( بقلم : سلام عاشور )
قبل ايام صدر عن مقتدى الصدر البيان التالي: (( بسمه تعالى .. ان الاخوة في الجيش والشرطة العراقية الذين سلموا لاخوتهم انما كان طاعة لاوامر مراجعهم وحوزتهم من وازع ديني ووطني ليس الا.. وهذا فخر في الدنيا والاخرة، ومن سنّ سنّة حسنه، فله اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة.. فلذا ادعو الجهات المختصة باعادة في قرار ابعادهم من سلك الشرطة، بل واطالب بارجاعهم بعد تكريمهم على طاعتهم واخلاصهم لدينهم ووطنهم)).. مقتدى الصدر 7 ربيع الثاني 1429، هذا هو نص البيان الذي اثار ذعراً واضطراباً داخل المجتمع العراقي، فدعوة مقتدى الجهات المختصة (اي الحكومة) لتكريم المتخاذلين والجبناء من منتسبي الجيش والشرطة الذين تركوا واجبهم او فروا من وحداتهم او سلموا اسلحتهم للعصابات الخارجة عن القانون يعد سنة سيئة لايمكن القبول بها واعفاء مرتكبيها تحت اي ذريعة ولاي مبرر، ثم ماذا فعل هؤلاء المتخاذلين الذين فروا من الواجب العسكري حتى يطلب مقتدى الصدر تكريمهم؟!
ان الجزاء العادل على وفق القوانين العسكرية هو طرد كل جندي او شرطي يهرب من ارض المعركة او يلتحق بالعدو او يتخاذل امامه مستسلماً ومحاكمته والقوانين المشار اليها لم تكن عراقية، بل هي قوانين واعراف عالمية فهل يمكن ان تغيّر دول العالم قوانينها العسكرية لتماشي بيان مقتدى الصدر؟ وفي حال قبلت الدول بفتوى (سماحته) فانه لم يعد هناك ضبط ولاربط في الجيش والشرطة ، مما يستدعي الغاءها لانهما لم يعودا ذا فائدة في وقت يتعرض فيه وطنهما ومجتمعها الى عدوان اياً كان هذا العدوان، خارجياً او داخلياً من قبل عصابات مافوية اجرامية!.
ولقد جاء في بيان مقتدى الصدر ان المتخاذلين والهاربين من صفوف الجيش والشرطة والملتحقين بالعصابات الاجرامية الخارجة عن القانون انما هو ((طاعة لاوامر مراجعهم وحوزتهم من وازع ديني ووطني ليس الا...))، فأي مرجعية دعتهم الى الفرار من واجبهم الوطني والعسكري؟ واي حوزة افتت بتكريم المتخاذلين؟ ومتى صدر بيان المرجعية اذا كان فعلاً قد صدر مثل هذا البيان او الفتوى، علماً بان مقتدى قد صرح اثناء معارك القوات الامنية العراقية ضد العصابات الاجرامية على جيش المهدي ان يعود الى رأي المرجعية.. وحتى يومناً هذا لم يصدر عن المرجعية بياناً او نداءً يجيز للعصابات الاجرامية مقاتلة القوى الامنية، بل ان مقتدى الصدر نفسه دعا جيش المهدي الى عدم مقاتلة الجيش والشرطة وتبرأ ممن يخالف امره هذا.. فاين هي الجهة التي منحت جيش المهدي (بركاتها) لقتل افراد القوات الامنية العراقية.. واي حوزة اجازت لجيش المهدي الخروج عن القانون وانتهاك كرامات العراقيين ومقدساتهم ومالهم واعراضهم!. واية طاعة قام بها هؤلاء القتلة واللصوص حتى يكرموا قبل اعادتهم، اذا كان مقتدى هو وليس غيره دعاهم الى وقف القتال، ومعنى امره بذلك هو ان جيش المهدي قد انتهك القانون والا لما تبرأ (سماحته) ممن يواصلون قتال الجيش والشرطة العراقية.
مثل هذه البيانات المتناقضة لاتخدم العراق وطناً وشعباً وهي تحرض على انتهاك القوانين العسكرية اذا كان القتال لصالح حزب او ميليشيا مثل جيش المهدي!! فمقتدى الصدر هنا فضل مصلحة فئة معينة على مصلحة الوطن الذي يفترض بكل شرطي او جندي ان يستميت بالدفاع عنه. انها سابقة خطيرة يدعو اليها مقتدى الصدر لم يسبقه اليها احد، ولا اظن ان احد بعده سيفتي بتمزيق المؤسسات التي تحمي الوطن والمواطن.. وانا لله وانا اليه راجعون.
https://telegram.me/buratha