( بقلم : حامد جعفر )
من الثابت عن رونالد ريغن أنه كان يستعين بالمنجمين في ادارة حكمه في أمريكا, فلا يتخذ قرارا صغيرا أو كبيرا حتى يقرأوا له الطالع. و كثير من الملوك و السلاطين في التاريخ كانوا يلجأون الى المنجمين , ومنهم أبو جعفرالمنصور باني بغداد. ان دل هذا على شيْ فانما يدل على ضعف ايمانهم بربهم وقلقهم.. لقد علمتنا تجارب الحياة أن المنجمين , وبعضهم لا شك في موهبته و عبقريته, يصيب هنا و يخطيْ هناك, وكثير منهم يعرف كيف يضرب على الوتر الحساس في القلوب المضطربة.
لقد اعتاد العراقيون في الثمانينات على اللجوء الى السحرة والعرافين, لكثرة مشاكلهم العويصة وتوالى المصائب عليهم. فهذه أم أخبرها البعثيون أن ابنها فقد في احدى المعارك اليعربية مع ايران, تذهب الى قاريْ الطالع ليتصل بالجن المسخرين له لتعرف هل هو أسير فتطمئن أم أصبح أشلاء تتعشى عليها الضباع و تتغدى عليها النسور في براري الحدود.؟؟ وهذا أب اعتقل البعثيون ابنه العزيز فبحث عنه في كل المعتقلات المعروفة و دفع كل ما يملك من مال رشوة لهذا الرفيق أو ذاك الشرطي, ورغم ذلك لم يسمع أي خبر عنه, فيذهب الى عراف أو عرافة تنفيسا عن حيرته ويأسه لمعرفة مصير ولده هل أعدم أم ما يزال يقبع معذبا خلف القضبان.؟
ووصل الامر في تلك الايام العفلقية السوداء بكبار الاعلاميين و الفنانين الى اللجوء الى العرافين بعد أن يقلب عليهم الحكم البعثي ظهر المجن, بعد أن يستهلكهم في الدعاية له والتطبيل والتزمير لبطل التحرير القطني وكم هو جميل ومقدام ويجيد ركوب الخيل المتمردة وانه من نسل الانبياء ووجهه الزاهي أو التايد.. وما الى ذلك.
وعلي سبيل المثال , فقد ذهب الملحن العراقي المشهور جعفر الخفاف الى عراف معروف ببراعته, ليرى سبب تخلي الاعلام البعثي عنه والقائه في سلة المهملات, وبذلك انقطعت عنه الجوائز والهبات من سيارات السوبر والبرازيلي.. يقال أن العراف أشعل نارا ذات لهب وحط عليها قدرا فيه ماء كثير وهو يتمتم بكلام غريب و من حوله يتصاعد البخور و جعفر الخفاف جالس بقربه مبهورا تكاد تنقطع أنفاسه. ولما أخذ الماء بالغليان وارتفع بخاره الكثيف, سقطت فيه بشكل مفاجيء كتلة قذرة من الشعر الاّدمي والمسامير والابر الصدأة. عندها صاح العراف: ابشر, لقد خلصتك من السحرالذي صنعه لك حسادك ليقطعوا رزقك ويبعدوا النظر عنك, وهذا الشعر هو العمل المعمول لك, وقد أحضره لي أصحابي الجن من مكان بعيد, ولقد بطل سحرهم بسقوطه في الماء المغلي..ومرت بعد ذلك الايام, ولكن يا لبؤس جعفر الخفاف, اذ لم تعد له أيامه الجميلة, وانطبقت عليه مقولة ضاعت فلوسك يا صابر.
أما صدام وهو بيت القصيد, فمن الثابت أيضا أنه كان لديه طاقم من كبار المنجمين وقارئي الطالع والفنجان والبخت, يستعين بهم في كثير من اموره وخاصة في الكشف عما يخبيء المحيطون به من حرس واقارب في قلوبهم ومن من العسكريين الكبار او العفالقة او حتى عائلته يتآمر عليه ويريد الاطاحة به وما الى ذلك..
ويقال ان احد الاطفال نبغ بشكل منقطع النظير في قراءة الطالع وان لديه طاقة هائلة فاذا وضع كفه على راس مريض شفي في ثوان. فلما سمع به صدام ارسل حشدا من سيارات المرسيدس لاحضاره وجعله تحت الاقامة الجبرية في احدى القصور, ووفر له كل مستلزمات العيش الرغيد ولاهله ايضا واخذ يستشيره بين الفينه والاخرى عما يعتلج في فؤاده المرعوب. واذا لم تخني الذاكرة فقد ظهر هذه الطفل وقد اصبح شابا على احدى القنوات الفضائية الاماراتية بعد سقوط العفالقة فتحدث عن أيامه مع صدام. ولقد ساله المقدم عن مستقبل شارون الذي كان في قمة زهوه وجبروته, فقال انه سيصاب بالشلل وهذا ماحدث فعلا فيما بعد .. ولما سئل ايضا عن مصير العراق بعد سقوط العفالقة قال: سنتان مضطربتان ثم يعود الحكم الملكي للعراق وتهدأ الامور. واليوم نعرف جميعا انه اخطا تماما في عرافته هذه, فويل للعراقين من عرافته في زمن صدام...!!
ولقد استغل صدام معرفة الناس بلجوئه الى السحرة فاشاع انه يحمل على زنده بازبندا يحميه من الاغتيال فاذا جاءته الرصاصة او القذيفة زاغت عنه ولم تصبه بل قيل انه وضعوا له حجرا سحريا في لحم زنده ليقوم له بهذه المهمة. وارعبوا كل المحيطين به او من يفكر من الناس بالتمرد عليه بانه بفضل سحرته سيعرفهم ويلقي القبض عليهم وقد استثمر ذلك ليزرع في قلوب الناس الياس التام بالتخلص منه ومن حكمه حتى جاء امر الله فاذا به وبحكمه ينهار كما ينهار بيت الرمل عندما يضربه موج البحار وكان من اكثر الجاهلين والا لقرا قصة فرعون وسحرته الذين لم ينفعوه وكان من الغارقين.
حامد جعفر صوت الحرية
https://telegram.me/buratha