المقالات

مرونة المالكي و تعنت الصدريين ..حين تستحكم العقدة

1349 20:56:00 2008-04-27

( بقلم : عواد عباس الموسوي )

اظهر الأستاذ نوري المالكي مرونة واضحة حين اشترط شروطه الأربعة على المليشيات المسلحة بما فيها جيش المهدي . وهي شروط بمجملها تعبر عن مطلب عراقي للشعب و الجهات السياسية للوصول بالبلد إلى حالة دائمة من الاستقرار و بعيدا عن الحلول الترقيعية التي سرعان ما تفتقها الميلشيات المسلحة برصاصها و قتلها العبثي للناس . و ما نقرؤه من كلام المالكي و دفعنها لحمل الانطباع السابق عنه هو أنه لم يتطرق إلى شرط حل جيش المهدي من قبل القيادة الصدرية التي شكلته و ترك ذلك ليتبلور بشكل جماعي و بما يمثل حالة اتفاق وطني على برنامج يتم من خلاله العمل بالقانون و تشريع ما يلزم لمعالجة بعض الجزئيات . لهذا اكتفى رئيس الوزراء بضرورة تسليم الأسلحة الثقيلة و الخفيفة و عدم التدخل بعمل الأجهزة الأمنية و تركها تعمل بحرية لفرض الأمن و الأمان في أية منطقة فلا توجد محميات مليشياوية و لا حزبية في أية بقعة على أرض العراق و تسليم قوائم بالمطلوبين الذين بالأصل تدعي بعض الجهات و تحديدا التيار الصدري أنهم ليسوا منه . ولكن قوبل ذلك برفض مطلق من قبل التيار الصدري الذي بدا واضحا مقدار إصراره على أن يبقى عامل زعزعة للأوضاع و انه يأبى الرضوخ لمنطق العقل في ألا وجود لدولة بجيشين و لا سلطة في موازاة سلطة أخرى . و جاء رد البعض منهم بعد ساعات من إعلان شروط السيد المالكي بما يفيد الآتي في أفضل الأحوال : إن أردت مسدسا خذ مسدسا و إن أردت مدفعا خذ مسدسا . فالتنازل عن السلاح الثقيل من صواريخ و هاونات و مدافع و قذائف متنوعة و ألغام و عبوات ناسفة أمر غير وارد ، لأنه يعني التنازل عن السبيل الوحيد لفرض السطوة و قمع المواطنين و تخويفهم و بدون القذيفة لا تابع لما يعرف بالتيار و من غير عبوة ناسفة لا مجال لاحترام قسري لهم من قبل الناس لا سيما في المناطق المبتلاة بشرورهم . وهكذا ينكشف يوما بعد يوم ما عليه التيار الصدري من ضعف و أن ادعاء التأييد الشعبي له مجرد كلام لا واقع له فمهما بلغ أتباع مقتدى الصدر من عدد و حشد فإن من يضيق ذرعا بهم و يحقد عليهم بسبب ما تسببوا به من كوارث و نكبات للعوائل العراقية يبقى أكثر بكثير من حشود المراهقين و الشقاوات و الصبية المغرر بهم .

إننا نجزم بأن تخلي الصدر و أتباعه عن السلاح أمر لن يأتي طوعا منهم لكونهم يؤمنون بأن لغة السلاح هي لغة التفاهم الوحيدة التي يعرفونها و أن الصدريين سيفقدون في حال التخلي عنه أهم أسباب القوة لكونهم ابعد من أن يراهنوا على تأييد الجماهير لهم . هنا تبدو الحجة في مقاومة الاحتلال هي الشيء الوحيد الذي يجب التأكيد عليه .

ففي اجتماع خاص اقتصر على بعض العناصر القيادية عقد مؤخرا في مدينة الناصرية و اخبرنا ببعض تفاصيله احد المشايخ الذين حضروه و كان حازم الأعرجي احد ابرز القيادات التي حضرته أكد هذا الأخير على استحالة تسليم الأسلحة إلى الحكومة العراقية أو أية حكومة أخرى قادمة ، و أن أبناء الخط الصدري يتوجب عليهم البقاء مسلحين خوفا من اندثار التيار و تهميشه . و أكد أيضا على أن المراهنة على الانتخابات و تصويت الناس مراهنة خاسرة فالشعب العراقي ما زال على حد قوله يعاني من " حالة تخلف " و " عدم وعي " و في أية انتخابات يمكن لبيان يصدر من هذا الأعجمي و يقصد به السيد السيستاني أن يدفع الناس لاختيار الأحزاب الأخرى المعادية للحوزة الناطقة و خط الولي المقدس .. !

بالطبع ليس ثمة ما يدعو للاستغراب و أنا أنصت إلى ذلك الشيخ الصدري الذي حاول بشتى السبل و الحجج الواهية بأن يقنعني أن خيارة إبقاء السلاح ليس إلا لحفظ مصالح الشعب العراقي مستقبلا و طبعا ما يقصده بالشعب العراقي هو أتباع الخط الصدري بل أخص من ذلك فالشعب العراقي الشريف هو أتباع السيد القائد مقتدى الصدر ! هكذا يتم اختزال " الشعب العراقي " و جعله مرادفا للسيد القائد تماما كما كان القائد صدام حسين الذي يرى نفسه العراق و العراق هو لا غير ، و الناس عراقيون بقدر ما يكونون موالين له و عشاق مخلصين في بلاط دكتاتوريته ..

و مما قاله لنا ذلك الأخ في معرض تبريره لحيازة السلاح و عدم تسليمه و الذي جعله من المستحيلات الأربعة إننا إذا سلمنا السلاح فكيف يمكن أن يسمعنا الآخرون ؟ .. و لعمري فهو منطق كل الدكتاتوريات عبر التاريخ التي لا ترى أن ثمة من يطيعها و يتبعها إلا بالقوة و الإرهاب . وحين أجبته بأن ثمة عملية سياسية و ديمقراطية مفتوحة جدا ولله الحمد حتى ليؤاخذ الكثير عليها أنها بحاجة إلى تنظيم و تقنين كونها تحمل في بعض جوانبها سمات الفوضى قال إن الديمقراطية أكذوبة أمريكية و لا يمكن أن نراهن على أكذوبة ..

كلام اجزم أن العديد من العراقيين يسمعونه من أتباع مقتدى الصدر حين تتوفر لهم ظروف معينة و إن عزّت للدخول في نقاش مع بعض تلك العقول الجاهلة و المغلقة و التي لا تريد أن تتفهم الوضع الجديد و لا تسعى إلى الانعتاق من ربقة عقد الماضي و ثقافته البعثية . كلام تحار مع صاحبه كيف يسعك أن تعرّف المعرّفات و توضح الواضحات و أنى لك أن تشرح مفاهيم يعرفها أكثر الناس جهلا في عالم اليوم .. و لكن يبدو أن قدرنا قد قضى علينا أن نعاشر و نعايش نماذج كهذه و عقولا و نفوسا اقل ما يقال عنها أنها تعاني من أمراض مستعصية لا نرى بارقة أمل و للأسف لمعالجتها و الخلاص من شرورها .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
حميد عبد الحميد
2008-04-28
الامة التي لا... يولى عليها شرارها ،فالنتوب الى الله سبحانه وتعالى ونكفر عن ما اقترفناه نحن وحتى جيل ابائنا على الاقل ونشمر عن سواعدنا ونحافظ على هذا الفتح الذي تحقق لنا كامتحان على قياس تفاعلنا معه بحكمة وعقل فالاخيار والعقلاء كثيرون مهما شاهدت من اعداد للسفهاء والجهلاء الذي قد يهتدون بهدي الله والمخلصون من عباده وليس ذلك على الله ببعيد .
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك