( بقلم : حامد جعفر )
عدد من سيارات المرسيدس الفخمةالمظللة تظهر في بداية شارع كورنيش الاعظمية القريب من المقبرة الملكية وهي تسير الهوينا, و قد انتشر رجال المرور وهم يتراكضون و مجرمو الامن , و قطعت كل الطرق المؤدية الى شارع الكورنيش . في احدى هذه السيارات تجلس شقراء الشعر و لكن وجهها أسود مزرق رغم كل مساحيق التجميل و الحمرة و البوطرة التي و ضعتها وصائفها المتخصصات عليه. بحانبها تجلس منال الالوسي رأيسة ماشطاتها وصيادة الحسناوات لفحول عائلتها و أقاربها و أحيانا لزوجها و هذا ما يزعحها, وقد برزت شامتها الكبيرة على خدها و جحضت عيناها لارتباكها, وهي تهمس في أذن سيدتها وولية نعمتها و تشير بسبابتها الى نهر دجلة وكورنيش الاعظمية الاخضر , الذي تنتشر فيه الازهار و تظلله الاشجار و يحمل نسيمه عبير النهر الخالد. كانت هذه الشمبانزي الملونة سجودة , سيدة نساء الرفاق الاولى , وسارقة مليارات العراقيين بعد سقوط حكم العفالقة الحرامية بلا زيادة و لا نقصان... كانت مقلتاها البارزتان تلتهمان الشاطيْ الجميل بخبث و طمع كبير و كأنها تستكثر على الانسان العراقي البسيط , المالك الحقيقي لهذا الكورنيش, أن يقضي بعض سويعاته ليريح أعصابه التي يوترها زوجها الطاغية في كل يوم كما يوتر عازف العود أوتار اّلته قبل العزف عليه, مع الفارق الكبير بين الشخصين... ثم أومأت للسائق فضغط على دواسة البنزين و أعطى أمرا لاسلكيا للسيارات الاخرى المرافقة بالاسراع. لم تمض سوى ثوان حتى اختفت سيارات الشبح كما يختفي الشبح.بعد هذه الزيارة المشؤومة بأيام انتشر رجال الامن في بداية الكورنيش الذي كان يحتضن المتنزهين والمطاعم المتنقلة و عربات الاّيس كيريم , فنفر الناس من المكان كما تنفر الحمامة عندما ترى الطيور الجارحة.. و لم تمض سوى أيام أخرى حتى ظهر عمال البناء و المهندسون , و بدأ الحفر و قلع الاشجار و صب الكونكريت. و شيئا فشيئا بني قصران بلون الكحل مرعبان , لا يعرف أحد ماذا يخبيء في داخلهما. ولقد قيل أن أحدهما لسجودة و الاخرى لابنتها , و قيل بل هما يخفيان سجنا رهيبا تحت الارض, و قيل وقيل.
اليوم ليس هذا مهما بعد رحيل العفالقة, ولكننا سمعنا أن حكومتنا قد قررت اعادة كورنيش الاعظمية الى سابق عهده الجميل , بيد اننا نتساءل ماذا بشاْن هذين القصرين الذين يشكلان قناعا قذرا على وجه هذا الكورنيش المظلوم .أما حانت ساعة رفع الظلم عنه..؟؟ نحن نرى أن هذا الكورنيش لن يستعيد عافيته الا برفع مخلفات سجودة الجاثمة على صدره , و نطلب من حكومتنا , كما أزالت أصنام الطاغية و أعوانة, أن تزيل هذه القبور القصرية ليشرق ثغر دجلة الباسم محييا من جديد كل مرتاديه من أهله العراقيين..
حامد جعفر
صوت الحرية
https://telegram.me/buratha