( بقلم : د.خلود عدنان )
ابتداء لم نجد الكتابة عن جهة ما او واجهة حتى لا تحسب أقلامنا على غير معايير الحيادية والنزاهة وحتى لا تسيس الأفكار و تضعنا في نهاية الأمر في زاوية ضيقة لا يمكن الخروج منها لأنها ستكون داخلة ضمن متبنيات هذا الإطار ولذلك يدفعنا الشعور بالانتماء الى الأرض وانطلاقاً من مبدأ رؤية رؤية الأمور بمنظار الواقعية آثرنا ان ندلي بدلونا في موضوع أثار جدلاً واختلطت فيه الأوراق كثيرا ودعا أكثر من طرف الى تبني خلق فكرة موازنة عقلانية بين الطرفين ومحاولة رأب الصدع وتقليص الشرخ و الفجوة التي بدأت بالاتساع رويداً رويداً خوفا من ان تصل في نهاية الأمر الى مرحلة لا يمكن علاجها ، والى تضليل للحقائق وتزييف للوقائع وسيأتي التاريخ بعد حين برؤيته عما جرى اذا ما نظر اليها بعين منصفة غلب إنتماؤها الوطني على الانتماء الحزبي و القبلي و الطائفي في تحريك أحجار الشطرنج العراقية وهما شريكان لا يمكن تجاهلهما حيث رسخت القاعدة الجماهيرية اسميهما وبدآ ينطلقان وفق ما تحقق من زيادة شعبية لدى هذه القاعدة والمنافسة لكسب أنصار الجهة الأخرى بشتى الوسائل، وكانت الوسيلة الأخيرة هي الحرب الإعلامية بين الطرفين و البحث عن وثائق تدين تلك الجهة او هذه وربما وصل الأمر الى تزييف وتشويه الحقائق واختلاف أكاذيب ما انزل بها من سلطان وهذا الأمر خلاف العقل و المنطق و الأخلاق.
ولكي نقرا الأمور قراءة منصفة يجب ان نضع أمامنا ايجابيات و سلبيات الطرفين حتى يتسنى الحكم بعدها وفق التقدير المنطقي لمكاسب أي طرف بالاعتماد على تاريخه وتوجهه ونظرته المستقبلية وتعامله مع الواقع ومع الجماهير هذه أساسيات لا يمكن إغفالها بأي حال من الأحوال لأنها المقياس السليم لارتفاع او هبوط مؤشر كل طرف ..
المجلس الأعلى تأسس في سبعينيات القرن الماضي بعدما كان التأسيس الأول لحزب الدعوة ليكن البذرة الصالحة الأولى للرفض و الانتفاض على حكم الدكتاتورية وحكم البعث الكافر وضم اليه أنصارا من الداخل و الخارج وهذا النظام لم يكن عشقاً لشخص معين او لمنصب ورتبة بل كان عشقاً للشهادة و القتال من اجل تغيير مفردات أبجدية السيطرة و الاستبداد و الحكم الفاشستي وكان موئلا تهفو اليه النفوس الراغبة بالتغير ومحط رحال المجاهدين ، وكان لقيادتهم الحكيمة و السديدة النصيب الوافر من الإرشاد بالسير نحو الطريق المفضي الى الجنة وأصبح نواة العمل الجهادي و الذراع الضارب لقوى الشر و الطغيان التي هيمنت على صدر العراق لسنين طويلة فعمل جاهداً على غزالة هذا الكابوس المرعب وفتح السحب و الغيوم السوداء لتشرق الشمس ثانية ساطعة بهية وتظهر السماء واضحة جلية
و في المقابل كان تأسيس التيار الصدري بعد سقوط نظام صدام أي بعد ان أصبحت الساحة مفتوحة للجميع ولا يوجد أي ضغط او قوة او خوف تمنع ممارسة العمل السياسي وبعد ان استتب الأمن في أرجاء المعمورة حيث كان نظام الطاغية مصدر إزعاج للجيران ولطالما اعتدى على جيرانه لأكثر من مرة وكان الاستغلال اسم ومرجعية محمد صادق الصدر الأثر الكبير في جذب الناس اليه ،واحضر سكينة ليقطع الكعكة بعد ان نضجت وأصبحت جاهزة للأكل ووجد انه يمكن ان يمارس دوراً في التخطيط ولولا المجلس الأعلى وشعبيته لم ينل هذه المقاعد البرلمانية . فالتيار الوطني الإسلامي هو امتداد للتيار الجهادي ويبني مجده وتقدمه على أسس ثابتة لها تاريخ طويل في الجهاد و النظام بينما التيار الصدري يبني على أساس هش وعمر قصير و التاريخ له كلمة في هذا الموضوع صوته بأنه كفي ميزان حيادية الرؤية فكيف للاين العاق ان يتقدم ابيه و العمر الجهادي شاهد إثبات لا يمكن نفيه .
وأعلنت بدر بعد سقوط النظام بتحويل فيلق بدر الى منظمة سياسية عسكرية وقامت بدمج عناصرها في المؤسسات الحكومية وكان للمؤسسة العسكرية نصيب منها انطلاقا من الرؤية القائلة بعدم أمكانية قيام دولة سلاح او ميليشيا مع دولة قانونية دستورية لأنها ستخلق نوعا من الإرباك وعدم التفاهم واختلاف الرؤى والمفاهيم والأشياء التي يمكن ان تجلب مشاكل كثيرة هي في غنى عنها ، ولذلك قامت الى تحويل عناصرها من ميليشيا مسلحة الى كيان سياسي يحمل القلم والمعول والكتاب بدلا من حمل البنادق والرصاص لأن الزمن الجهادي انتهى بعد سقوط الدكتاتورية المقيتة والحكم الظالم وهاهي تقطف ثمار مل قدمت في تلك السنين الخوالي والابتلاءات الربانية بشئ من الخوف ونقص في الأموال والأنفس وتحملت كل ذلك لتواصل خطواتها رغم ما يزرع من ألغام في طريقها لعرقلة المسيرة نحو النصر وهي الآن تعمل ضمن المؤسسة الحكومية في دوائرها الأمنية والعسكرية لتخدم البلاد وتحميها من الخارجين عن القانون ومن الإرهاب الداخلي والاعتداءات الخارجية . وقام التيار الصدري بتشكيل ميليشيا جيش المهدي تمثل الجناح العسكري للتيار وقام باستعراضات عديدة في أكثر من محافظة لإظهار حجم هذه القوة والتباهي بها وإبراز الآلة العسكرية وعدد المقاتلين ، وضمت هذه الميليشيا عناصر مشبوهة وغير معروفة الولاء والانتماء من قطاع الطرق والخارجين على القانون وخريج بالسجون والقتلة والمجرمين وفدائيي صدام وعناصر المخابرات البعثية ، وكان الإعلان عن التشكيل مثيرا للشكوك ودعي مقتدى الصدر الى الاعتراف بجيش المهدي كمليشيا مسلحة حتى يدخل ضمن المؤسسة الحكومية والعسكرية كما فعلت منظمة بدر لكنه رفض الاعتراف بوجود ميليشيا عسكرية لديه وادعى بان هذا الجيش هو جيش عقائدي ولا يمتلك أي مقومات الميليشيا رغم ما يقترفه من جرائم وأفعال تنم عن عدم الالتزام والسلوك الغير سوي ، وبعد ان استتبت الأمور لم يظهر عنصر واحد من عناصر بدر ويحمل السلاح بينما فعل عناصر جيش المهدي برفعهم السلاح واحترافهم القتل والسلب والقتل وإرعاب الأبرياء وهدم البنى التحتية وإعادة البلاد الى عصور الظلم والانحطاط ، فهنا يجب ان نقرات بينن من يقول لدي قوة ويتباهى بها ويخرج الى الشارع يتحدى الجميع وبين قوة اندمجت مع المؤسسة الحكومية وألقت السلاح لتساهم في البناء ؟
ساهمت منظمة بدر من تأسيسها لمقاتلة النظام الصدامي ومحاربته والفتك بعناصره كونه نظام مستبد مجرم وظالم لقي العراقيون في زمنه إشكال وأنواع العذاب النفسي والجسدي وقام بحرق البيوت وزج الشباب في السجون وجفف الاهوار وهجر ورحل الملايين من العوائل وشرد الآلاف من المدنين بعد الحروب الخاسرة ونتيجة لسياسته القمعية وعاث بالأرض فسادا ، فكانت منظمة بدر او فيلق بدر كما كان يسمى في السابق القوة الشعبية التي وقفت ضده وقارعته طيلة هذه الفترة وساهمت مساهمة كبيرة في إسقاطه إعلاميا من خلال قياداتها في المعارضة العراقية وإسقاطه داخليا من عملياتها الجهادية في اغلب محافظات العراق بل وصلت الى مواقعه الحساسة وأقضت مضجعه وهي لا تبغي من ذلك سوى رضا الله ورضا الشعب دون ان تفكر بثمن لهذه الأعمال . فكان همها هو تحرير العراق من الكابوس البغيض الجاثم على صدره لسنين طويله . بينما كان جيش المهدي يتواطأ مع البعثيين ويقربهم ويضمهم اليه ويجعل لهم الكلمة العليا وقصب السبق في كل شيء ويعطيهم الأولوية في ادراة شأنه ويوفر لهم فرصة العودة الى الحكم ثانية وكان بعدما فشلت مخططاتهم السابقة فوجدوا في تأسيس جيش المهدي قوة جديدة تحقق لهم ما عجزوا عنه طيلة هذه المدة ، كما ان قتال جيش المهدي لم يكن ضد قوة أجنبية بل انه انصب بالصراع مع القوات العراقية وهي قوات شيعية على الغالب حتى ادخل البلاد بحرب من طرف واحد يتقاتل فيها الأخوين بينما ينظر البعثيو ن الى ذلك الأمر من بعيد وهم يضكون و يشمتون لسذاجة تلك العقول ، وبقوا يغذون تلك الأفكار بهذه المعلومات المظللة التي احرقت العراق من الجنوب حتى الشمال وهم لا يريدون ان تقوم للعراق قائمة او ينهض ويصل الى مستوى دول العالم ، فكيف يمكن ان نقارن بين وطنية هؤلاء وبين وطنية من حمل الوطن كالرضيع الصغير وغذاه حتى كبر وحماه بنفسه من المخاطر والأهوال ، يجب ان يكون للوطنية عنوان في مثل هذه الأمور ومنظمة بدر مثلت هذه العناوين خير تمثيل .
على القارئ المنصف ان ينظر الى الأمور بحيادية او يضع موازبن الجهاد والنضال والبرامج السياسية القادمة والواقع الحالي نصب عينية حتى لا تكون الحقائق مشوهة حينها نكون قد وصلنا الى تحقيق الغاية السامية في وضع الامور في نصابها وعدم الطعن وإلقاء التهمخ الفارغة هي دعوة الى من يملكون الضمير الحي .
https://telegram.me/buratha