( بقلم : كمال ناجي )
بعد خطابات التهديد و الوعيد بحرب مفتوحة و طاحونة موت جديدة جاء خطاب جديد لمقتدى الصدر يدعو إلى التهدئة و يحاول التنصل من تهديداته السابقة التي وجهها بشكل واضح و مباشر للجيش و الشرطة العراقيين بحجة أنه لا يقاتلهما بل يقاتل المليشيات المندسة فيهما وهذا ما صرح به علنا و لم يخف على مسامع أحد ، و في بيانه الجديد ادعى الصدر أن تهديداته السابقة لم تكن موجهة للحكومة بل للقوات الأمريكية ! و على أية حال فمن الواضح أن لعبة مقتدى الصبيانية سوف تستمر و بنفس الوتيرة فتارة يهدد و أخرى يعود ليهدئ و مرة يتوعد ثم يقفل راجعا بالوعود التي ينثرها في منابره ، و هكذا من تهدئة إلى تأجيج و من تأجيج إلى تهدئة و من وعد إلى وعيد و من وعيد إلى وعد .. و في كل هذا يتضح ما لمقتدى و لما يسمى بالتيار الذي يقوده هذا الشاب النزق من مراهقة و تخبط و أخذ الأمور و كأنها لعبة يمارسها الأطفال في الأزقة دون الشعور بشيء من الإحراج و الإحساس بما يمارسه من حماقة و لعب بأعصاب المواطنين و أن الأمر يتعلق بسيل من الدماء تجري هنا و هناك قد تسبب بها هو و مليشياته عن عمد وقصد ، هذه السياسة الطفولية تعكس إلى أي مدى يفتقد الصدريون و قائدهم مقتدى إلى أدنى مقومات العمل السياسي و الوعي اللازم ليكونوا سياسيين و قادة أما القضية من منظورها الشرعي فهذا ما لا حاجة للحديث عنه فمقتدى الصدر لم يعد يهمه شيء سوى المكاسب و المصالح الدنيوية التي آخذ مرة عليها الآخرين في بيانه الذي أعلن فيه أنه ينصرف إلى الدراسة و العبادة و صوّر نفسه قدسيا ربانيا غير أن شيطانه السياسي كما يبدو قد قهره بسهولة و أثبت حضوره بقوة ليعيده ثانية ويلوي عنقه ليا ..
لا اعتراض على خطاب مرن يدعو إلى التهدئة و وقف استباحة الدم العراقي لولا يقيننا الثابت بأنها محض مناورات سمجة و مفضوحة و الهدف هو لملمة شراذم مليشياته كلما شعر بأنها على وشك فقدان توازنها و السقوط لهيكلها المتهاوي و المصطنع . إن المعضلة الحقيقية هو ألا مصداقية لكل ما يقوله مقتدى و أتباعه ، هذا ما أثبتته التجارب خلال السنوات القليلة الماضية . و في خطابات التهدئة يحاول مقتدى أن يحرك عاطفة بعض الجهات و يدفعهم إلى المرونة معه عسى أن يفتحوا قنوات الاتصال لعقد المساومات و الصفقات التي تنقذ عصاباته الملطخة أياديها بدماء العديد من الأبرياء . و أن يكسب الوقت لحشد قوته و ترتيب أوضاعها فإذا ما شعر بأنه قد تجاوز بعض ما لحقها من ضعف و خور و كسب ود بعض المتخاذلين و الخائفين من سطوة مليشياته هب في خطاب جديد ليتوعد و يؤجج و يوجه الإنذارات الأخيرة للحكومة و للحكومة تحديدا كما ورد في بيانه السابق الذي حاول نقضه ببيانه الجديد و التنصل منه مدعيا أن الحرب المفتوحة مع الأمريكان لا الحكومة بعد أن وجد موقف الحكومة صلبا و أنها عقدت العزم على مواجهة عصاباته المجرمة .
يأمل البعض من الأخوة أن يكون لهذا الخطاب الجديد أثر في تهدئة الأوضاع و منح الحكومة فرصة فرض القانون و ألا سلطة تعلو سلطة الدولة ، و لكنه مجرد تفاؤل في غير ملحه و سنرى أنه مجرد كلام سيمحى بكلام قادم و بيان آتٍ . و في نفس هذا البيان الأخير لا يترك في الواقع مجالا للمتأمل في أن ثمة حلا من شأنه وضع نهاية مريحة و يعيد الأمور لنصابها الطبيعي بحيث يفرض القانون سلطانه و هيبته بل أنه يصر على ذات النهج القديم والقائم على ضرورة البحث الدائب و المستمر عن حجة توفر شرعية وجوده المليشياوي عن طريق الشعار المعهود " مقاومة المحتل " و لكي يمنح مقتدى الصدر شيئا من مصداقية كلامه في مواجهة القوات التي يصفها بالمحتلة دعا أتباعه إلى ضربها بعيدا عن المدن و المناطق السكنية وهو أمر لم تفعله مليشياته أبدا و لن تفعله فهم أجبن من أن يذهبوا لمواجهة القوات الأمريكية خارج المدن . كيف و الجميع يرى كيف يلوذ عناصر مليشياته بالهرب ما أن تأتي همر واحدة عراقية كانت أو أمريكية و كيف نتصور أنهم سيواجهون القوات الأمريكية خارج المدن و طريقتهم الوحيدة هي وضع الأبرياء دروعا واقية لهم ! إن مقتدى يعلم ذلك عن أتباعه حق العلم و لهذا فهو مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي و لن يكون له معنى و سوف يتم نقضه و الاستمرار بضرب القوات الأمنية من بين المنازل السكنية و الأزقة بحجة أن الحكومة عميلة للمحتل و أن قواتها لا تسمح لمليشياته بأن تذهب براحة و هي تحتسي الببسي كولا إلى أن تصل القواعد الأمريكية و تشتبك معها هناك ..
https://telegram.me/buratha