقامة قاعدته الجماهيرية واستعراضاته المسلحة في كل المحافظات متباهيا بقوته أمام مرأى ومسمع تلك القوات ولم تقدم على أي فعل لوقف هذا التحرك لأن تلك الميليشيا والجماعات المسلحة عقدت اتفاقات سرية مع القوات الأجنبية بعدم التعرض لها ، وكانت الطائرات الأمريكية تحوم في الجو وقواتها البرية تسير بحرية في كل مدن العراق ، وجيش المهدي في بداية تأسيسه كان غير منظم ومرتبك وعشوائي ولا توجد لديه قيادات متكاملة ولا خطط او أسلحة متطورة فضلا عن العقيدة المهزوزة لأن الانتماء لم يكن انتماءً وطنيا من اجل العراق او المذهب بل كان لغايات معروفة وإعمال إجرامية مشبوهة وكانت تستطيع الإجهاز عليه منذ اللحظة الأولى والتي فهم منها ان أمريكا لا ترغب ان تفتح أكثر من جبهة للقتال وهي عاجزة عن ذلك وهي التي قاتلت جيش المقبور صدام على طول العراق وهو مزود بالأسلحة المتطورة من الدبابات والمدافع والصواريخ ولديه قاعدة شعبية من البعثيين وجيش القدس والأجهزة الأمنية والقمعية وهذا يؤدي بالنتيجة الى ترجيح الرأي القائل ان أمريكا هي التي أوحت الى القاعدة بضرب برج التجارة العالمي لتعلن حربها على الإرهاب وتفتح أمامها أبواب العالم كاملة وجيش المهدي وفر لهم شرعية البقاء من خلال استمرار الأزمات والقتال وهذا رابط أولي للعلاقة المتينة بين القاعدة وجيش المهدي .

كذلك لم تكن العمليات الأمريكية مع جيش المهدي في المدة التي تعرضت لها الى الضرب بعد ان أعلن مساندته للقاعدة في عمليات قوية وضربات موجعة حتى ان قادته يتحركون بحرية ولم يعتقل أي شخص منهم على الرغم من الاتهامات الموجهة اليهم بالتحريض على الإرهاب او بالقتل بل ان اوس الخفاجي الذي القي القبض عليه في مطار البصرة سرعان ما أفرج عنه، فهل هناك مجال للشك ان الادعاء بخروج المحتل لم يكن الا شعارًا فقط من دون تطبيق فعلي على ارض الواقع ؟ مع الإشارة الى التعاون بين الطرفين في عدد من القضايا ومنها عدم اعتقال او قتل مقتدى، فهل هي عاجزة عن ذلك ودباباتها على بعد أمتار من مقره في النجف وهو يقاتل مع جيش المهدي ضد الحرس الوطني والقوات الأمريكية داخل ضريح الإمام علي (ع)، وحتى بعد خروجه والتي أعلنت لأكثر من مرة انه مطلوب لديها ، ومن جهة أخرى ان مقتدى وقياديي جيش المهدي لم يتعرضوا مطلقا لأي عملية من عمليات القاعدة الإرهابية ولم يصب أي احد منهم بأذى بينما اقدمت على اغتيال محمد باقر الحكيم في النجف وفي باب مرقد الإمام علي(ع)،

 وكما اشرنا الى ان القاعدة التي أعلنت انها تحارب الشيعة الروافض قامت بهدم مراقد الأئمة والأولياء والسادة في اكثر من محافظة فضلا عن الحسينيات والجوامع الشيعية وفي الوقت نفسه لم تتعرض أي حسينية او جامع تابع لجيش المهدي للتفجير او الى هجمات منذ سقوط صدام وهي المدة التي بدأ نشاط القاعدة في العراق بالنمو وصولا الى تفجيرات سامراء النقلة النوعية والمنعطف الكبير في الاضطراب الطائفي في العراق ،يجب ان تكون هناك اتفاقات سرية او رد للجميل بعد ان اعلن مقتدى وبصراحة انه يدعم مقاتلي الفلوجة ويدعم القاعدة التي كانت تقاتل هناك وبالمقابل ارسلت هي مقاتليها للأشتراك مع جيش المهدي في معركة النجف، فكان الاستثناء من التفجيرات دليلا على التعاون بين الطرفين .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
مريم العراقية
2008-04-30
هذا ما كنت افكر فيه انا ايضا واحلل توقف الهجمات الارهابية من القاعدة عند نشاط مايسمى بجيش المهدي (براء منه)وطبعا العكس صحيح
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك