المقالات

لماذا حرّم شهيد المحراب استهداف البنى التحتية في العراق ؟

1304 16:25:00 2008-04-24

( بقلم : كريم النوري )

لا شك ان قرار المواجهة المسلحة في الصراع مع النظام البائد لم يكن خياراً طوعياً واختيارياً لقوات بدر وهو خيار صعب وخطير ندرك ضريبته على مجمل اوضاعنا وسلامة اهلنا وذوينا وهو نظام لا يتعامل مع معارضيه الا بالابادة الشاملة والتصفية الفورية ولن يتسامح مع من يقف معه سياسياً او ينتقده همساً او يلمح باخطائه فضلاً عن استخدام السلاح ضده.

على الرغم من ان الخيار المسلح في المواجهة العنيدة مع نظام المقبور كان خياراً صعباً وخطيراً الا انه كان خياراً وحيداً بعد غياب كل الخيارات المفترضة في المواجهة وإنحسار كل الخيارات وحرقها من قبل النظام البائد فكان خيارنا وقرارنا استجابة فورية لنداء الشهيد الخالد السيد محمد باقر الصدر(قدس) الذي أصدره قبيل إستشهاده وتصميمه على الشهادة.

نظام صدام المقبور لا يعرف تصعيد المراحل في مواجهة معارضيه ومناهضيه ولا يتدرج بالخطوات التصعيدية في هذه المواجهة فهو لا يفقه الخطوات السائدة في مواجهة الازمات او التجمعات المعادية التي تلجأ اليها الحكومات في العالم كمكبرات الصوت واستخدام خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين او استخدام الهروات واطلاق القنابل المطاطية او المسيلة للدموع او اطلاق الرصاص في الهواء لاخافة المعارضين كخطوة اخيرة،بينما صدام المقبور يبدأ من حيث تنتهي به هذه الحكومات فيحرق المراحل ويكون الخيار الاخير في ادارة الازمات هو الخيار الاول.ان وجود تشكيل مسلح في مواجهة نظام بوليسي وقمعي كنظام الطاغية يحتاج الى خصائص إستثنائية وغطاء سياسي وشرعي لابراء ذمة المجاهدين وشرعية العمل المسلح لما يتطلبه من إراقة دماء وانتهاك حرمات.

وعلى الرغم من ان هذا العمل يدخل ضمن اطار الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن تفاصيله وتعقيداته تحتاج الى إشراف فقهي لتحديد المواقف العامة والخطوط العريضة.ومن هنا فان اشراف ورعاية اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم(قدس) على تشكيل بدر اضفى عليه الشرعية من جهة والغطاء السياسي من جهة ثانية وكانت مسيرة بدر الجهادية تحت مرأى ونظر شهيد المحراب وبقية علماء الدين الذين والفقهاء من جامعي الشرائط الذين كانوا يعنون لبدر اهمية خاصة ويعلنوا تأييدهم للمجاهدين من خلال تصريحاتهم ومواقفهم.ان الغطاء الشرعي والسياسي هو ما يميز البدريين المتمثل بالفقيه الكبير آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم الذي حرص على ان يكون لبدر منهج عقائدي وسياسي وثقافي فضلا عن المنهج التدريبي والاعداد العسكري.

كانت تأكيدات شهيد المحراب على اهمية الحفاظ على روح الانتفاضة الشعبانية متوقدة في نفوس العراقيين والحفاظ على بدر منهجاً وتشكيلاً من اجل العراق. والجدير بالتذكير ان منهج شهيد المحراب السياسي ومشروعه لانقاذ العراق كان ينأى بعيداً عن المنهج الميكافيلي (الغاية تبرر الوسيلة) فالوسائل بنظر شهيد المحراب لا تنفك عن الغايات نزاهة وشرعية لاننا اصحاب مبادئ وقيم لا نسعى الى الاهداف الدنيوية بمعزل عن قيم السماء واخلاقية الشريعة ومفاهيمها.لا يهمنا تحريك مسار الشارع خارج عن اطار الشريعة ونتحرك وسط الامة من اجل التغيير ولا نجاري او نداري الاخرين على اخطائهم بل نصحح المسارات ونرمم الواقع ونوجه الافكار بالاتجاه الاسلامي الاصيل.وكانت الاهداف العسكرية للمعارضة التي يتبناها فيلق بدر لا تشذ عن الاطار الشرعي والاخلاقي ولو اصطدمت هذه الاهداف بمحاذير الشريعة فاننا نتراجع عنها بتقدير تشخيص المصالح والمفاسد ومعرفة الاولويات وتقديم الاهم على المهم.

ولابد من الاشارة العابرة الى مصاديق واقعية لهذه الحقيقة فقد حرم شهيد المحراب استهداف البنى التحتية وتدمير المنشآت الحيوية في العراق في العهد البائد، وشدد على هذه الحرمة مع ان ثمة آراء كانت تشير الى ان ضرب هذه المنشآت قد تضعف قدرة الحكومة الصدامية البائدة لكن رؤية شهيد المحراب الاستشرافية والواقعية لهذه المواقف كانت ناظرة الى كل زوايا الحدث المنظورة وغير المنظورة والمتوقعة والواقعة.

وهذا التحريم لضرب البنى التحتية التي كانت واقعة تحت مرمى ونظر المجاهدين كان نابعاً عن مصالح بعضها بعيدة المدى وعلى الرغم من ان شهيد المحراب كان يرى ان هذه المنشآت هي ممتلكات الشعب العراقي وضربها يلحق اضراراً بالشعب اكثر من السلطة الا انه كان يرى من زوايا اخرى ان هذه المنهج التدميري قد يشوه سمعة المجاهدين ويعطي المسوغات لأعدائهم للطعن بهم وقد تكون الضريبة باهظة اكبر من ارباح الحاق التدمير ببنى الحكومة البائدة.

قد يقال ان الجهاز الامني الصدامي كان مطوقاً كل البنى التحتية ولن يسمح باختراقها او ضربها لكن الحقائق على الارض وظروف بعض المنشآت يفند هذا القول وكانت محطات جزر مجنون واقعة تحت مطرقة المجاهدين وغيرها وليس استهدافها امراً صعباً.

والامر الاخر الجدير بالذكر هو ان السيد الحكيم كان يرفض الفتاوى الاخرى التي تجيز تسميم اواني وقدور الجيش العراقي السابق فقد وقع بيده الشريفة كراس لمجاهدي الداخل لاحد الفقهاء يجيز تسميم قدور واواني الجيش العراقي اذا لم يضر ذلك بالابرياء فكان رد شهيد المحراب رافضاً ذلك بشدة، معتبراً ان هذا العمل خارج عن اخلاقية الاسلاميين وخرقاً للقانون الدولي الذي يدركه شهيد المحراب ويجعله عاملاً مهماً في عملية استنباط الحكم الشرعي واعتبار الزمان والمكان والالمام بالواقع جزءاً من عملية الاستنباط.وهذا الموقف المبدئي لشهيد المحراب يعيد للاذهان الموقف الانساني الرائع لامير المؤمنين (ع) في واقعة صفين عندما سيطر جنده على مشرعة الماء وارادوا منع جنود معاوية من شرب الماء كوسيلة للتأثير النفسي والمادي على خصومهم لكن امير المؤمنين(ع) رفض ذلك بشدة وامر بفسح المجال امام جنود معاوية للاستفادة من هذه المشرعة تاركاً حسم الموقف للميدان والمواجهة الفعلية على الرغم من ان جنود معاوية قد منعوا انصار امير المؤمنين (ع) من ورود الماء عندما سبقوهم عليه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
زاير
2008-04-25
يبويه الف رحمه أعله ذيج الروح الطيبة ياشهيد المحراب والله يبويه البيه حظ هذاك اوياه متروس حظ بس ياحيف وكته موش هساه كطع بينه ابو صادق ظلينه وياهل حواسم الماتخاف الله وعباده بس روحك يبو صادق ويانه انته وي اجدادك وندري روحك اترفرف اعل المظلومين بس انريدك تدعي الهل البلد واهله بالاستقرار والامان اوهنيئا الك الشهادة ردتهه شهادة فريدة من نوعهه اورب العالمين استجابلك نسأل الله ان يلحقنا بيك ومجاروتك بالجنان امين رب العالمين
ابو علي
2008-04-25
شهيد المحراب قدس سره الشريف يحاول ويجتهد في ان تكون كل التحركات الجهادية ضمن اطار الفقه الاصيل ..وياليت الناس بمختلف اصنافهم تحتذي بتلك المبادئ والمواقف التي كان يرسخها منهجا لطالبي الحق .. من الممكن ان يسلك الفرد والجماعة سلوك معاوية ويحصل على مايريد ولكن ذلك مرفوض ضمن فقه ال محمد صلوات الله عليهم بل ان يسلك الفرد والجماعة سلوكا اقل خطرا من سلوك معاوية هو مرفوض ايضا .. نشكركم على هذا الموضوع الهادف
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك