( بقلم : علي جاسم )
كل مرحلة أو تجربة جديدة وفريدة تتعرض الى معرقلات وتحديات تحاول قدر الامكان ان تعيقها عن تحقيق اهدافها ، وفي كل مرحلة مواطن قوة ومواطن ضعف كونها جديدة من جهة وكونها تحاول ان تغير الماضي القديم وتبني مستقبلا جديدا أفضل من الماضي القديم من جهة اخرى ، وهذا بالطبع سوف يلاقي صعوبات وتحديات جمة يختلف نوعها وشدتها حسب نوعية تلك التجربة والمرحلة الجديدة ، والعراق الذي مر بتجربة جديدة ومرحلة مهمة حاول من خلال المرور بها تغيير واقعه السياسي والديمقراطي السيء وحيث ان هذه الايام هي الذكرى الخامسة لسقوط صنم الديكتاتورية ورمزها الاكبر الذي كان جاثما على صدور العراقيين اكثر من ثلاثين عاما ممثلا لأقسى نظام دموي عرفته البشرية في تأريخها الحديث.
العراق اليوم وهو يطوي السنة الخامسة من المرحلة الجديدة ويعيش في ظل تغييرات المرحلة فأنه قد حقق الكثير من المنجزات الكبرى التي يمكن النظر اليها على الارض بشكل واقعي وليس مجرد كلام يخيم عليه الرونق والزخرفة الشكلية ، فلأول مرة في تأريخ العراق يكون الشعب هو مصدر القرار بحيث أصبحت له الحرية الكاملة في اختيار شكل النظام الذي يريده ويرغبه ويختار الحكومة التي يودها وينسجم معها ويتفاعل معها الى درجة الاصرار على العطاء ومواجهة الصعاب معا ، ولأول مرة يكتب الشعب بيده دستوره ويستفتي عليه لتشكيل حكومة وحدة وطنية ثم يمتلك الشعب ثرواته بنفسه وتتوزع بشكل عادل على جميع محافظات البلد لتبني وتعمر بينما كانت ثرواته تصرف على الزمرة الحاكمة وازلام وقصور النظام الصدامي وحروبه ومغامراته والاسلحة التي أخذت من ميزانية العراق المأخذ الكبير .
العراق ايضا قد شهد ثلاث ملاحم أسطورية كبرى وثورات بنفسجية جماهيرية ستبقى شاهدة وخير ملمح من ملامح التغيير الديمقراطي الجديد وهي الانتخابات تشكيل الحكومة والاستفتاء على الدستور وتكوين البرلمان بعد فوز الائتلاف العراقي الموحد وتوليه رئاسة الحكومة ، وثم استمرار الانجازات من إنجاز كبير الى إنجاز اكبر وأخرها إقرار مجلس النواب ثلاثة قوانين مهمة دفعة واحدة مثّلت قمة التحاور والتشاور الديمقراطي وهي قانون الموازنة العامة للعام الحالي وقانون المحافظات وقانون العفو العام.
ايضا فأن البلد بكافة محافظاته قد شهد حملات اعمار وبناء وتخصيص مبالغ وميزانيات ضخمة لم تشهدها أو تتمتع بها في أي فترة زمنية سابقة وأخذت تتمتع بمقدار كبير من التقدم العمراني وارتفاع المستوى المعاشي والاقتصادي الى مراحل متقدمة ومهمة ، ويضاف الى تطور الحركة العمرانية تطور اخر وفي مجال الحركة الديمقراطية التي غطت المحافظات وتم اختيار ممثليهم في مجالس المحافظات لإدارة شؤونهم وتحقيق مطامحهم في البناء والعمران وبحسب اختيارهم ورغباتهم.
المنجزات العراقية التي تحققت بعد سقوط الصنم كثيرة وما حققه العراقيون بعد عام 2003 م شيء عظيم وكبير وأبرز ذلك كله ان العراق امتلك حريته واستقلاله وان الحرية التي أمتلكها تستحق كل التضحيات التي قدمها الشعب من أجل إرساء معالم الحرية والديمقراطية والسلام في العراق وهو ايضا ما زال مستعدا للتضحية من اجل الحفاظ على منجزاته التي حققها بصبره وجهاده ، وعلى الرغم من ان المواطن العراقي كان يطمح الى أكثر مما تحقق ويرى ان ما تحقق ليس بمستوى طموحه وآماله فأنه يدرك جيدا ان خفافيش الظلام وقوى الشر تحاول ان تعرقل عملية بناء العراق الحر الديمقراطي وتتحين الفرص للإجهاض على منجزاته ، وهذا كله يدركه الشعب ويعرفه تمام المعرفة ، غير ان الذي لا يدركه أعداء العراق ان العراق الجديد لن يرجع الى الوراء وسوف يتخطى الصعاب والتحديات من منطلق ان كل تجربة مهم كان حجمها وامتدادها تواجه مخاطر وصعوبات وانه قد كسب الرهان الذي راهن عليه أعداؤه وحقق ما لم تحققه اكبر بلدان العالم وفي هذه المدة الزمنية القصيرة.
العراق يتقدم بخطوات ثابتة الى الأمام والأعداء فعلوا كل شيء واستخدموا كل وسيلة لثنيه عن عزيمته وإيقاف عجلة تقدمه وهو يتقدم الخطى بإيمان راسخ وإصرار على تطبيق التغيير مع الشعور بأهميته وضرورته لذا فمن حق الشعب ان يفخر بإنجازاته هذه التي معها لا يمكن له ان ينسى التحديات التي تواجهه ، فالديمقراطية وتثبيتها يعني القضاء على الظلم والاستبداد وهو هدف سامي يتربص به أصحاب الفكر الإجرامي والتكفيري وأصحاب العقول المريضة وهذا يعني _أيضا _ ان الشعب بحاجة الى التماسك ورص الصفوف بقوة والتكاتف والقبض بشدة على ما تم إنجازه وتطويره ومعالجة مواطن الضعف وعدم فسح المجال لجميع المتربصين ان ينفذوا بين صفوف الشعب الواحد ومحاولة تعطيل تقدم الشعب نحو اهدافه أو ان يغطي على النتائج المتحققة ويعتم عليها.
https://telegram.me/buratha